هل تكون للاقتصاد الكلمة العليا فيمن يسكن البيت الأبيض العام القادم؟

11 ابريل 2024
لا يرى أغلب المحللين أن سياسات الرئيس الأميركي هي المؤثر الأكبر في قوة الاقتصاد (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الانتخابات الرئاسية الأمريكية تشهد نقاشًا حول أهمية الاقتصاد مقابل القضايا الدولية، مع تركيز الناخبين على الأثر المباشر للسياسات الاقتصادية على حياتهم اليومية مثل تكلفة البنزين وتوقعات الأسعار.
- مارك كوبان يؤكد أن الشعب الأمريكي هو المحرك الأساسي للاقتصاد، وتظهر استطلاعات الرأي أن تعزيز الاقتصاد يعد أولوية للناخبين، مما يبرز أهمية السياسات الاقتصادية وقرارات الفائدة والتضخم.
- الإدارة الأمريكية تواجه تحديات اقتصادية كالتضخم العالي وارتفاع أسعار الفائدة، بينما يعد سوق العمل بإضافة أكثر من 14 مليون وظيفة إنجازًا لإدارة بايدن، ما يعكس قوة الاقتصاد الأمريكي.

مع تزايد نشاط حملات مرشحي الرئاسة في الولايات المتحدة والاقتراب من ساعة الحسم، يتساءل المحللون ما إذا كان الاقتصاد سيلعب الدور الأكبر في تحديد ساكن البيت الأبيض للسنوات الأربع القادمة، أم أن هناك قضايا يمكن أن تخطف أصوات الناخبين عند صناديق الاقتراع.

ورغم انشغال الساسة في أروقة واشنطن بقضايا الشرق الأوسط والحرب في أوكرانيا وما تمثله الصين وروسيا من تهديد لحلفاء أميركا، يعي صانعو القرار في حملات الرئيسين الحالي جو بايدن والسابق دونالد ترامب أن الناخب الأميركي التقليدي يتأثر قراره الأخير بتكلفة غالون البنزين الحالية، وما يتوقعه من تحرك للأسعار خلال الفترة القادمة، وبحسب من يفوز في سباق الانتخابات.

رجل الأعمال الملياردير مارك كوبان عبر عن قلقه من تركيز الأميركيين على الاقتصاد عند اختيار الرئيس القادم، مؤكداً في رسالة لعملائه بالبريد الإلكتروني على "ضآلة التأثير الذي يتمتع به أي رئيس في ما يخص الاقتصاد الأميركي".

وكتب: "إننا نحن الـ330 مليونًا الذين يحركون الاقتصاد، وليس شخص واحد".

وينظر الأميركيون إلى صحة الاقتصاد باعتبارها واحدة من القضايا الرئيسية التي يتعين على الرئيس والكونغرس معالجتها هذا العام.

وفي استطلاع للرأي شمل 5140 أميركيًا وأجراه مركز بيو للأبحاث في يناير/كانون الثاني، قال 73% من المشاركين إن "تعزيز الاقتصاد" هو الأولوية القصوى للرئيس والكونغرس في عام 2024".

ولا يرى أغلب المحللين أن سياسات الرئيس الأميركي هي المؤثر الأكبر في قوة الاقتصاد في أي فترة، ويضعون قبلها عوامل أكثر أهمية، تشمل عادة أسعار الفائدة، والوظائف، والإنفاق الاستهلاكي.

أسعار الفائدة

ويحدد بنك الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة الأساسية في البلاد. وبينما لا تزال المعدلات الحالية أعلى من هدف البنك، فإن القرار بشأن موعد خفض أسعار الفائدة سيتأثر بصورة كبيرة بسوق العمل والإنفاق الاستهلاكي للمواطنين، وكلاهما لا يزال قوياً.

ويحاول البنك الفيدرالي السير على الخط الرفيع بين رفع الفائدة الذي يدفع المستهلكين للإنفاق أقل مما ينبغي، وهو ما يضر الشركات، وبين الإنفاق أكثر مما ينبغي، وهو ما قد يؤدي إلى التضخم. ويقول كوبان إن "الإنفاق والتوظيف من العوامل التي يتحكم فيها الشعب الأميركي وليس الرئيس.

ومع ذلك، تدرك الإدارات المختلفة أن بعض السياسات المتبعة يمكن أن يكون لها تأثير كبير على معدلات الفائدة في البلاد. وعلى سبيل المثال، يمكن أن تؤثر التعريفات الجمركية على نجاح الشركات، ما يؤثر بدوره على التوظيف ويمكن أن يؤثر أيضًا على مقدار الأموال التي ينفقها الأميركيون إذا تغيرت أسعار السلع.

التضخم

وشكل التضخم تحديا كبيرا لإدارة بايدن، حيث ارتفعت الأسعار بسرعة منذ تفشي الوباء، ما تسبب في تسجيل أعلى معدلات للتضخم في البلاد في أكثر من أربعة عقود. وسجل متوسط التضخم في الربع الثاني من عام 2022 معدل 9%.

وأثر ارتفاع الأسعار بصورة واضحة على قطاعات مثل الغذاء والوقود والسيارات والعقارات والخدمات الصحية. واقترب معدل التضخم من 3% فقط في الربع الرابع من العام السابق. وعلى الرغم من تشديد السياسة النقدية من قبل البنك الفيدرالي، إلا أن ارتفاع الأسعار أدى إلى زيادة عدم الرضا عن إدارة بايدن، حيث يمثل استقرار الأسعار أولوية مهمة للأميركيين. 

نمو الاقتصاد

ويسير الاقتصاد الأكبر في العالم حالياً بخطى سريعة، ويحقق أفضل معدلات نمو بين الاقتصادات الكبرى، ولكن العديد من الأميركيين ما زالوا لا يشعرون بالارتياح حيال ذلك، حيث ما زالت الأسعار مرتفعة، ومعدلات الفائدة أعلى من متوسطاتها التاريخية، وهو ما يحبط الكثير من أحلامهم، وفي مقدمتها حلم تملك بيتهم الخاص.

ويمثل تملك المنازل الطريقة الأساسية التي يمكن من خلالها تجميع الثروة في الولايات المتحدة. ومنذ النصف الثاني من عام 2020، حدثت زيادة كبيرة في أسعار المنازل، ما تسبب في زيادة ثروات أصحاب المنازل الحاليين، رغم منع الكثيرين من دخول سوق الشراء. وبشكل عام، أصبح شراء منزل أكثر صعوبة في ظل إدارة بايدن، حيث شهدت الفترة من صيف 2020 إلى خريف 2022 ارتفاع أسعار المنازل بمتوسط 49%.

وفي عام 2023، استقرت الأسعار إلى حد ما، لتقترب من متوسط 400 ألف دولار، رغم أن هذا الرقم لا يزال مرتفعاً بشكل كبير مقارنة بفترة ما قبل الوباء. وبالإضافة إلى ذلك، ارتفعت أسعار الفائدة على قروض الرهن العقاري من 3.6% إلى 7.9% خلال السنوات الثماني الماضية.

سوق العمل

وتدفع إدارة الرئيس الحالي بأن أحد أكبر إنجازات بايدن هو سوق العمل القوية، رغم التحديات التي أعقبت ظهور وانتشار فيروس كوفيد 19. ولم يتوقع أغلب الاقتصاديين نمو الوظائف على الإطلاق. والأهم من ذلك أنه على الرغم من تشديد السياسة النقدية من قبل بنك الاحتياط الفيدرالي، فإن سوق العمل لم تكن مستقرة فحسب، بل تمكنت أيضًا من تحقيق النمو.

وفي السنوات الثلاث الأولى من رئاسة بايدن، أضاف أصحاب الشركات الأميركية أكثر من 14 مليون وظيفة، أي حوالي 400 ألف وظيفة جديدة شهرياً. ومع ذلك، تراجع هذا الاتجاه في نهاية عام 2023، عندما انخفض عدد الوظائف الجديدة إلى 216 ألف وظيفة في ديسمبر/كانون الأول.

في المقابل، وخلال السنوات الثلاث الأولى لإدارة الرئيس ترامب، بلغ متوسط الوظائف الجديدة في البلاد حوالي 176 ألف وظيفة شهريًا. إلا أن تفشي الجائحة تسبب في إلغاء أكثر من 20 مليون وظيفة.