يجتمع تحالف "أوبك+" الذي يضم منظمة الدول المنتجة للنفط (أوبك) وعلى رأسها السعودية، والدول المنتجة من خارجها وعلى رأسها روسيا، غداً الأربعاء في فيينا، في اجتماع سيعقد حضورياً لأول مرة منذ عام 2020 حين انتُقل إلى الاجتماعات الافتراضية بسبب انتشار فيروس كورونا.
ومن المقرر أن يحضر نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك اجتماع "أوبك +"، وفقاً لمصادر "بلومبيرغ"، حيث يستعد التحالف لإظهار الوحدة وأكبر خفض للإنتاج منذ عام 2020، وذلك بعد إلغاء اجتماع اللجنة الفنية المشتركة الذي كان مقرراً اليوم الثلاثاء. ويثير الاجتماع الحضوري تكهنات بأن قرارات "أوبك+" سوف تتضمن تغييرات في السياسات، مع إدارة نوفاك دفة الإنتاج نحو الهبوط.
وقالت مصادر في منظمة البلدان المصدرة للبترول لوكالة "رويترز" إن تحالف "أوبك+" لمنتجي النفط يبحث إجراء تخفيضات في الإنتاج تزيد على مليون برميل يومياً، وإن التخفيضات الطوعية من قبل الدول الأعضاء يمكن أن تكون إضافة إلى ذلك، مما يجعله الخفض الأكبر منذ عام 2020.
وتهدد هذه الخطوة بتعزيز أسعار النفط، في وقت يقاتل فيه معظم العالم لخفض تكاليف الطاقة، ويمكن أن تخلق انفصالاً محتملاً مع الولايات المتحدة، حيث كان الرئيس جو بايدن يحاول خفض أسعار الوقود لسائقي السيارات قبل الانتخابات النصفية الحاسمة المقبلة، وفقاً لـ "فايننشال تايمز".
والمملكة العربية السعودية وروسيا هما ثاني وثالث أكبر منتجي النفط في العالم، بعد الولايات المتحدة، لكنهما يعتمدان بشكل كبير على عائدات الطاقة للإنفاق الحكومي أكثر من أكبر اقتصاد في العالم.
توقعات نمو الطلب
وقال أمين الناصر الرئيس التنفيذي لشركة النفط السعودية العملاقة (أرامكو)، خلال منتدى للطاقة في لندن، اليوم الثلاثاء، إن سوق النفط لا تركز على حقيقة أن فائض طاقة الإنتاج العالمية لزيادة إنتاج النفط منخفض للغاية.
وأضاف "تركز السوق على ما سيحدث للطلب إذا حدث ركود في أنحاء مختلفة من العالم، هم لا يركزون على أسس الإمداد".
وتابع أن الطاقة الفائضة تبلغ 1.5 بالمئة من الطلب العالمي وهي منخفضة للغاية، لافتاً إلى أن الطلب على النفط سينمو حتى 2030 وما بعدها. واعتبر أن "سوق النفط تركز على اقتصاديات المدى القصير وليس الطويل"، وأن "مشكلة أوروبا هي الغاز والغاز الطبيعي المسال نظراً لنقص السعة الفائضة". وأضاف" سنبقي على سوقنا في آسيا رغم الطلب الأوروبي".
ورفض "أوبك+" الذي يضم "أوبك" وحلفاء لها مثل روسيا، زيادة الإنتاج لخفض أسعار النفط، على الرغم من ضغوط من الدول الكبيرة المستهلكة، ومن بينها الولايات المتحدة، لمساعدة الاقتصاد العالمي.
ومع ذلك انخفضت الأسعار إلى أقل من 90 دولاراً للبرميل، بعد أن كانت قد وصلت إلى 120 دولاراً في الشهور الماضية، وذلك بسبب مخاوف بشأن الاقتصاد العالمي، وزيادة في قيمة الدولار بعد رفع مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) الفائدة.
وقال مصدر "إن الاجتماع ربما يكون مهماً مثل اجتماع 2020"، مشيراً إلى الاجتماع الذي اتفقت فيه أوبك+ على تخفيضات قياسية في الإمدادات بلغت نحو عشرة ملايين برميل يومياً أو عشرة بالمئة من الإمدادات العالمية، وذلك في الوقت الذي ضربت فيه جائحة كوفيد-19 الطلب على الخام.
غضب أميركي وخوف أوروبي
وسيكون من شأن أي تقليص كبير في الإنتاج الآن إثارة غضب الولايات المتحدة التي تضغط على السعودية لتواصل زيادة الضخ للمساعدة على مزيد من خفض أسعار النفط وعائدات روسيا من الخام، في الوقت الذي يسعى فيه الغرب إلى عقاب موسكو على غزو أوكرانيا.
وتواجه روسيا تحديات في الحفاظ على إنتاج النفط، بسبب العقوبات الغربية على قطاعي الطاقة والمال، بعد غزو أوكرانيا في وقت سابق من هذا العام، وفق "يورو نيوز".
وقال الكرملين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تحدثا الشهر الماضي، وأشادا بالجهود المبذولة في إطار "أوبك+"، وأكدا عزمهما على الالتزام بالاتفاقيات القائمة.
ونقلت وكالة الأنباء الكويتية عن وزير النفط الكويتي محمد الفارس الذي سيتوجه إلى فيينا لحضور اجتماع "أوبك"، قوله إن "المجموعة تدرس الوضع القائم للسوق النفطية العالمية، وستتخذ القرار المناسب لضمان أمن الإمدادات".
وارتفعت أسعار النفط في التعاملات الآسيوية المبكرة اليوم الثلاثاء، وسط توقعات بأن أوبك+ قد يوافق على خفض كبير في إنتاج الخام، لكن المخاوف بشأن الاقتصاد العالمي حدت من المكاسب.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 43 سنتاً أو 0.5 بالمئة إلى 89.29 دولاراً للبرميل بحلول الساعة 0108 بتوقيت غرينتش، بعد أن كسب أكثر من أربعة بالمئة في الجلسة السابقة. وزادت كذلك العقود الآجلة للخام الأميركي 22 سنتاً أو 0.3 بالمئة إلى 83.85 دولاراً للبرميل. وكانت قد ارتفعت بأكثر من خمسة في المئة في الجلسة السابقة، مسجلة أكبر مكسب يومي له منذ مايو/ أيار.
وقال إدوارد مويا، المحلل البارز في أواندا، في مذكرة: "على الرغم من كل شيء يجري مع الحرب في أوكرانيا، لم يكن أوبك+ بهذه القوة على الإطلاق، وسوف يفعل كل ما يلزم للتأكد من دعم الأسعار".
وتراجعت أسعار النفط لأربعة أشهر متتالية، حيث أدى إغلاق كوفيد-19 في الصين، أكبر مستورد للنفط، إلى كبح الطلب، في حين أدى ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع الدولار إلى الضغط على الأسواق المالية العالمية.
وشرعت البنوك المركزية الكبرى في تنفيذ أكبر جولة من زيادات أسعار الفائدة منذ عقود، مما أثار مخاوف من حدوث تباطؤ اقتصادي عالمي.
ودعا مسؤولان كبيران في المفوضية الأوروبية يوم الثلاثاء، الاتحاد الأوروبي المؤلف من 27 دولة إلى اقتراض مشترك لتمويل استجابة لأزمة أسعار الطاقة التي تهدد بإدخال الاتحاد في ركود.
وفي مقال رأي في صحيفة الأيرلندية تايمز، قال المفوض الاقتصادي الأوروبي باولو جينتيلوني ومفوض السوق الداخلية تييري بريتون إن الاقتراض الجديد يمكن أن يكون على غرار الدين المشترك الصادر خلال جائحة COVID-19 لدعم الوظائف التي كانت ستفقد لولا ذلك.
يأتي اقتراحهما في الوقت الذي تثير فيه حزمة الدعم الألمانية الضخمة البالغة 200 مليار يورو (197.4 مليار دولار) للأسر والشركات مخاوف حكومات الاتحاد الأوروبي الأخرى، غير القادرة على مضاهاة هذا الدعم، بشأن عدالة المنافسة في السوق الموحدة.
وكتب المفوضان وفق "فرانس برس": "من المهم أكثر من أي وقت مضى أن نتجنب تفتيت السوق الداخلية، وإقامة سباق للحصول على الإعانات، والتشكيك في مبادئ التضامن والوحدة التي يقوم عليها مشروعنا الأوروبي". وتابعا: "في مواجهة التحديات الهائلة الماثلة أمامنا، لا يوجد سوى رد واحد ممكن: استجابة أوروبا للتضامن".
خلال الوباء، اقترض الاتحاد الأوروبي بشكل مشترك 100 مليار يورو بتكلفة منخفضة للغاية، بموجب مخطط SURE الخاص به، وأقرض الأموال للحكومات لدعم رواتب العمال أثناء الركود الاقتصادي.