هكذا أنهت أسواق المال يوماً عصيباً بانتظار الرد الإيراني على إسرائيل

05 اغسطس 2024
مبنى بورصة نيويورك في الحي المالي، 5 أغسطس/آب 2024 (شارلي تريبالو/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تأثرت أسواق المال العالمية بالتوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط ومؤشرات الانكماش في الولايات المتحدة، حيث هبطت مؤشرات الأسهم الأميركية والأوروبية بشكل حاد.
- انتعش نشاط قطاع الخدمات في الولايات المتحدة في يوليو، لكن تقرير الوظائف الضعيف وتقلص نشاط التصنيع أكد مخاوف الركود، وشهدت بورصة طوكيو انخفاضاً تاريخياً بنسبة 12.4%.
- ارتفعت عملات الملاذ الآمن مثل الين الياباني والفرنك السويسري، بينما انخفضت بيتكوين بنسبة 20%، وتراجعت أسعار النفط وسط توقعات بخفض الفائدة الأميركية.

أنهت أسواق المال العالمية تعاملات يوم الاثنين على هبوط كبير تأثراً بالتوترات الجيوسياسية التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى تزايد مؤشرات انكماش أميركي، فيما صعد نشاط قطاع الخدمات في الولايات المتحدة في يوليو/ تموز من أدنى مستوى في أربع سنوات وسط زيادة الطلبيات والتوظيف، ما قد يساعد في تبديد مخاوف الركود الناجمة عن ارتفاع معدل البطالة الشهر الماضي.

وقال معهد إدارة التوريدات، يوم الاثنين، إن مؤشر مديري المشتريات غير الصناعي ارتفع إلى 51.4 نقطة الشهر الماضي من 48.8 في يونيو/ حزيران، حين سجل أدنى مستوى له منذ مايو/ أيار 2020، وفقاً لما أوردت رويترز.

في أسواق مال نيويورك، هبطت مؤشرات الأسهم الأميركية الرئيسية بشكل حاد يوم الاثنين، حيث هبط ناسداك بأكثر من 3%، بعدما هزت مخاوف الركود الأميركي الأسواق العالمية ودفعت المستثمرين إلى العزوف عن الأصول الخطرة، بينما هبطت أسهم آبل بعد أن خفضت بيركشاير هاثاواي حصتها في الشركة. وجاءت مخاوف الركود في أعقاب بيانات اقتصادية ضعيفة الأسبوع الماضي، بما في ذلك تقرير الوظائف الأميركية يوم الجمعة.

وقلصت مؤشرات أسواق المال خسائرها بعدما أظهرت البيانات أن نشاط قطاع الخدمات انتعش من أدنى مستوى في أربع سنوات وسط ارتفاع في الطلبات والتوظيف. وهبطت أسهم آبل 4.4% بعد أن خفضت بيركشاير هاثاواي حصتها في صانع آيفون إلى النصف. كما سمح المستثمر الملياردير وارن بافيت للسيولة النقدية في بيركشاير بالارتفاع إلى 277 مليار دولار. وانخفضت أسهم إنفيديا بأكثر من 6%، بينما هبطت أسهم مايكروسوفت 3.4% وهبطت أسهم ألفابت 2.5%.

وقلل رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي في شيكاغو أوستن غولسبي من مخاوف الركود، لكنه قال إن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي بحاجة إلى إدراك التغيرات في البيئة لتجنب فرض قيود مفرطة على أسعار الفائدة، فيما قال أوليفر بورشي، نائب الرئيس الأول ومستشار شركة ويلثسباير أدفايزرز في ويستبورت بولاية كونيتيكت، إن "نتيجة السياسة النقدية الأعلى من المعتاد هي تباطؤ الاقتصاد. لا أعلم ما إذا كان هناك مبرر لعمليات البيع المذعورة التي شهدناها في الأيام القليلة الماضية، لأن البيانات لا تشير بالتأكيد إلى هبوط مفاجئ في الاقتصاد".

وعليه، انخفض مؤشر داو جونز الصناعي في أسواق المال الأميركية 2.48% إلى 38750.38، ومؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 2.85% إلى 5194.33 ومؤشر ناسداك المركب 3.36% إلى 16212.65، وارتفع مؤشر تقلبات بورصة شيكاغو، وهو "مقياس الخوف" في وول ستريت، بشكل حاد.

وأكد تقرير الوظائف الضعيف وتقلص نشاط التصنيع في أكبر اقتصاد في العالم، إلى جانب التوقعات المخيبة للآمال من شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى، ومؤشر ناسداك المركب يوم الجمعة، أنه كان في منطقة التصحيح. ومن المقرر أن تمحو مجموعة الأسهم السبعة الرائعة، المحرك الرئيسي للمؤشرات التي بلغت مستويات قياسية هذا العام، ما يقرب من 900 مليار دولار من القيمة السوقية المجمعة للشركات، وفقاً لما أوردت أسوشييتد برس.

وعزا المتداولون أيضاً بعض الضعف في الأسهم إلى تفكيك المواقف الحادة في صفقات الحمل، حيث يقترض المستثمرون الأموال من الاقتصادات ذات أسعار الفائدة المنخفضة مثل اليابان أو سويسرا لتمويل رهاناتهم في الأصول ذات العائد المرتفع في أماكن أخرى. وانخفضت عائدات سندات الخزانة الأميركية إلى أدنى مستوى لها في عام، وتحولت الفجوة التي جرت مراقبتها عن كثب بين سندات الخزانة لمدة عامين وعشرة أعوام إلى إيجابية لأول مرة منذ يوليو 2022، وهو ما يشير عادة إلى أن الاقتصاد يتجه نحو الركود.

ويرى المتداولون الآن احتمالات بنسبة 92.5% بأن يخفض البنك المركزي الأميركي أسعار الفائدة القياسية بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر/ أيلول، مقارنة باحتمالات بنسبة 11% الأسبوع الماضي، وفقاً لأداة FedWatch التابعة لبورصة شيكاغو التجارية.

وفي سوق النفط، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 0.66% لتبلغ عند التسوية 76.30 دولاراً للبرميل، كما هبطت العقود الآجلة للخام الأميركي 0.79% لتبلغ عند التسوية 72.94 دولاراً.

وفي أسواق مال أوروبا، سجل مؤشر الأسهم الرئيسي أدنى مستوى له في أكثر من ستة أشهر يوم الاثنين، إذ دفعت المخاوف من تباطؤ الاقتصاد الأميركي الأسهم العالمية إلى التراجع، بينما تصدرت أسهم شركات الطاقة والمرافق الخسائر على نطاق واسع. وأغلق مؤشر ستوكس 600 منخفضاً 2.2%، لكنه ابتعد عن أدنى مستوى سجله خلال الجلسة. وسجل المؤشر القاري أكبر انخفاض له في ثلاثة أيام منذ يونيو 2022، وأغلق دون مستوى 500 نقطة الرئيسي لليوم الثاني.

وسادت حالة من العزوف عن المخاطرة وسط مخاوف من احتمالية انزلاق الولايات المتحدة إلى ركود، وهو ما أثر بشكل حاد على تداولات وول ستريت وأسواق الأسهم الأخرى، وزاد من آمال خفض أسعار الفائدة لتحفيز النمو الاقتصادي. وقدمت أنباء انتعاش قطاع الخدمات الأميركي بعض الارتياح للمتعاملين، ما ساعد الأسهم الأميركية والأوروبية على تعويض بعض خسائر اليوم.

وعلى صعيد المؤشرات الأوروبية الأخرى، تراجع مؤشر داكس الألماني ومؤشر كاك 40 الفرنسي ومؤشر فاينانشال تايمز البريطاني ومؤشر إيبكس 35 الإسباني بنسب تتراوح بين 1.4% و2.3%، لتصل إلى أدنى مستوياتها في عدة أشهر خلال اليوم.

وفي جلسة عصيبة لجميع القطاعات الأوروبية، سجل قطاع الطاقة أدنى مستوى له في ستة أشهر، مقتفياً أثر انخفاض أسعار النفط، في حين لامست أسهم شركات المرافق أدنى مستوى لها في أكثر من شهر. كما هبطت أسهم قطاع البنوك إلى أدنى مستوى لها في أربعة أشهر بسبب مخاوف دخول اقتصاد الولايات المتحدة في ركود.

وفي الوقت نفسه، كان قطاعا التكنولوجيا والمواد الكيماوية من بين القطاعات الأقل تضررا، على الرغم من انخفاض كل منهما بنحو 1%. وعلى صعيد الشركات، هوى سهم أكبر شركة منتجة للنحاس في أوروبا أوروبس 12% بعد تسجيل أرباح قبل الضرائب دون التوقعات في الربع الثالث. ومن ناحية أخرى، ارتفع سهم إنفينيون 1.3% عقب خطط خفض الوظائف، في حين قفز سهم "أو.سي.آي" 13% على خلفية خطط بيع مشروع للأمونيا النظيفة في تكساس إلى وودسايد إنرجي مقابل 2.35 مليار دولار.

وفي وقت سابق في آسيا، انخفض مؤشر نيكاي في طوكيو بنسبة 12.4%، وهو أسوأ انخفاض في تاريخه. وقد أدى تشديد بنك اليابان السياسة النقدية وارتفاع قيمة الين إلى زيادة المخاوف من الركود في الولايات المتحدة، ما أدى إلى التراجع الحاد في بورصة طوكيو. كما انخفضت أسهم تايوان وسيول بأكثر من 8%، بحسب فرانس برس.

وعلق كبير مسؤولي الاستثمار في "يو بي إس غلوبل ويلث" مارك هيفيل بأن أرقام التوظيف الأميركية "تشير إلى أن الاحتياط الفدرالي قد يكون تأخر في خفض أسعار الفائدة فترة طويلة، ما يهدد بإحداث ركود". فلمكافحة التضخم، رفع مجلس الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى لها منذ 20 عاماً، في نطاق 5.25% إلى 5.50%، لإجبار الاقتصاد الأميركي على التباطؤ.

وحتى الآن، رأى المحللون أن الاقتصاد الأميركي قوي وينمو بشكل طفيف مع تباطؤ التضخم، وهو السيناريو الحلم المتمثل في "الهبوط الناعم" بعد فترة شهدت تسارعاً في التضخم إثر وباء كوفيد 19. لكن الأسواق باتت تعتقد أن الاحتياط الفدرالي الأميركي سيضطر إلى خفض أسعار الفائدة الرئيسية بشكل أكثر حدة مما كان متوقعاً في محاولة لتجنب الركود.

وبالتالي، إذا شرع الاحتياط الفدرالي، في سبتمبر/ أيلول، في خفض أولي للفائدة بمقدار 0.5%، "فستكون تلك طريقته للاعتراف" بأنه استغرق وقتاً طويلاً للغاية لتخفيف سياسته النقدية، وفق تقدير المحلل ستيفن إينيس. وأثرت المخاوف على السندات قصيرة الأجل، فيما ارتفعت الفائدة على السندات الأطول مدة.

ارتفاع عملات الملاذ الآمن في أسواق المال.. وبيتكوين تخسر 20%

وفي مقابل هذا الاتجاه، يظهر الين ارتفاعاً مستفيداً من وضعه ملاذاً آمناً وسط مخاوف من الركود في الولايات المتحدة. وارتفعت العملة اليابانية 2.74% مقابل الدولار إلى 142.62 يناً للدولار، وبنسبة 2.1% مقابل اليورو إلى 156.58 يناً. كما ارتفع الفرنك السويسري بنسبة 1.26% مقابل الدولار إلى 1.1774 دولار للفرنك الذي يعتبر أيضاً ملاذاً آمناً.

وعلى العكس، انخفضت العملة المشفرة الأولى في العالم بيتكوين، التي تعتبر من الأصول المحفوفة بالمخاطر، بنسبة تناهز 20% منذ مساء الجمعة.

المساهمون