موازنة 2025 تربك القطاع الخاص اللبناني: كأن الحرب لم تقع

18 نوفمبر 2024
دمار في بيروت، 18 نوفمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

يطالب القطاع الخاص اللبناني بإعادة النظر في موازنة 2025 وإقرار قوانين لدعم الشركات بعد الحرب، خاصة أنه تم إعدادها وكأنه لا يوجد عدوان إسرائيلي على لبنان، بحيث لا تلحظ في بنودها أي آليات لدعم المؤسسات والأفراد. وصرح رئيس الهيئات الاقتصادية، محمد شقير، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأنه يطالب لجنة المال والموازنة البرلمانية بإعادة موازنة عام 2025 إلى مجلس الوزراء لإعادة العمل عليها، معتبراً أنها غير واضحة وغير واقعية في صيغتها الحالية، مشيراً إلى أهمية تأمين قروض للقطاع الخاص في خطوة أساسية لإنقاذ الشركات ودعم استمراريتها في ظل الظروف الراهنة.

وأعلن شقير مطالبة الهيئات الاقتصادية بـ"ضرورة تعديل مشروع موازنة العام 2025، كون أرقامها بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان باتت غير واقعية على الإطلاق، ما سيؤدي حتماً الى تداعيات خطيرة على المستويات المالية والاقتصادية والاجتماعية".

ودعا إلى العمل على إقرار مجموعة من القوانين التي من شأنها توفير حسن عمل المؤسسات الخاصة وتمكينها من الاستمرار والحفاظ على موظفيها، وأبرزها: قانون إعادة تقويم الأصول والمخزون، قانون معالجة تسويات تعويض نهاية الخدمة، قانون يتيح للمصارف إعطاء القروض للقطاع الخاص"، مؤكدً "سعي الهيئات الاقتصادية لإيجاد تمويل ميسر للمؤسسات الخاصة لتمكينها من النهوض في فترة ما بعد الحرب".

بدوره، أعلن عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، عمران فخري، في حديث خاص لـ “العربي الجديد" أن الموازنة الحالية تم إعدادها وإقرارها قبل تطور الصراع الإسرائيلي والعدوان على لبنان. وأوضح أن العمل على تحديد النفقات والمصاريف كان قد أُنجز قبل هذه الأحداث، إلا أن الأمور اختلفت اليوم فيما يتعلق بالنفقات، مشيرًا إلى أنه حتى الآن لم يتم تقييم الخسائر في المناطق المتضررة، مما يجعل من الصعب الاستناد إلى أي جباية دون إعادة النظر في موازين الموازنة بالكامل.  

أزمات القطاع الخاص

وأضاف فخري أن على الحكومة العمل على إعادة تقييم الموازنة وتأمين الإيرادات اللازمة، وهو أمر مرتبط بشكل كبير بالمفاوضات الجارية لوقف إطلاق النار وشروط إعادة الإعمار وتأمين التمويل اللازم لتغطية العجز في الموازنة، مؤكدا أن المشهد لا يزال غير واضح حتى اللحظة.  

وأشار فخري إلى أنه في حال عجز الدولة عن تأمين التمويل اللازم، فقد تلجأ إلى سلفات من الخزينة العامة، عند عدم الحصول على المساعدات المالية. مشيراً إلى أن التغيرات التي طرأت نتيجة العدوان الإسرائيلي تتطلب وضع خطة بديلة أو تعديل الخطة الحالية، بهدف إعادة الإعمار وعودة المتضررين إلى منازلهم.

واكد عدم المساس بسعر صرف الدولار المستقر حاليًا، الذي يُعدّ أساسًا لتوازن ميزانيات المتضررين جراء الحرب، وأوضح فخري أنه لا بديل عن الإصلاحات لتحسين الاقتصاد وضمان استدامته في ظل هذه الظروف.  

وكانت الهيئات الاقتصادية برئاسة الوزير السابق محمد شقير عقدت اجتماعا الأسبوع الماضي مع رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان في مقر غرفة بيروت وجبل لبنان، بحثت خلاله في موضوع مشروع موازنة العام 2025 وبعض القوانين والمشاريع الإصلاحية المطلوب إقرارها.

ونوه شقير بـ "الجهود التي قام ويقوم بها خدمة للاقتصاد الوطني وللقطاع الخاص الذي يشكل العمود الفقري لصمود لبنان ونهوضه"، مشدداً على أن "الهيئات الاقتصادية تركز في هذه المرحلة على الحفاظ على المؤسسات الخاصة والعاملين فيها".

ونوه النائب كنعان بـ"دور الهيئات الاقتصادية الفاعل والهام في قلب الاقتصاد الوطني"، مشدداً على أن "لا اقتصاد من دون قطاع خاص"، وأكد ارتياحه "للتعاون الإيجابي مع الهيئات من أجل الدفع باتجاه إقرار قوانين بنيوية وإصلاحية، تشكل أرضية صلبة لإطلاق العجلة الاقتصادية بكل أبعادها وإعادة لبنان الى حلبة المنافسة الاقتصادية على مستوى المنطقة".

وفي موضوع التشريعات، أكد كنعان أن "مشروع قانون إعادة تقويم الأصول والمخزون بات جاهزاً لطرحه في الجلسة العامة لمجلس النواب بعد إقراره في لجنة المال والموازنة"، داعياً الى "توحيد الجهود لوضع تصورات نهائية حول المشاريع الأخرى لطرحها في أول جلسة عامة لمجلس النواب".

وفيما خص مشروع موازنة العام 2025، أشار كنعان إلى ان "هذه الموازنة بعد الحرب الإسرائيلية باتت غير واقعية، لا بل وهمية خصوصاً لجهة تقدير الواردات، لا سيما ان زيادة الواردات فيها متأتية من الضريبة على الدخل ورؤوس الأموال والرسوم الداخلية على السلع والخدمات والرسوم على التجارة والمبادلات الدولية، في حين أن تحقق هذه العناصر وتحصيلها هما الأكثر تأثرا بالحرب الإسرائيلية على لبنان".

وأشار كنعان الى "زيادة النفقات في مشروع موازنة العام 2025 بنحو 136 ألف مليار ليرة، أي ما نسبته 44،35% مقارنة مع موازنة العام 2024"، مؤكداً أن "تقدير النفقات يفتقر الى الواقعية ويقتضي إعادة النظر به ليصبح منسجماً مع متطلبات مواجهة تداعيات الحرب الإسرائيلية"، مشيراً الى "تعذر تأمين التمويل اللازم لتغطية النفقات، وحتى تعذر عملية اللجوء الى سلفات الخزينة".

وعلى هذا الأساس، شدد كنعان على "ضرورة استردادها من قبل الحكومة لإعادة النظر بأرقامها واعتماداتها". وتم خلال الاجتماع نقاش مطول بين رئيس وأعضاء الهيئات الاقتصادية وبين رئيس لجنة المال والموازنة حول الكثير من القوانين التي تشكل حاجة ماسة لحسن سير عمل الاقتصاد والمؤسسات الخاصة ولاستعادة لبنان ديناميته وموقعه الاقتصادي المميز في المنطقة.

المساهمون