قالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني العالمية، إن مصر تواجه تصاعداً في مخاطر الائتمان مع الانخفاض المستمر في رصيد العملات الأجنبية وزيادة مخاطر المدفوعات، مشيرة إلى سعي الحكومة لبيع حصصها في شركات قائمة لدول الخليج للحصول على موارد مالية في شكل استثمارات مباشرة كبديل عن التمويلات المؤقتة.
وتوقعت موديز، في تقرير لها، أن يختار صانعو السياسات النقدية في مصر مساراً تدريجياً لخفض قيمة العملة المحلية بدلاً من الخفض الحاد لتجنب تفاقم معدلات التضخم بشكل عام، حيث تعاني البلاد من تضخم في أسعار الغذاء الذي سجل أكثر من 22% خلال عام حتى يوليو/ تموز الماضي.
لكنها أشارت إلى أن فعالية هذا المسار ستعتمد على استمرار تدفقات التمويل الواردة من دول مجلس التعاون الخليجي والمصادر الرسمية الأخرى من أجل درء حلقة مفرغة يقودها خروج رؤوس أموال من البلاد، وانخفاض قيمة العملة، والتضخم، وارتفاع تكاليف الاقتراض المحلي والخارجي، وخدمة الدين.
وبحسب موديز فإن أموال دول مجلس التعاون الخليجي من احتياطيات النقد الأجنبي السائلة لدى البنك المركزي بلغت نحو 25.9 مليار دولار بنهاية يوليو/ تموز الماضي. وتعادل هذه الأموال نحو 78.15% من إجمالي احتياطي النقد الأجنبي، إذ أظهرت بيانات صادرة عن البنك المركزي المصري في وقت سابق من أغسطس/آب الجاري، بلوغ الاحتياطي النقدي 33.14 مليار دولار في نهاية الشهر الماضي، مقابل 40.93 مليار دولار في نهاية ديسمبر/كانون الأول 2021، بانخفاض بلغت نسبته 19%.
وقالت وكالة التصنيف الائتماني، إن سياسة خفض سعر الجنيه تدريجياً لا تخلو أيضا من المخاطر، حيث إن سياسة سعر الصرف غير المرنة يمكن أن تزيد من تأخير الاتفاق على برنامج جديد لصندوق النقد الدولي واستعادة الوصول إلى أسواق الدين العالمية.
وخسرت العملة بالأساس أكثر من 21% من قيمتها في نحو خمسة أشهر فقط، إذ تراجعت إلى نحو 19.1 جنيها للدولار حالياً، مقابل نحو 15.7 جنيها للدولار نهاية مارس/آذار الماضي.
وتوقعت موديز رؤية مستقبلية سلبية للتصنيف الائتماني المصري، لافتة إلى أن تعيين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حسن عبد الله محافظاً للبنك المركزي بالوكالة خلفاً لطارق عامر الذي تنحى عن منصبه قبل أيام، جاء بالتزامن مع تغييرات أوسع في الحكومة وهو ما يشير إلى إعادة ضبط السياسة وسط تصاعد مخاطر الائتمان.
وبالتزامن مع المخاطر المالية تواجه مصر ضغوطاً اجتماعية مع تصاعد الغلاء الناجم عن تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا منذ نهاية فبراير/شباط الماضي. وأقدمت الحكومة على رفع أسعار العديد من السلع والخدمات، لكن وزير التموين على المصيلحي قال للصحافيين على هامش مؤتمر صحافي في القاهرة، أمس الاثنين، إن دعم الخبز مستمر وصندوق النقد الدولي يتفهم صعوبة الاقتراب من هذا الملف حالياً.
واشترت مصر، إحدى أكبر مستوردي القمح في العالم، في السنوات الماضية معظم وارداتها من القمح عبر البحر الأسود، لكنها سعت إلى تنويع مصادر الاستيراد في أعقاب الاضطرابات الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا.