هل يستطيع الاقتصاد الأوروبي تجاوز أزمة انهيار حكومتي فرنسا وألمانيا؟

09 ديسمبر 2024
لقاء الرئيسين الفرنسي ماكرون والأميركي المنتخب ترامب في باريس (مصطفى يالسن/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواجه الاقتصاد الأوروبي تحديات كبيرة بعد انهيار حكومتي فرنسا وألمانيا، مما يثير مخاوف من تأثيرات سلبية على الاستقرار الاقتصادي في أوروبا، حيث تحذر البنوك الكبرى من زيادة تكاليف الاقتراض واضطرابات الأسواق المالية.
- تعاني أوروبا من تحديات مثل النمو الاقتصادي البطيء والتنافسية المتراجعة، مع تهديدات خارجية كالتعريفات الجمركية الأمريكية، مما يزيد الضغط لإيجاد حلول فعالة.
- يتوقع استمرار عدم الاستقرار حتى 2025، مما يعوق الجهود لدفع النمو الاقتصادي، مع الحاجة لتنسيق السياسات وتخفيف القيود على الاقتراض.

هل يستطيع الاقتصاد الأوروبي تجاوز أزمة انهيار حكومتي فرنسا وألمانيا؟ سؤال طرحه اقتصاديون بعد انهيار حكومة ميشيل بارنبيه في باريس يوم 6 ديسمبر الجاري، وانهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، خاصة وأن اقتصادي فرنسا وألمانيا يتشابكان بشكل عميق مع اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي الأخرى. وهما من أكبر الاقتصادات في أوروبا، ويساهمان بشكل كبير في ميزانية الاتحاد الأوروبي ويؤثران على السياسة النقدية من خلال مشاركتهما في منطقة اليورو. ويحذر مصرفيون من أن يؤدي انهيار الحكومتين إلى اضطرابات اقتصادية قد تنتشر في جميع أنحاء أوروبا.

ويقول مصرفيون، على سبيل المثال، إذا اهتزت ثقة المستثمرين بسبب عدم الاستقرار السياسي في هذين البلدين، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة تكاليف الاقتراض بالنسبة للدول الأعضاء الأخرى أو حتى أزمة في البنوك الأوروبية المعرضة بشدة للديون الفرنسية أو الألمانية.

في هذا الصدد، سلط مصرف "دويتشه بنك" الألماني الضوء على المخاوف بشأن الاستقرار السياسي الذي يؤثر على ثقة السوق في جميع أنحاء أوروبا. كما ناقش مصرف "بي إن بي باريبا" في نهاية نوفمبر الماضي التأثيرات المحتملة على تدفقات الاستثمار إلى أوروبا إذا تم اعتبار الحكومات الفرنسية أو الألمانية غير مستقرة. من جانبه حذر مصرف "سوسيته جنرال" الفرنسي من زيادة التقلبات في الأسواق الأوروبية بسبب الشكوك المحيطة بالسياسات الحكومية الرئيسية. ويرى مصرف "كريدي سويس" السويسري أن أي اضطرابات سياسية كبيرة يمكن أن تؤدي إلى خفض التصنيف الائتماني للدول المتضررة.

وفي ذات الشأن تقول وكالة أسوشييتد برس، في تقرير اليوم الأحد، إنه حتى قبل انهيار الحكومتين الفرنسية والألمانية، كان الاقتصاد الأوروبي يواجه ما يكفي من الصعوبات. حيث يواجه النمو الفاتر والقدرة التنافسية المتخلفة عن الولايات المتحدة والصين. كما أن صناعة السيارات تكافح من أجل البقاء. وبالتالي يتساءل التقرير، أين يمكن لأوروبا العثور على المليارات للدفاع ضد روسيا، بينما يهدد الرئيس المنتخب دونالد ترامب بالتعريفات الجمركية ضد البضائع الأوروبية ويطالب أوروبا بدفع ثمن كلف الدفاع عنها.

ويقول التقرير إن إيجاد الحلول سيكون أكثر صعوبة في حين يظل البلدان اللذان يشكلان ما يقرب من نصف اقتصاد منطقة اليورو،عالقين في الشلل السياسي حتى عام 2025. ويتابع، فبينما كان هناك ما يسمى بالمحور الفرنسي الألماني لدفع أوروبا إلى الأمام، أصبح الآن هناك فراغ في القارة العجوز، حيث استقال رئيس الوزراء الفرنسي ميشيل بارنييه، الخميس، بعد خسارته تصويتاً على الثقة، وبينما سيعين الرئيس إيمانويل ماكرون خلفا له، فإن رئيس الحكومة الجديد سيفتقر إلى الأغلبية. 

وفي برلين انقسم الائتلاف الألماني بقيادة المستشار الديمقراطي الاشتراكي أولاف شولتز مع حزب الخضر والديمقراطيين الأحرار المؤيدين لقطاع الأعمال في نوفمبر/تشرين الثاني، مما أدى إلى إجراء انتخابات مبكرة في 23 فبراير/شباط. وقد تستمر المحادثات لتشكيل حكومة جديدة حتى إبريل/نيسان.

وفي تعليق على الأزمة الأوروبية، قال مجتبى الرحمن، المدير الإداري لأوروبا في مجموعة أوراسيا، إن المستشار الألماني الجديد المحتمل على الأقل، زعيم المعارضة المحافظ فريدريش ميرز، يبدو منفتحًا على تخفيف القيود الدستورية على الاقتراض لتمكين الإنفاق والاستثمار المؤيد للنمو. وقال الرحمن إن فرنسا قد تواجه "شللاً كاملاً في ما يتعلق بالمسألة الاقتصادية. ومن المستبعد إلى حد كبير أن تتمكن من تحقيق توازن سياسي لديه تفويض بتنفيذ تصحيح موثوق للمسار المالي". وأضاف، وفق أسوشييتد برس، "ومن الواضح أن هذه مشكلة بالنسبة لأوروبا لأنها تعني أن الإمكانات الكبيرة للاقتصاد الأوروبي ليست كما ينبغي أن تكون عليه، لأنه ليس لديك فرنسا وألمانيا تعملان بكل قوتهما". وتابع، ثم هناك بيئة الأعمال المتخلفة في أوروبا، والتي قام بتحليلها رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراغي في تقرير يحتوي على توصيات مثل الاقتراض المشترك لدعم الاستثمار العام؛ وتنسيق السياسة الصناعية على مستوى الاتحاد الأوروبي؛ ودمج الأسواق المالية لمساعدة الشركات الناشئة على جمع رأس المال. ومع ذلك، قال الرحمن: "لا يمكن لأي شيء أن يتحرك في أوروبا دون التوافق الفرنسي الألماني".

المساهمون