تخفي ناقلات النفط الروسية، مساراتها بشكل متزايد، في خطوة شبيهة بما فعلته إيران للهروب من العقوبات الأميركية الخانقة التي فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب عقب انسحابها من الاتفاق النووي مع طهران.
وعلى الرغم من الحظر الذي تقوده الولايات المتحدة على استيراد النفط الروسي والذي سينفذه بعض حلفاء واشنطن أيضاً، يستمر النفط الروسي في التدفق بكميات كبيرة إلى مختلف البلدان الرئيسية المستوردة.
ووفق موقع "أويل برايس" الأميركي فإن خام الأورال الروسي يباغ بحسم يقدر بـ 30 دولاراً للبرميل عن مستويات سعر خام برنت القياسي العالمي الذييدور حاليا في نطاق 112 دولاراً للبرميل، ومع ذلك لا تزال روسيا تجني أكثر مما كانت عليه قبل غزو أوكرانيا.
وقالت شركة "ويندوارد" المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي البحري، إنها رصدت الأسبوع الماضي ما لا يقل عن 33 حالة "نشاط خفي" لناقلات نفط روسية، أي أنها أوقفت أنظمة بث مواقعها خلال عملها، مشيرة إلى أن ممارسات الناقلات الروسية هذه تمثل أكثر من ضعف المتوسط الأسبوعي البالغ 14 حالة العام الماضي.
كانت حالات "النشاط الخفي" في المنطقة الاقتصادية الخالصة لروسيا، أو حولها بشكل أساسي، وفق الشركة الإسرائيلية، التي أجرت البحث بناءً على طلب من بلومبيرغ الأميركية. وقالت إن السفن المشاركة بهذا النشاط تابعة لشركات كبرى وشركات شحن متعددة الجنسيات، فضلاً عن شركات صغيرة.
تحركات خادعة
ويشترط القانون البحري الدولي على السفن التجارية أن يكون لديها نظام تعرف آلي، يسمى "إيه أي إس"، عامل خلال وجودها في البحر. ويُعدّ التعطيل أو التلاعب بنظام تحديد هوية السفينة على رأس ممارسات الشحن الخادعة، التي استشهدت بها وزارة الخزانة الأميركية في مايو/أيار الماضي، للحد من الشحن غير المشروع والتهرب من العقوبات.
كانت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وحلفاء آخرون قد شددوا العقوبات ضد روسيا في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي، حيث أصدر الرئيس الأميركي جو بايدن أمراً تنفيذياً في 8 مارس/آذار الجاري يحظر واردات النفط والغاز الروسي، بينما قالت المملكة المتحدة في اليوم نفسه إنها ستوقف واردات النفط تدريجياً بحلول نهاية العام، كما منعت العديد من البلدان السفن الروسية من بلوغ موانئها.
وقال إيان رالبي، الرئيس التنفيذي لشركة "أي أر كونسيليوم" وهي شركة استشارات قانونية وأمنية بحرية تعمل مع الحكومات، إنه نظراً لأن مزيداً من البلدان والشركات تتجنب التجارة مع روسيا، سيتعرض الأسطول الروسي لضغوط لاستخدام "النشاط الخفي" بل والانخراط في الشحن غير المشروع كي يصمد.
وأضاف رالبي لوكالة بلومبيرغ أنه "سرعان ما أصبحت روسيا دولة منبوذة، لذا تحجب بعض أنشطتها، لأن كثيراً من الدول لا تريد أي ارتباط بها". وتابع أنه "إذا استمرت عزلة ناقلات النفط الروسية وأطقمها، فلن يكون أمامها خيار سوى تلقي العروض التي تُمنح لها، وقد نشهد ظهور سوق عالمية موازية، حيث توجد تجارة بينية لجميع الدول التي تخضع للعقوبات".
سفن أميركية وبريطانية
ورغم العقوبات الغربية، تظهر بيانات شركة الذكاء الاصطناعي البحري، أن 22 سفينة، بعضها تملكه أو تديره شركات مسجلة في بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا، دخلت المياه الإقليمية الروسية لأول مرة منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
وغادرت في إحدى الحالات ناقلة نفط تديرها شركة أميركية من دونغ ينغ في الصين في 25 فبراير/شباط ودخلت المياه الروسية في 3 مارس/آذار، فكان أول ميناء روسي تزوره على الإطلاق في مدينة ناخودكا، قبل أن تغادر الميناء وتبحر في المياه الروسية، قبل أن تتصل بالميناء في 19 مارس/آذار من محطة الناقلات في مدينة فلاديفوستوك الروسية.
ودخل الحظر الأميركي على النفط الروسي حيز التنفيذ في 8 مارس/آذار فيما يتعلق بعمليات الشراء الجديدة، لكنه يوفر مهلة لمدة 45 يوماً للمشترين الأميركيين لإنهاء عقودهم الحالية.
وقالت "ويندوارد": "رغم أن هذه الرحلات لا تعتبر غير قانونية أو انتهاكاً للعقوبات، إلا أنها ما تزال تثير تساؤلات" في ضوء السياسات الأميركية الحالية.