يُرتقب أن تعقد الحكومة في الأيام المقبلة، اجتماعا مع الاتحادات العمالية، من أجل مناقشة مراجعة الضريبة على الدخل التي تصيب، بشكل خاص، الموظفين وأجراء القطاع الخاص، الذين يعتبرون الأكثر مساهمة في إيرادات تلك الضريبة، في سياق متسم بتراجع القدرة الشرائية والتضخم.
ويأتي اللقاء المرتقب بين الوزير المنتدب المكلف بالموازنة فوزي لقجع والاتحادات العمالية، قبل حوالي شهر من الموعد الذي يفترض أن تعرض فيه الحكومة مشروع قانون مالية العام المقبل على البرلمان، الذي يتوجب عليه النظر فيه والتصويت عليه كي يبدأ العمل به بداية العام المقبل 2023.
وجرت العادة على أن تتلقى الحكومة مطالب رجال الأعمال عبر الاتحاد العام لمقاولات المغرب الفيدراليات المهنية، حيث يسعون إلى الحصول على بعض التحفيزات التي تخدم مصالحهم، بينما لم تعتد النقابات على مطالبها قبل إعداد موازنة العام كي تؤخذ بعين الاعتبار عند تقديمها.
وقد ارتأت الحكومة دعوة الاتحادات العمالية للاجتماع مع وزير الموازنة، بعدما عبرت تلك الاتحادات في آخر لقاء مع رئيس الحكومة عزيز أخنوش، عن تطلعها إلى مراجعة الضريبة على الدخل، بما يخفف الضغط عن الموظفين والأجراء ويساعدهم على تحسين قدرتهم الشرائية.
وصرح الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، عقب انعقاد مجلس الحكومة الأسبوع المنصرم، بأنه تم الاتفاق خلال الجولة الثانية من الحوار الاجتماعي على مراجعة الضريبة على الدخل، مؤكدا أن إصلاح تلك الضريبة يستحضر الصعوبات على مستوى القدرة الشرائية، حيث إن المراجعة ستساهم في رفع أجور الملزمين.
ويطالب الاتحاد المغربي للشغل بخفض الضريبة على الدخل، خاصة في الجانب الذي يمس الأجور، على اعتبار أن تلك الضريبة يفي بها الأجراء دون تهرّب أو تملّص، حيث تصل في شريحتها العليا إلى 38 في المائة.
والتقى اتحاد الكونفدرالية الديمقراطية للشغل مع الاتحاد المغربي للشغل في مطلب الزيادة العامة للأجور ومراجعة الضريبة على الدخل، باعتباره إجراء استعجاليا بعد التطور الإيجابي للمؤشرات المرتبطة بالمالية العامة والاقتصاد الوطني وفي ظل تدهور القدرة الشرائية للعاملين والمأجورين، بسبب الغلاء وارتفاع أسعار المواد الأساسية والوقود وارتفاع نسبة التضخم.
وتستحضر الكونفدرالية تحسّن الإيرادات الجبائية للدولة، حيث أفادت وزارة الاقتصاد والمالية، بأن الإيرادات الجبائية زادت حتى أغسطس/آب الماضي بنحو 2.76 مليار دولار، أى بحوالي 19.8 في المائة، وارتفعت إيرادات الضريبة على الدخل بنحو 180 مليون دولار، وهي زيادة ساهمت فيها إيرادات الضريبة على الأجور بنحو 160 مليون درهم.
ويعتبر الخبير الجبائي محمد الرهج، أن الأُجراء والموظفين يعتبرون الأكثر التزاما بالوفاء بالضريبة على الدخل، حيث تُقتطع من المنبع، وتمثل ما بين 60 و70 في المائة من إيرادات الدولة الضريبية، بينما تمثل الضرائب العقارية والفلاحية والصناعية نحو 30 في المائة من تلك الإيرادات.
ويرى، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه بينما تصل نسبة الضريبة التي تصيب الأجور في حال وصلت إلى حدها الأقصي إلى 38 في المائة، فإن دخولا أخرى تخضع لنسب ضريبية لا تتجاوز عشرين في المائة، داعيا إلى نوع من المساواة على مستوى الضريبة.
يذكر أن إعادة النظر في الضريبة على الدخل التي تصيب بشكل خاص الأجور، كانت من توصيات المناظرة الوطنية للجباية التي نُظمت في المغرب قبل أربعة أعوام، غير أن ذلك لم يترجم في تدابير إلى حد الآن.
ويرى أن النقاش حول الضريبة على الدخل تناول مستوى الأجر الذي يجب أن يعفى من الضريبة، فإن كان يصل اليوم إلى 3 آلاف دولار في السنة، فإن مقترحات طالبت برفع ذلك السقف إلى 3600 دولار، غير أن الرهج يعتبر أنه بالنظر للظروف المعيشية ومستوى التضخم، فإن ذلك السقف يجب أن يصل إلى 6 آلاف دولار.
ويؤكد أنه يجب الانكباب على مراجعة شرائح الضريبة، على اعتبار أنه ما أن يزيد في التركيبة الحالية أجر الموظف أو الأجير حتى يؤدي في بعض الأحيان نسب ضريبة عالية لا تنعكس معها الزيادة في الأجر على قدرته الشرائية.
ويتصور أن إصلاح الضريبة على الدخل يفترض أن يأخذ بعين الاعتبار مستوى التضخم، الذي ارتفع في الفترة الأخيرة بعدما كان متحكما فيه في السابق، مشيرا إلى أن شرائح الأجور الخاضعة للضريبة كانت وضعت قبل أكثر من عقد من الزمن، ما يعني أن قوتها الشرائية تغيرت الآن.