استمع إلى الملخص
- تواجه شركات السيارات الأوروبية تحديات مالية بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، مما أدى إلى زيادة الأسعار بنسبة 41% بين 2019 و2023. تتجه شركات مثل فولكسفاغن ومرسيدس إلى إقامة مصانع في الصين للاستفادة من تكاليف الإنتاج المنخفضة.
- أصبحت الصين أكبر سوق للسيارات، وتعتمد الشركات الأوروبية على بيع سياراتها هناك. تواجه هذه الشركات تحديات بسبب الركود في سوق العقارات الصيني وفقدان ميزتها التقنية في السيارات الكهربائية لصالح الشركات الصينية.
بعد قرابة تسعة عقود من ريادة أوروبية في صناعة السيارات حول العالم، بدأت دفة القيادة تنتقل تدريجيا نحو الشرق، وبالتحديد إلى الصين التي تشهد حرب تعريفات جمركية من الولايات المتحدة وأوروبا على سياراتها، خاصة الكهربائية.
وكشفت تصريحات من ألمانيا - عاصمة السيارات الأوروبية - عن مدى ارتباط مصانعها بالصين، عندما أبدت رفضها تصويت المفوضية الأوروبية، الجمعة، على مقترح رفع الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية الصينية.
والجمعة، صوتت غالبية أعضاء المفوضية الأوروبية على مقترح يقضي برفع الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية الصينية، بما يصل إلى 45 بالمئة، فيما كانت ألمانيا من بين خمس دول صوتت ضد المقترح.
وذكرت المفوضية في بيان أن القرار يسري لمدة خمس سنوات اعتبارا من نهاية أكتوبر/تشرين الأول الجاري، في وقت حذرت ألمانيا من أن القرار قد يذكي حربا تجارية باردة مع الصين.
ويرى الاتحاد الأوروبي أن الحكومة الصينية تدعم صناعة السيارات الكهربائية في البلاد، وهو ما يتعارض مع المنافسة العادلة والتجارة العابرة للحدود.
وفي أعقاب التصويت، كتب وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر على منصة إكس: "لا ينبغي لمفوضية الاتحاد الأوروبي أن تشعل حربا تجارية".
وبحسب وكالة بلومبيرغ، كانت ألمانيا من بين الدول الخمس في الاتحاد الأوروبي التي صوتت ضد خطوة رفع الرسوم الجمركية، خوفا من أن تؤدي إلى إجراءات انتقامية ضد شركات تصنيع السيارات التي تستثمر بكثافة في الصين.
وفي اليوم نفسه، خرجت شركة فولكسفاغن الألمانية لصناعة السيارات للتعليق على تصويت الاتحاد الأوروبي على فرض رسوم جمركية إضافية قائلة إن القرار سيكون "نهجا خاطئا".
وقالت في بيان: "نحن متمسكون بموقفنا بأن الرسوم الجمركية المخطط لها هي النهج الخاطئ، ولن تعمل على تحسين القدرة التنافسية لصناعة السيارات الأوروبية“.
كلفة الإنتاج في قطاع السيارات
والشهر الماضي، صدمت فولكسفاغن الأسواق عندما لمّحت إلى احتمالية إغلاق مصانع لها داخل ألمانيا، وانفتاحها على تسريح موظفين، بسبب صعوبات مالية تواجهها في السنوات الأخيرة.
ومرد ذلك إلى أن كلفة إنتاج السيارة في ألمانيا يزيد بمقدار 40 بالمئة، بحسب اتحاد مصدري السيارات الأوروبية، عن السيارة نفسها المصنعة داخل مصانعها في الصين، وهي فرقية يتحملها المستهلك النهائي، الذي أصبحت أمامه خيارات أفضل من المركبات لشركات أخرى بأسعار أقل.
وفي سعيها إلى تمرير تكاليف التضخم إلى العملاء، زادت أكبر خمس شركات تصنيع سيارات في أوروبا، هي بي إم دبليو ومرسيدس وستيلانتس ورينو وفولكسفاغن، أسعارها بنسبة 41 بالمئة بين عامي 2019 و2023، وفق تحليل أجراه الاتحاد الأوروبي للنقل والبيئة في نوفمبر/تشرين ثاني 2023.
لذلك، تتجه شركات أوروبية، مثل فولكسفاغن ومرسيدس وبي إم دبليو وأودي، وأخرى بريطانية، مثل أستون مارتن، إلى الصين لإقامة مصانعها هناك، خاصة للمركبات الهجينة أو الكهربائية بالكامل.
كما أعلنت شركة رينو الفرنسية وفولفو السويدية عن تحديات مالية تواجهها خلال الفترة المقبلة، بسبب ارتفاع كلف الإنتاج، وارتفاع معروض شركات السيارات المنافسة بأسعار أقل، خاصة تلك القادمة من الصين.
وتحاول دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا الحفاظ على صناعة السيارات في تلك الدول من التوسع الصيني، بفرض ضرائب تصل إلى 100 بالمئة على أي سيارة صينية الصنع، كما فعلت كل من الولايات المتحدة وكندا خلال وقت سابق من العام الجاري.
الصين أكبر سوق سيارات
ولا يقتصر الأمر على التوسع الصيني في الأسواق العالمية، بل إن شركات تصنيع السيارات الكبرى في أوروبا تعتمد بشكل متزايد على بيع المركبات إلى الصين، حيث أصبحت الطبقة المتوسطة المزدهرة في البلاد تنظر بشكل متزايد إلى السيارات الفاخرة باعتبارها رمزاً للمكانة في السنوات الأخيرة.
وفي حالة مرسيدس بنز الألمانية على سبيل المثال، بيع أكثر من 900 ألف سيارة من إجمالي مبيعات 2.5 مليون سيارة باعتها في عام 2023 داخل السوق الصينية.
ولكن في عام 2021، أدت القواعد الجديدة التي قدمتها الحكومة الصينية بهدف كبح جماح مطوري العقارات المثقلين بالديون في البلاد إلى عدم تمكن الشركات الضخمة من إكمال المنازل الجديدة التي باعتها بالفعل على الخريطة، ما أثار تباطؤًا متصاعدًا في سوق العقارات في الصين.
وقد عمل الركود لاحقًا على تقويض الثقة بين المستهلكين الصينيين في البلاد، حيث يرتبط أكثر من 70 بالمئة من ثروات الأسر بالعقارات التي شهدت ارتفاعا في الأسعار منذ مطلع الألفية؛ وكان للتباطؤ تأثير حاد بشكل خاص على الإنفاق على السلع الفاخرة.
كما أثر انتشار المركبات الكهربائية في الصين على شركات صناعة السيارات الأوروبية التي فقدت الآن ميزتها التقنية على نظيراتها الصينية.
فقد شهدت الاستثمارات الضخمة التي تقودها الصين في تكنولوجيا البطاريات إلى تحولها رائدةً في مجال المركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات، في تحول فتح السوق بدوره أمام شركات أمثال شركة تصنيع الهواتف Xioami.
في المقابل، تأخرت شركات صناعة السيارات الأوروبية، بما في ذلك فولكسفاغن، عن منافسيها الصينيين في تصنيع المركبات الكهربائية الجديدة، الأمر الذي جعلها تتخلف عن السوق الصينية بشكل أكبر.
(العربي الجديد، الأناضول)