فرض البنك المركزي المصري حظراً مفاجئاً على جميع التعاملات الدولية للبطاقات البنكية مسبقة الدفع، إذ وجّهت البنوك المحلية رسالة لعملائها، عبر رسائل نصية على الهواتف، خلال الساعات الماضية، لإخطارهم بتعليمات البنك المركزي، وإلزامهم اتباعها داخل البلاد وخارجها.
تسببت الرسائل في حالة ارتباك بين حاملي البطاقات، خاصة بين العاملين في قطاع السياحة والطيران والتسويق، والمشتريات عبر الإنترنت، الذين يستخدمون البطاقات التي تروج لها الحكومة في إنهاء مشترياتهم، من الشركات الدولية والمحلية التي تستورد منتجات وخدمات من الخارج.
واكبت التعليمات توجيهات متكررة من البنوك بخفض المخصصات المالية النقدية التي تسحب عبر بطاقات الائتمان بالعملة الصعبة خارج البلاد، ومنع حامليها من شراء الذهب وفحص البطاقات، عقب عودة المسافرين المستخدمين لبطاقاتهم، للتأكد من سفرهم، وعدم تعامل آخرين على الشراء بالخارج.
أرجع محللون ماليون قرار البنك المركزي إلى رغبته في وقف سحب أية أموال عبر بطاقات الدفع المسبق، مع تحجيم السيولة المتوافرة لحاملي بطاقات الائتمان البنكية، نظرا لشح الدولار لدى البنوك. تحصل البنوك على عمولة لتوفير الدولار لحاملي البطاقات ترفع سعره من 31 جنيهاً داخل البنوك إلى مستويات تعادل السوق السوداء.
أكد محللون أن القرار يستبق تعويماً جديداً للجنيه، مقابل الدولار والعملات الرئيسية، أسوة بما اتخذه البنك المركزي العام الماضي، عندما خطط لتعويم الجنيه للمرة الثانية والثالثة خلال الفترة من سبتمبر/ أيلول 2022 إلى يناير/ كانون الثاني 2023، عندما حجّم استخدام بطاقات الائتمان البنكية في المشتريات ومنع السحب النقدي إلا في حدود متدنية للغاية.
أشار محللون إلى انخفاض احتياطي البنوك من النقد الأجنبي "الكاش" إلى 26.5 مليار دولار، في إبريل/ نيسان 2023. أوضح المحللون أنه رغم ارتفاع صافي الاحتياطي النقدي السائل بالبنوك بنحو 10.1 مليارات دولار عن يناير/ كانون الثاني 2022، متأثراً بزيادة تدفقات قطاع السياحة والخدمات، إلا أن هذه الفترة شهدت زيادة في التزامات الحكومة وتآكلاً في صافي الأصول الأجنبية بالنظام المصرفي من 6.9 مليارات دولار إلى 15.6 مليار دولار، تمثل مستحقات مستثمرين وجهات دولية، واجبة السداد، قبل نهاية يونيو/ حزيران الجاري.
يرجع محللون رغبة المركزي في تقليص الطلب على الدولار، في إطار سياسة ينتهجها لتوفير المزيد من حصيلته الدولارية، لمواجهة تحديات تعويم جديد للجنيه، الذي قام بتثبيت سعره بالبنوك منذ نحو شهرين عند 31 جنيهاً للدولار، بما يخالف اتفاقه مع صندوق النقد الدولي، حول تطبيق سعر صرف مرن للعملة بالبنوك.
استشهد خبراء بعدم صرف الحكومة مستحقات شركات البترول والغاز التي بلغت 6.5 مليارات دولار لشركة "إيني" الإيطالية للغاز و650 مليون دولار لشركة القلعة قيمة مستحقات بيع البنزين والسولار للدولة، وصفقة شراء 210 أطنان من القمح الروسي، يوم أمس.
واستشهد محللون بتقرير أصدره بنك "كريدي سويس" حول توقعاته السلبية عن الاقتصاد المصري، خلال الأيام المقبلة، مرجحاً تخفيض الجنيه ليواكب السعر الحقيقي في السوق الموازية التي تزيد 30% عن السعر المعلن بالبنوك، ليصل إلى نحو 45 جنيها للدولار.
أكد "كريدي سويس" أن التراجع الكبير في سعر صرف الجنيه خلال الشهرين الماضيين، أدى إلى فجوة بين سعر البيع الذي كانت تخطط له الحكومة، وأن نظرته المحايدة بالنسبة لمصر التي ظل عليها حتى ديسمبر 2022، تحولت إلى سلبية منذ فبراير الماضي، بما يعمق رؤيته السلبية ويزيد القلق.
توقع التقرير أن يظل التضخم مرتفعا خلال الفترة المقبلة، متأثرا بالتراجع الحقيقي في سعر الجنيه وقيمة الدولار، مع زيادة التضخم، وتأخير عمليات الإصلاح الاقتصادي، والاتجاه الصعودي طويل الأجل للجنيه، خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، ليتراوح ما بين 45 و50 جنيهاً للدولار، فيما عدل توقعاته للسعر خلال 12 شهراً إلى ما يتراوح بين 33 و34 جنيهاً للدولار، بما يضيف علاوة بين 25% إلى 30% فوق سعر الصرف الفعلي الحقيقي، مشترطا نحاج الحكومة في الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد.
يرى محللون أن تخفيضا جديدا للجنيه أصبح أمرا لا مفر منه، بالنظر إلى التشوهات الظاهرة في الميزانية العامة، والتراكم المستمر في القروض وتصاعد خدمة الدين العام الخارجي والمحلي، ومخاطر صعود قيمة الدولار والفوائد على الدولار والعملات الصعبة الرئيسية، بينما تشتد حاجة الحكومة إلى النقد الأجنبي، وأوضاع اقتصادية هشة تثير قلق مؤسسات التصنيف الدولية في عدم قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية.
شجعت البنوك عملاءها خلال السنوات الثلاث الماضية على التوسع في استخدام بطاقات بنكية مسبقة الدفعة لكافة المواطنين، دون تحصيل أي رسوم إدارية، بهدف التوسع في الدفع الإلكتروني وفقا لتعليمات البنك المركزي. نشرت البنوك بطاقات لا تلامسية، أثناء انتشار وباء كورونا، وشجعت على السداد الالكتروني للمشتريات أو الفواتير لدى البنوك والجهات الدولية، والتجار المحليين حائزي ماكينات البيع بنظام "POS" أو عبر الإنترنت من داخل أو خارج البلاد.
أصدرت 3 شركات بطاقات "ميزة" وهي أول بطاقة مصرية محلية، و"فيزا" الدولية، و"ماستر كارد" المحلية فقط. نقلت الصحف المحلية تصريحات لإيهاب نصر وكيل محافظ البنك المركزي، يبين أن نقاط البيع الإلكترونية بلغت نحو 136 مليار جنيه عام 2021. تصل حدود المشتريات 15 ألف جنيه لبطاقات فيزا وماستر كارد ترتفع إلى 50 ألف جنيه لمشتريات "ميزة" شهريا.
ويتم شحن البطاقات، بحد أقصى 15 ألف جنيه للشحنة، عبر ماكينات الصرف الآلي للبنوك، ويتم السحب النقدي على مدار 24 ساعة من ماكينات الصرف بالبنوك من دون أي عمولة أو غرامة.