تمر أسعار النفط في بعض السنوات بدورة صعود وهبوط حادة، ففي شهر يوليو/ تموز 2008 قفزت الأسعار إلى 146.02 دولارا مقابل 28.38 دولارا في منتصف العام 2000، وتسببت ثورات الربيع العربي في 2011 في حدوث نقصٍ بالإمدادات النفطية، وساعد ذلك في رفع الأسعار إلى 126.48 دولارا للبرميل.
وأدت الفوائض في الأسواق العالمية من النفط الصخري الأميركي إلى حدوث انخفاض حاد في الأسعار، من 114.84 دولارا للبرميل في منتصف 2014، إلى 28.47 دولارا في بداية 2016.
هل تستخدم بعض الدول مليارات الطفرة النفطية في تمويل الثورات المضادة ودعم الانقلابات العسكرية في المنطقة؟
وخلال قفزات أسعار النفط تدفقت مئات المليارات من الدولارات على خزائن دول الخليج واحتياطياتها من النقد الأجنبي، ولذا رأينا أن احتياطي السعودية الأجنبي قفز إلى أكثر من 732 مليار دولار بنهاية العام 2014.
كما قفز احتياطي الجزائر لأكثر من 200 مليار دولار، وتراكمت الفوائض لدى الصناديق السيادية الخليجية لتتجاوز 2000 مليار دولار، أما الفساد والحروب فقد ابتلعت فوائض العراق وليبيا ودول نفطية عربية أخرى.
لكن الوضع تغير عقب تفشي جائحة كورونا واندلاع الحرب السعرية النفطية بين الرياض وموسكو في 2020 حيث تهاوت أسعار النفط لأقل من 20 دولارا للبرميل.
حينها وفي بداية فبراير/ شباط 2020، خرج علينا صندوق النقد الدولي محذرا من تلاشي ونفاد ثروات دول الخليج التي تعتمد بشدة على إيراداتها النفطية خلال 15 عاما وبحد أقصى عام 2034 مع تراجع الطلب العالمي على النفط وانخفاض الأسعار.
كان هذا التحذير صادما، وخاصة أنه جاء قبيل تفاقم خسائر كورونا الفادحة، واندلاع الحرب النفطية التي خسرت فيها دول الخليج مليارات الدولارات مع تهاوي الأسعار، وبالفعل لاحظنا تراجعا ملحوظا في احتياطيات الدول العربية النفطية.
مواطنو دول الخليج ينتظرون توجيه جزء من الأموال الضخمة في دعم أسعار السلع الرئيسية، وتخفيف حدة الفقر ومكافحة البطالة
فاحتياطي السعودية مثلا تراجع إلى 440 مليار دولار بنهاية إبريل/ نيسان 2020، وهو أدنى مستوى له في 10 سنوات، وهو ما يعني أن احتياطي المملكة خسر نحو 300 مليار دولار على مدى السنوات الست الماضية.
واحتياطي الجزائر من النقد الأجنبي تهاوى ليبلغ 42 مليار دولار وفق تصريحات الرئيس عبد المجيد تبون يوم 2 مارس الماضي.
الآن، عادت أسعار النفط للصعود، حيث قفزت إلى 85 دولارا للبرميل، وهناك توقعات بأن تصل إلى 120 دولارا بحلول منتصف العام المقبل. بل إن توقعات ترشح الأسعار للصعود إلى 200 دولار للبرميل.
ومع هذه القفزات توقع صندوق النقد الدولي، هذا الأسبوع، ارتفاع احتياطيات دول الخليج الست الغنية بالنفط بين 300 و350 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة.
ومع تدفقات مليارات الدولارات تلك على الخزائن الخليجية فإن الأسئلة المطروحة، هل تعي دول الخليج الدرس وتحافظ على هذه المليارات لصالح الأجيال الحالية والمستقبلية ولصالح المواطن والاقتصادات الوطنية؟
صندوق النقد الدولي تتوقع ارتفاع احتياطيات دول الخليج بين 300 و350 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة
وهل تستخدم هذه الدول جزءا من هذه الأموال الضخمة في دعم أسعار السلع الرئيسية، خاصة الوقود والغذاء، وتخفيف حدة الفقر ومكافحة البطالة وإقامة مصانع جديدة توفر فرص عمل لملايين الشباب العاطل وتحد من الواردات، وبالتالي تخفف الأعباء المعيشية عن الموطن وتُوقف قفزات الأسعار التي يئن منها الجميع؟
أم يتم استخدام هذه المليارات في تمويل بعض دول الخليج الثورات المضادة ودعم الانقلابات العسكرية في المنطقة، وإجهاض أحلام الشعوب العربية في العيش بحرية وكرامة، وشراء أسلحة بهدف كسب ولاءات الأنظمة الغربية، خاصة من الولايات المتحدة؟