يثير إمكان فرض عقوبات على قطاع الطاقة الروسي جدلاً ساخناً في الولايات المتحدة وأوروبا، حيث يسعى مشرّعون في الأولى لوضع "خطة حظر" لواردات الطاقة من روسيا، فيما برز، اليوم الإثنين، تحذير روسي من أن سعر البرميل قد يبلغ 300 دولار في حال فرض حظر على صادراتها من الطاقة.
وقد أعلن مشرعون أميركيون بارزون، الاثنين، خطة لتشريع حظر استيراد منتجات الطاقة الروسية وتعليق العلاقات التجارية العادية مع موسكو، بحسب بيان من المجموعة التي تمثل الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وأوردته وكالة "رويترز"، فيما ذكر البيت الأبيض أن الرئيس جو بايدن لم يتخذ قرارا حتى الآن بشأن فرض حظر على النفط الروسي.
وقال المشرعون إن "اتخاذ هذه الإجراءات سيرسل رسالة واضحة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن حربه غير مقبولة، وأن الولايات المتحدة تقف بحزم مع حلفائنا في حلف شمال الأطلسي".
وأصدر البيان رئيس لجنة موازنة الضرائب والميزانية في مجلس النواب، ريتشارد نيل، ورئيس لجنة المالية بمجلس الشيوخ رون وايدن، وكلاهما ديمقراطي، ونظيراهما الجمهوريان كيفين برادي والسيناتور مايك كرابو.
كما قالوا إن التشريع سيعطي الرئيس جو بايدن سلطة زيادة الرسوم الجمركية على بضائع من روسيا وبيلاروسيا، وسيطلب من الممثلة التجارية كاثرين تاي السعي لتعليق مشاركة روسيا في منظمة التجارة العالمية، والدفع نحو وقف الانضمام المقترح لبيلاروسيا إلى منظمة التجارة.
وعلى الضفة المقابلة للأطلسي، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز، اليوم الاثنين، أن واردات الطاقة الروسية "أساسية لحياة الأوروبيين اليومية"، مشيراً إلى أنه لا يمكن ضمان إمدادات القارة من دونها في هذه المرحلة.
واعتبر المستشار الألماني، في بيان نقلته "فرانس برس"، أنه "لا يمكن ضمان إمدادات الطاقة الأوروبية لإنتاج الحرارة والتنقل والكهرباء والصناعة بأي طريقة أُخرى في الوقت الحالي".
وأوضح شولتز أن أوروبا "تعمدت" استثناء إمدادات الطاقة الروسية من العقوبات على موسكو حتى الآن، لأن مثل هذا الإجراء سيحدث بلبلة في الأسواق، وسينعكس بشدة على اقتصاد الدول الأوروبية.
وألمانيا من بلدان الاتحاد الأوروبي التي تعول بشدة على واردات الغاز والنفط والفحم من روسيا. وقال شولتز، في هذا الصدد، إن الحكومة "تعمل بلا هوادة مع شركائها في الاتحاد الأوروبي وخارجه من أجل تطوير بدائل من الطاقة الروسية". وتابع: "لكن هذا لا يمكن أن يتم بين ليلة وضحاها".
ويستورد الاتحاد الأوروبي 40% من حاجاته من الغاز من روسيا، ولا تؤيد بلدان عديدة فرض حظر بهدف حرمان موسكو من عائدات أساسية لها. وعارض عدة وزراء في حكومة شولتز حتى الآن اتخاذ تدابير ضد الغاز الروسي.
وأعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، الأحد لشبكة "إيه آر دي": "يجب أن يكون بالإمكان إبقاء (العقوبات) على المدى البعيد". ورأت أن "الأمر لن يكون مجدياً إن اكتشفنا بعد ثلاثة أسابيع أنه لم يعد لدينا كهرباء سوى ما يكفي لبضعة أيام في ألمانيا، ما سيحتم علينا العودة عن هذه العقوبات".
غير أن استطلاعاً للرأي أجراه معهد "يوغوف" ونشرت نتائجه الإثنين في صحيفة "هاندلسبلات"، أظهر أن الألمان يؤيدون بغالبيتهم هذه العقوبة الشديدة، مع إعلان 54% أنهم يؤيدونها، و30% أنهم يؤيدونها "تماماً"، و24% أنهم "يميلون إلى تأييدها".
واعتبرت الخبيرة الاقتصادية فيرونيكا غريم، في صحيفة "بيلد"، أن وقف واردات الغاز الروسي "سيكون تحدياً، إنما لن يكون كارثة". وأشارت إلى أن احتياطات الغاز تبلغ حالياً 30% من سعتها، مؤكدة أن "هذا يكفي للأشهر المقبلة. لكن علينا اتخاذ تدابير فورية بالنسبة للشتاء المقبل، وهو أمر يمكن تنظيمه".
موسكو تحذر من بلوغ النفط 300 دولار
إلى ذلك، حذر نائب رئيس الوزراء الروسي ألسكندر نوفاك من أن سعر النفط قد يصل إلى 300 دولار للبرميل في حال حظر الصادرات الطاقية الروسية، فيما نقلت "رويترز" عن مصدرين في "أوبك+"، اليوم الاثنين، أن سياسات التحالف لا علاقة لها بارتفاع أسعار النفط، وقللا من شأن أي احتمال بزيادة إمدادات المجموعة التي تضم روسيا والسعودية.
وقال نوفاك اليوم الاثنين، إن روسيا قد تقطع إمدادات الغاز عبر خط الأنابيب "نورد ستريم 1" إلى ألمانيا، لكنها لم تتخذ حتى الآن مثل هذا القرار. وأضاف نوفاك في بيان أذاعه التلفزيون الروسي: "فيما يتصل بالاتهامات التي لا أساس لها ضد روسيا بخصوص أزمة الطاقة في أوروبا وفرض حظر على نورد ستريم 2، فإننا لنا كل الحق في اتخاذ قرار مماثل وفرض حظر على ضخ الغاز من خلال خط أنابيب نورد ستريم 1".
ودفع الحظر المحتمل في واشنطن للتواصل مع كراكاس، حيث سافر مسؤولون أميركيون بارزون سراً إلى فنزويلا خلال نهاية الأسبوع في محاولة لإذابة الجليد عن العلاقات العدائية مع أبرز حلفاء فلاديمير بوتين في أميركا الجنوبية، وأحد أهم مصدري النفط الذي قد تخفف عودته إلى أسواق الطاقة الأميركية من تداعيات فرض حظر نفط محتمل على روسيا. ولم تتضح على الفور نتيجة المحادثات مع حكومة الرئيس نيكولاس مادورو، حسبما أوردت "فرانس برس".
وصعدت أسعار النفط لأعلى مستوياتها منذ 2008 اليوم الاثنين، وسط مخاوف بشأن الإمدادات وشح المعروض، بينما تبحث الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون حظر النفط الروسي، في وقت تراجعت فيه احتمالات أي عودة سريعة للخام الإيراني للسوق.
وفي الدقائق القليلة الأولى من التداول اليوم، وصل سعر برميل خام برنت إلى 139.13 دولاراً، وبلغ خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 130.5 دولاراً. وسجل بذلك كلا الخامين القياسيين أعلى مستوياتهما منذ يوليو/ تموز 2008.
ثم بحلول الساعة 10:17 بتوقيت غرينتش، انخفضت بعض تلك المكاسب ليرتفع خام برنت 6.6 دولارات أو 5.6% إلى 124.71 دولاراً وخام غرب تكساس الوسيط 6.67 دولارات أو 5.8% إلى 122.35 دولاراً.
وعند التسوية، سجلت العقود الآجلة للنفط الأميركي 119.4 دولاراً، مرتفعة 3.72 دولارات أو 3.22%.
وفي اجتماعها الأحدث في 2 مارس/ آذار، قررت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وروسيا وحلفاء آخرون من الدول المنتجة للخام الالتزام بخطة الزيادة المتواضعة المقررة سلفاً في أبريل/ نيسان، وتجاهلت الأزمة الأوكرانية خلال المحادثات.
وقال أحد المصدرين إن "المشكلة هي أن ظروف السوق الحالية لا علاقة لها بسياسة أوبك. لا علاقة لها بنقص المعروض (الإنتاج)". وأضاف: "كلنا نعلم أسباب السعر الحالي. لا علاقة لأوبك أو أوبك+ بالأسباب التي تدفع الأسعار إلى المستويات الحالية".
وتتراجع "أوبك+" تدريجاً عن خفض قياسي في الإنتاج أقرته في 2020 عندما انهار الطلب بسبب الجائحة، وتزيد المجموعة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يومياً كل شهر. ورفضت "أوبك+" مراراً دعوات من الدول المستهلكة لزيادة أكبر.
وذكر المصدران أن التوازن لا يزال قائماً بشكل عام بين العرض والطلب في سوق النفط العالمية، فيما قال مصدر آخر في "أوبك+" إن "العوامل الأساسية ما زالت على المسار الصحيح... أفترض أن نتيجة الاجتماع الأخير كانت واضحة لكل أطراف السوق، بأن المجموعة تضع في الاعتبار فقط توزان السوق عند اتخاذ قراراتها".