هل تتجه الشركات إلى تقليص أيام العمل لأربعة أسبوعياً؟

30 ابريل 2023
توصلت دراسات إلى أن العمل ساعات أقل لا يضر بالإنتاجية (فرانس برس)
+ الخط -

مع توجه عدد من الدول والشركات حول العالم إلى تطبيق نظام العمل مدة أربعة أيام في الأسبوع بدلاً من نظام الخمسة أيام المتبع حالياً في معظم الدول، تتضارب الآراء حول جدوى تطبيق هذا النظام.

غدت خيارات العمل المرنة تحظى بالقبول في دول وشركات عالمية عدة، وتدرس كثير من الدول والشركات إمكانية اعتماد هذا التغيير.

تجارب دولية

عندما جرّبت شركة "مايكروسوفت اليابان" 4 أيام عمل في الأسبوع، ارتفعت الإنتاجية بنسبة 40%، وكان الجميع أيضاً أكثر سعادة.

كما أعلنت الشركة عن مزايا أخرى ترافقت مع التجربة، مثل 60% تخفيض لحجم الورق المطبوع، وانخفاض بقيمة 23% من النفقات الكهربائية.

وفي نيوزيلندا، قام أندرو بارنز، صاحب إحدى الشركات، بتطبيق نظام الأربعة أيام كنوع من التجربة، وبعد أن لاحظ عدم تأثر الإنتاجية، أقرّ النظام الجديد للعمل.

وقال 40% من حوالي 2900 موظف شاركوا في تجربة بالمملكة المتحدة حول العمل 4 أيام أسبوعياً، ونشرتها "ذا غارديان" مؤخراً، إنّ لديهم مشاكل نوم أو أرقاً أقل، بينما لم يلاحظ 45% أي تغير في نومهم، وأفاد 15% بزيادة في مشاكل النوم.

وقالت 56 شركة، أو 92% من الشركات المشاركة في التجربة، إنها ستستمر في العمل ضمن نظام أربعة أيام في الأسبوع.

وقالت الشركات التي شاركت إنها رأت فوائد، حيث زادت الإيرادات بنسبة 1.4% في المتوسط أثناء التجربة، وبالمقارنة مع مقدار الوقت المماثل خلال أسبوع عمل عادي مدته خمسة أيام في الماضي، شهدت الشركات المشاركة زيادة في الإيرادات في المتوسط بنسبة 35%، وفقاً لنتائج التجربة.

وشكلت صناعة التسويق والإعلان أكبر قطاع من الشركات التي شاركت في الدراسة، حيث شكلت الخدمات المهنية ثاني أكبر مجموعة، واحتلت الجمعيات الخيرية والمنظمات غير الربحية المرتبة الثالثة.

ضغوط العمل

وتُظهر نتائج الاستطلاع الحالة المزاجية السائدة في مكان العمل، حيث قال أربعة من كل عشرة موظفين إنهم ناموا بشكل أفضل، وأفاد 39% من الموظفين بأنهم شعروا بضغط أقل، وشعر 71% منهم بإرهاق أقل بنهاية التجربة.

وفي ذات السياق، تشير مجلة فوربس، في تقرير حديث لها، إلى أول دراسة من نوعها في أيسلندا، حيث أجريت تجربتان شملتا أكثر من 2500 موظف حكومي، يمثلون أكثر من 1% من إجمالي السكان العاملين في البلاد، انتقلوا من 40 ساعة عمل أسبوعياً إلى 35 ساعة في الأسبوع، وتوصلت الدراسة إلى أنّ العمل ساعات أقل لا يضر بالإنتاجية.

وأبلغ الموظفون عن شعورهم بتوتر أقل، وقالوا إنّ كلاً من صحتهم ورفاهيتهم وتوازنهم بين العمل والحياة قد تحسّن تحسناً ملحوظاً، كذلك أفادوا بتوفر مزيد من الوقت والطاقة للنشاطات الأخرى.

مزايا ومخاوف

من جانبه، يعتبر حمزة صالح، مستشار التوجيه المهني والباحث في فلسفة الاقتصاد، أنّ تجربة تقليل أيام العمل محاولة لتقليل الإرهاق الذي يعاني منه العاملون، والذي يعد سبباً رئيساً في ضعف الإنتاجية وعدم الشغف في العمل.

ويضيف، لـ"العربي الجديد"، أنّ هناك مزايا اجتماعية للتجربة، حيث إنّ تقليل أيام العمل سيسمح للعاملين بحرية حركة ومساحة أكبر للتواصل مع محيطهم الاجتماعي العائلي والأصدقاء، وهو ما يعد عنصراً رئيساً بين دوافع استمرارية التنمية ورفع إنتاجية العامل.

ويشير صالح إلى أنّ "زيادة أعباء العاملين تقلل من فعالية أدائهم وكفاءة إنتاجيتهم، كما أنها سبب في فقد الشغف بالعمل"، لافتاً إلى أنّ "تقليل أيام العمل لم يثبت علمياً إلى الآن أنه يحقق فعالية أداء للعامل بصورة أكبر أو إنتاجية بصورة أفضل، وإن كانت النتائج الأولية أثبتت أنها كانت سبباً في ارتفاع الشغف بالعمل".

وعن إمكانية تطبيق التجربة في الدول العربية، يلمح صالح إلى أنّ "هذه التجربة قد تمر بعدد من التحديات، تكمن بالأساس في عدم فهم الإدارات والمالكين لطبيعة هذا التطبيق والهدف منه بصورة كاملة"، مضيفاً أنّ "أصحاب الأعمال يرغبون في زيادة أعباء العاملين، ظناً منهم أنّ ذلك سيزيد الإنتاجية، لكنهم يغفلون في غمرة الضغط الممارس على العاملين عن جودة الإنتاجية في كثير من الأحيان".

ويشير صالح إلى أنّ "هناك تحدياً آخر لا يقل أهمية، وهو رغبة أصحاب الأعمال في تقليل الأجور تبعاً لتخفيض أيام العمل، وهو ما سيقابله العاملون أنفسهم برفض تطبيق المقترح بالكامل".

ويلفت إلى أنّ "أهم التحديات التي ستواجه التطبيق هو التأثير على ربحية الشركات، الأمر الذي سيعطل التطبيق خوفاً من تقليل الربح الذي يعد الهدف الأكبر للمشروعات الخاصة".

واختتم صالح بالقول إنّ "تحسين مزاج العاملين ونموهم الاجتماعي ليس من أولويات معظم المؤسسات الخاصة في عالمنا العربي، بل إنّ بعض المسؤولين يعدون هذا الأمر واحداً من الأمور الهامشية".

المساهمون