أعلن بنكا الأهلي ومصر طرح شهادتي ادخار، بعائد 23.5% شهرياً، و27% سنويّاً، لمدة عام واحد، مع بدء طرح الشهادتين على الموقع الإلكتروني للبنكين، بداية من غداً الجمعة، وفقاً لمصادر مسؤولة.
وقالت المصادر إن شراء الشهادات سيكون متاحاً من فروع البنكين اعتباراً من يوم الاثنين المقبل.
وفي الوقت الذي تستحق فيه الشهادات التي جرى الاكتتاب فيها في 4 يناير 2023 بدءاً من الاثنين المقبل، انتظر المصريون خطوة البنوك المصرية لسحب السيولة العائدة إلى الأسواق، من خلال طرح شهادات جديدة بعوائد مماثلة أو أعلى.
ويسعى البنك المركزي المصري، من خلال ذراعيه، البنك الأهلي وبنك مصر، أكبر بنكين حكوميين، لتشديد السياسة النقدية في البلاد، من خلال رفع أسعار الفائدة وسحب السيولة من الأسواق، في محاولة لكبح جماح التضخم، الذي تجاوز 40%، وفقاً لبيانات حكومية رسمية.
ويمثل رفع الفائدة أيضاً إحدى أدوات البنك المركزي للدفاع عن العملة المصرية، التي تراجعت قيمتها بشدة في السوق الموازية، خلال الأشهر الأخيرة، متجاوزة مستوى 50 جنيهاً للدولار، بينما استقر السعر الرسمي في البنوك عند مستوى يدور حول 30.90 جنيهاً.
وعلى مستوى السعر الرسمي، فقدت العملة المصرية 50% من قيمتها في ما يقرب من 12 شهراً، هي الفترة من مارس/آذار 2022 والشهر نفسه من العام التالي، بينما يسجل سعر السوق الموازية تراجعاً إضافياً يقدر بنحو 35% من السعر الرسمي الحالي.
وتمثل معدلات الفائدة المرتفعة على الجنيه المصري تكلفة فرصة بديلة يدفعها مفضلو حيازة العملة الخضراء، من الراغبين في التخلي عن الجنيه المصري. وأظهرت تصريحات للعديد من كبار المستثمرين في مصر، كما تراجع تحويلات المغتربين بنحو 30% العام الماضي، تزايد عمليات الدولرة بصورة واضحة في البلاد.
وتعاني مصر من نقص شديد في النقد الأجنبي منذ بداية عام 2022، وبالتزامن مع بدء ارتفاع معدلات الفائدة الأميركية، وخروج نحو 22 مليار دولار من الأموال الساخنة.
واقترضت مصر من الدول الخليجية عدة مليارات من الدولارات، وأعلنت نيتها تسريع برنامج خصخصة، يسمح لها ببيع حصة الحكومة في العديد من الشركات الناجحة العاملة في مصر، إلا أن الأزمة واصلت تفاقمها.
وأقرّ صندوق النقد الدولي، في ديسمبر/كانون الأول 2022، اتفاقاً بمنح مصر تسهيلاً ممدداً، بقيمة ثلاثة مليارات دولار لمدة 46 شهراً، وقال إنها ستحفز تمويلاً إضافياً يبلغ حوالى 14 مليار دولار، من الدول الخليجية.
وأتاح القرار صرف دفعة فورية بقيمة 261.13 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (أي ما يعادل 347 مليون دولار) للمساعدة في تلبية احتياجات ميزان المدفوعات ودعم الموازنة، إلا أن الدفعتين الثانية والثالثة تعثرتا، بسبب تأخر مصر في تنفيذ تعهداتها للصندوق، والخاصة بتحرير سعر الصرف، وتسريع تخارج الحكومة المصرية، بما فيها الكيانات التابعة للجيش، من الاقتصاد المصري.
وأطلقت الحكومة أخيراً العديد من المبادرات بسبب أزمة نقص الدولار، ومنها التوسع في الاقتراض من الخارج، وتيسير إجراءات استيراد السيارات من الخارج للمغتربين، وتسوية الموقف التجنيدي لهم، مقابل سداد عدة آلاف من الدولارات، إلى جانب طرح أكبر بنكين حكوميين شهادات دولارية بفوائد عالية.
وأخيراً، أقرّ مجلس النواب المصري إجراءات شراء الأجانب للعقارات والأراضي من دون التقيد بعدد محدد منها، بهدف جذب المزيد من العملة الأجنبية.
وقالت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية هذا الأسبوع، إن الدين الخارجي للحكومة تراجع بنحو مائتي مليون دولار إلى 164.5 مليار دولار في آخر سبتمبر/أيلول الماضي وهي نهاية الربع الأول من العام المالي الحالي 2023/2024، من 164.7 مليار دولار في آخر يونيو/حزيران نهاية العام المالي 2022/2023.
واستهل المصريون العام الجديد بمواجهة سلسلة ارتفاعات في الأسعار، حيث رفعت شركات الاتصالات أسعار خدمات الإنترنت بنحو 33% تقريباً، كذلك ارتفعت أسعار الكهرباء بنسب تراوح بين 16% و26%.
وقال مسؤولون بمحطات قطارات الأنفاق إن وزارة النقل رفعت أسعار تذاكر مترو القاهرة بما يصل إلى 20%، وزادت أسعار تذاكر رحلات القطارات بمعدلات أكبر.
وقال مسؤول في وزارة المالية المصرية أمس الأربعاء، إن الارتفاعات الجديدة في أسعار الكهرباء وعدد من الخدمات تُعَدّ جزءاً من الإصلاحات الهيكلية التي تجريها الحكومة للمساعدة في سدّ عجز الموازنة، استجابة لشروط صندوق النقد الدولي.
وأضاف المسؤول الذي لم يذكر اسمه أن المناقشات مع صندوق النقد الدولي وصلت إلى "مرحلتها الأخيرة"، وقد تركزت أساساً على قدرة الحكومة على تنمية الإيرادات، وخفض عجز الموازنة، وضبط سعر الصرف. وأشار إلى أنّ من المتوقع أن يتوصل الجانبان إلى اتفاق خلال الربع الأول من العام، بما قد يسمح بزيادة المبلغ الذي يقدمه الصندوق إلى مصر.