تسعى ليبيا عبر التوسع في الإنفاق الحكومي بموازنة مقترحة تقدر بنحو 96.2 مليار دينار (نحو 21.5 مليار دولار) لتحسين المستوى المعيشي بعد سنوات من التقشف، والمساهمة في المشاريع التنموية للخروج من الركود الاقتصادي. وفي المقابل طالب خبراء اقتصاد بضرورة تخفيض حجم الموازنة المقترحة.
وقال عضو اللجنة المالية بمجلس النواب، عبد المنعم بالكور، في تصريحات لـ"العربي الجديد" إن هناك مطالبة بتخفيض حجم الموازنة العامة بنسبة 15%، مضيفاً أن الموازنة قُدمت بعجالة من قبل حكومة الوحدة الوطنية ونحتاج إلى تفاصيل بشأن كيفية صرف الأموال.
ورأى عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الدولة الاستشاري، علي السويح، أن الموازنة عشوائية، موضحا لـ"العربي الجديد" أنه لا توجد معايير يمكن الاستناد إليها في صرف الأموال. ودعا إلى ضرورة التركيز على ملف جانحة كورونا، ودعم الشبكة العامة للكهرباء.
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة مصراتة، مختار اجديد، إن الحكومة أطلقت يدها في التوسع بالإنفاق العام دون قراءة المؤشرات الاقتصادية، إذ إن سعر الصرف المرتفع لن ينخفض خلال العام الحالي، مما تسبب في زيادة معاناة المواطنين. ودعا إلى ضرورة تقليص الإنفاق العام والاستمرار في سياسة التقشف لتقوية الدينار الليبي. من جانبه، أكد المحلل الاقتصادي، على الصلح، أن هناك ميزة لموازنة العام الحالي بشأن التركيز على مشاريع التنمية بنسبة كبيرة بخلاف السنوات السابقة.
وقال الصلح لـ"العربي الجديد" إن سعر الصرف الموحد غير متناغم مع السياسات المالية والاقتصادية وموازنة العام الحالي لا توجد بها سيناريوات في حال انخفاض أسعار النفط عالميًا.
ويعتمد الاقتصاد الليبي على القطاع النفطي اعتمادًا كليًا في تسيير النشاط الاقتصادي، إذ تساهم صادراته بما لا يقل عن 96% من إجمالي الصادرات الكلية للبلاد، كما أن إيراداته تساهم بتمويل ما يقارب 90% من إجمالي الإيرادات العامة، حسب بيانات رسمية. وحدد مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي سعر صرف موحدا جديدا في أنحاء البلاد عند 4.48 دنانير للدولار الواحد بدلا من السعر القديم (1.4) دينار، بتخفيض قيمة العملة بنحو 70%. واستغرب المحلل المالي، سالم حميدان، المطالبة بتعديل سعر الصرف من جانب واحد وبدون تنسيق مع السياسات الاقتصادية والمالية.
وأضاف في حديثه لـ"العربي الجديد" أنه في علم الاقتصاد، يهتم الباحثون بالقيم الحقيقية الثابتة حيث نأخذ في الاعتبار عامل التضخم ولا تعتبر الأسعار الجارية محل دراسة أو مقارنة لأنها تعطي أرقاما مغلوطة وغير صحيحة وهذا ما ينطبق على الميزانية العامة. وقال: إلا أن الاقتصاد الليبي تجاوز فيه الدين العام (المحلي) الحدود المقبولة حيث وصل الدين العام إلى أكثر من 200% من الناتج المحلي الإجمالي وبالتالي وقعنا في مأزق مالي.
تعتمد ليبيا على القطاع النفطي في تسيير النشاط الاقتصادي، إذ تساهم صادراته بما لا يقل عن 96% من إجمالي الصادرات الكلية للبلاد
وبعد سنوات من الحرب، دخلت البلاد مرحلة جديدة بتعيين حكومة مؤقتة نالت ثقة البرلمان في 10 مارس/ آذار الماضي.
وعلى صعيد توحيد المؤسسات الحكومية، قال رئيس مجلس التخطيط العام، مفتاح حريز، إن عملية دمج المؤسسات بين الحكومتين تسير بشكل طبيعي، وهناك ما يقرب من 145 مؤسسة موحدة.
وأشار إلى أن هناك تعاونا بين الطرفين وحاليًا يقرب 35 ملفا في هذا الصدد من الانتهاء. ومن جانبه، أكد وكيل وزارة الصناعة بحكومة الوحدة الوطنية، فتحي الهاشمي، لـ"العربي الجديد" أنه خلال أسبوع، سيتم دمج وزارة الصناعة بين حكومتي طرابلس والبيضاء بشكل كامل، بالإضافة إلى وزارة الاقتصاد.