تسعى الكويت إلى توسيع دائرة استثماراتها في الخارج في إطار تنويع الإيرادات، وتأمين إمدادات الغذاء والماء من خلال استثمارات ضخمة تعمل على تطويرها وتنميتها.
وتعتمد الموارد المالية للدولة للكويت على رافدين أساسيين، هما: الإيرادات النفطية، والصندوق السيادي، لكن إيرادات الصندوق لا تدخل ضمن ميزانية الدولة، وتظل لحساب الأجيال القادمة، ولذا لا تُذكَر في موازنة البلاد، التي تظهر معتمدة على إيرادات النفط بنسبة تقارب 90%.
كما تواجه دول الخليج عموما، والكويت خصوصا، تحديا كبيرا على صعيد المياه، إذ هي من بين الدول الأكثر فقراً في مصادر المياه الطبيعية على مستوى العالم، وتعتمد كلياً على تقنيات تحلية مياه البحر لتوفير احتياجات سكانها.
وقرر مجلس الوزراء الشهر الماضي، توجيه الهيئة العامة للاستثمار لإعداد تصور للاستثمار مع الشركات العالمية في مجالات الغذاء والدواء والكهرباء والماء والإسكان.
كما قررت وزارة التجارة والصناعة في أغسطس/آب الماضي، تشكيل لجنتين وإعادة تشكيل لجنة ثالثة تعنى جميعها بتعزيز أمن الغذاء.
ودخلت الكويت الشهر الماضي، عبر الصندوق السيادي في مشاريع أمن غذائي في كازاخستان باستثمارات تتراوح ما بين 1.5 و2 مليار دولار.
كما وقعت اتفاقات باستثمارات تصل إلى 10 مليارات دولار مع باكستان تشمل خزانات مياه، ومنشآت تعدين، وحماية غابات نباتات المانغروف في المناطق الساحلية، وتكنولوجيا المعلومات، ومبادرات لتعزيز الأمن الغذائي.
وبحسب بيانات "المعهد العالمي للموارد"، فإن الكويتيين ضمن نطاق ربع سكان العالم، الذين يواجهون سنويا "إجهادا مائيا مرتفعا"، ويتوقع أن يتأثر منه مليار شخص إضافي بحلول عام 2050.
تنويع وتأمين
ويشير الخبير الاقتصادي، محمد الناير، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أنه إزاء تعرض البورصات العربية، خاصة الخليجية منها، أيضا لخسائر فادحة، نظرا لارتباطها بحالة البورصات في الغرب، فإن المرحلة القادمة لدول الخليج عموما وللكويت خصوصا تحتاج إلى "تنويع الاستثمارات" من جانب، وتركيز توجيهها إلى الدول العربية والإسلامية، من جانب آخر.
وتمتلك الكويت أحد أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، وقالت وكالة "كابيتال انتليجنس" أغسطس/آب الماضي، إن أصول الصندوق تصل الى 803 مليارات دولار، كما أن 50% من أصول الصندوق مُستثمرة في الولايات المتحدة الأميركية، بينما تتوزع بقية الاستثمارات على عشرات الدول من خلال آلاف الشركات.
وتتنوع الاستثمارات ما بين أسهم وسندات أميركية، وقطاع التكنولوجيا، والعقارات والسيارات وأخيرا الغذاء.
كما تمتلك الكويت احتياطيات من النقد الأجنبي بلغت نحو 15.089 مليار دينار (49.3 مليار دولار) في يونيو/حزيران الماضي.
وأضاف الناير أن الاتفاق الأخير بين الحكومتين الكويتية والباكستانية، يوفر فرصاً استثمارية وعائدات جيدة، وهو أمر يفيد دول الخليج التي تأثرت كثيرا بالأزمة الاقتصادية العالمية، وبانهيار البورصات وإفلاس بعض البنوك العالمية، ما أدى إلى خسارتها لكثير من الأموال المستثمرة في الغرب تحديدا.
كما يرى الناير ضرورة ألا يكون تركيز الاستثمارات الخارجية للكويت على دولة واحدة، وإن كانت ذات فرص واعدة مثل باكستان، وذلك في إطار استراتيجية التنويع.
وأشار إلى أن ذلك "يشمل توجيه الاستثمارات الدول ذات الإمكانيات الكبيرة من الموارد الطبيعية، مثل السودان، خاصة أن التحدي الاقتصادي للمرحلة القادمة ليس هو تنويع عوائد الاستثمارات وزيادة رقعتها فقط، بل أيضا تأمين الغذاء، في ظل مؤشرات تفيد بأن العالم مقبل على أزمة مياه قد تندلع بسببها حروب جديدة".
ولفت الناير أيضا إلى أن "العالم مقبل على أزمة غذاء وارتفاع بأسعار أهم المواد الغذائية، فضلا عن تغيرات مناخية ذات أثر كبير على الغذاء بصورة أساسية".
وأكد أن "الاستثمار في تأمين الغذاء يمثل أولوية للدول الخليجية، وذلك من خلال الاستثمار في الدول التي لديها إمكانات وقدرات وموارد طبيعية ضخمة".
وأشار إلى إن الاستثمار الكويتي في باكستان يجب أن يمثل "بداية" لمزيد من الاستثمارات في الدول العربية والإسلامية، لا سيما تلك المعروفة بمواردها الطبيعية، بحسب الناير.
وتعد إسلام آباد أكبر مستورد للوقود من الكويت، إضافة إلى استيراد بضائع بين البلدين، مع وجود قرابة 100 ألف عامل باكستاني في الكويت، كما يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 550 مليون دولار، وسط مساعٍ لتنميته.