بدت سلطنة عُمان متحوطة إزاء صدمات محتملة لأسعار النفط والغاز خلال العام الجاري، إذ جاء إقرار موازنة 2024 على أساس متوسط لسعر النفط يبلغ 60 دولاراً للبرميل، ليرسخ نهج "التحفظ" الذي اتبعته مسقط في موازنة العام الماضي باعتماد سعر أقل من مستوى التوقعات السائدة، ما جنب السلطنة دوامة خلل مالي طاول دولاً خليجية أخرى، خاصة في ظل مؤشرات على استمرار المخاطر الجيوسياسية في المنطقة وتداعياتها على أسعار الطاقة.
وتتوقع الموازنة المعتمدة رسمياً عجزاً قدره 640 مليون ريال (1.66 مليار دولار) أو حوالي 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي الفجوة بين إنفاق بقيمة 11.65 مليار ريال وإيرادات بنحو 11.01 مليار ريال (28.26 مليار دولار)، وفق التقدير التحوطي لسعر برميل النفط.
ويأتي تقدير متوسط سعر برميل النفط في إطار محاولات لتقليل عبء أي تحديات طارئة، واستغلال الفوائض المالية، حال تحققها، وفق تصريحات وزير المالية، سلطان بن سالم الحبسي، مطلع الشهر الجاري.
وتخطط عُمان لتعظيم الاستفادة من تصدير الغاز الطبيعي، وهو ما عبر عنه الحبسي بإعلان توقعات بأن تصل إيرادات الغاز الطبيعي إلى 1.575 مليار ريال في 2024، وأن تصل إيرادات النفط إلى 5.915 مليارات ريال للعام ذاته.
ويرى الخبير الاقتصادي العُماني، خلفان الطوقي، أن الموازنة العام المعتمدة "منضبطة"، لأنها تتحسب لانخفاضات في أسعار النفط، إذ يبلغ سعر البرميل المعتمد 60 دولاراً، ارتفاعا من 55 دولاراً في موازنة العام الماضي، ما يمثل تحسباً واقعياً لأي انخفاض في الأسعار، التي تدور حالياً عند متوسط 77 دولاراً.
ويعتبر الطوقي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن السعر المعتمد لبرميل النفط في الموازنة بمثابة "تحفظ إيجابي"، خاصة في ظل توقعات معظم المؤسسات المالية والبنوك الدولية، مثل مورغان ستانلي، بأن يتراوح سعر الخام بين 80 و82 دولاراً للبرميل في 2024.
ويتوقع ألا يقل النمو الاقتصادي المتوقع في السلطنة عن 3% العام الجاري، وهي نسبة مرتبطة بالتحفظ سالف الذكر، لذا فهو يتوقع نسبة أكبر منها، خاصة في ظل وجود عوامل أخرى تساهم في انضباط الموازنة، مثل المبادرات الحكومية الخاصة بزيادة الإيرادات، مثل مبادرة صندوق "عُمان المستقبل" لتحفيز الاستثمار الجريء بقيمة ملياري ريال (5.2 مليارات دولار)، ومشروع "إسكان" الذي تبلغ قيمته حوالي 5 مليارات دولار أخرى، بمجموع 10 مليارات دولار في سنة واحدة. وإزاء ذلك، يرى الطوقي أن واقعية اعتماد الموازنة تشي بانتعاش اقتصادي في 2024.