لم يكتف مجلس المنافسة في المغرب بتغريم شركات المحروقات التي خرقت قانون حرية الأسعار والمنافسة، بل دفعها إلى التعهد باحترام قانون العرض والطلب، ما سيجعل مستهلكين يراقبون مؤشر أسعار البنزين والسولار في الفترة المقبلة ومدى وفاء الشركات بالتزاماتها.
وستدفع تسع شركات للمحروقات ومنظمتها المهنية غرامة حددت بقيمة 184 مليون دولار في إطار اتفاق تصالحي، بعدما اتهمها مجلس المنافسة بارتكاب مخالفات منافية لقانون حرية الأسعار والمنافسة، الذي يمنع الأعمال أو الاتفاقات أو التحالفات، التي يكون الهدف منها عرقلة المنافسة أو الحد منها أو تحريفها.
وتم التوصل إلى ذلك الاتفاق بعد شكاية من اتحاد النقابة الوطنية لمهنيي النقل الطرقي، التابع للكونفيدرالية الديمقراطية للشغل، يتظلم فيها مما يعتبرها ممارسات منافية للمنافسة في سوق توزيع الوقود من طرق الشركات العاملة في القطاع، وهو ما دفع المجلس إلى فتح تحقيق في الموضوع. ويمنع قانون حرية الأسعار والمنافسة في المغرب الممارسات الهادفة إلى الحد أو منع شركات أخرى من دخول السوق، أو عرقلة تكوين الأسعار من طريق الآليات الحرة للسوق، أو مراقبة الإنتاج، أو الاستثمارات، أو التقدم التقني، أو اللجوء إلى تقسيم الأسواق أو مصدر التموين أو الصفقات العمومية.
ويتطلع المستهلكون إلى أن يفضي تغريم شركات المحروقات التسع إلى أن تعكس أسعار البنزين والسولار قانون العرض والطلب، بعدما كانت تلك الشركات في مرمى الانتقادات لارتكابها ممارسات تخالف قانون حرية الأسعار والمنافسة.
والتزمت الشركات التي طاولتها الغرامة بإعداد وإرسال وضعية مفصلة لمجلس المنافسة، بهدف اطلاعه من قبل كل شركة معنية على وضعية نشاط التموين والتخزين وتوزيع السولار والبنزين، مع إمدادها كل ثلاثة أشهر بالبيانات المتعلقة بالمشتريات والمبيعات الشهرية للمحطات التابعة لكل شركة ومستويات المخزون.
وتعتبر الجبهة الوطنية للدفاع عن مصفاة سامير، أن الغرامة التصالحية لم تستحضر الضرر الذي لحق بالمستهلكين بفعل ارتفاع أسعار المحروقات بعد تحريرها، في سياق متسم بغياب شروط التنافس وتوقيف مصفاة سامير.
ويرى الكاتب العام لنقابة البترول والغاز التابعة للكونفيدرالية الديمقراطية للشغل ومنسق الجبهة الوطنية للدفاع عن مصفاة سامير، الحسين اليماني، أن سعي الشركات للحصول على تسوية تصالحية وقبولها بأداء الغرامة يعكس اعترافا منها بارتكاب مخالفات تضر بمصالح المستهلك، منذ تحرير أسعار البنزين والسولار منذ ثمانية أعوام.
ويعتبر في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه كان يفترض إذا أخذت أسعار النفط في السوق الدولية الحالية بعين الاعتبار وتكاليف التكرير والضريبة وأرباح الشركات، أن يصل سعر السولار مثلا في السوق إلى 11.7 درهما، غير أن السعر الحالي في محطات الوقود يبلغ 13.8 درهما للتر الواحد.
ويتصور اليماني أنه بالموازاة مع تتبع ما إذا كانت الشركات ستحترم تعهداتها، يتوجب، في تصوره، التوجه نحو إلغاء تحرير أسعار السولار والبنزين وخفض الضرائب التي تصيب المحروقات، مع العمل على عودة التكرير عبر مصفاة سامير المتوقفة منذ ثمانية أعوام.