استمع إلى الملخص
- شبكة شمخاني مسؤولة عن أكثر من ربع تسليم الأسلحة الإيرانية لروسيا، ولها امتدادات في لندن وجنيف وسنغافورة. رغم المخاطر، تجارة الأسلحة ليست غير قانونية، وتُستخدم الطائرات بدون طيار في أوكرانيا.
- منذ منتصف 2023، تقوم سفن "كريوس" برحلات متكررة بين إيران وروسيا، وتسيطر شبكة شمخاني على أسطول يضم ناقلات النفط وسفن الشحن، مما يجعل فرض العقوبات تحديًا.
نقلت وكالة بلومبيرغ عن مسؤولين أميركيين ومصادر مطلعة أن قطب النفط الإيراني حسين علي شمخاني أو "هيكتور" (Hector) له دور رئيسي في مبيعات الأسلحة إلى روسيا. ويعتبر قطب النفط الإيراني الذي يعد والده علي شخصية بارزة في طهران والذي تمكن من ترسيخ نفسه بهدوء في قلب النظام المالي الغربي من بين مجموعة من رجال الأعمال الذين يتعاملون مع عمليات تسليم الأسلحة عبر بحر قزوين إلى روسيا، وهو ما يساعد موسكو في حربها في أوكرانيا.
ووفقا لأكثر من عشرة مسؤولين أميركيين وبريطانيين وأوروبيين وأشخاص مطلعين، تشير "بلومبيرغ" إلى أن حسين شمخاني بدأ من خلال شبكة من الشركات التي يشرف عليها والتي تشمل شركة "كريوس شيبينغ" (Crios Shipping LLC) ومقرها دبي، في نقل الصواريخ ومكونات الطائرات بدون طيار والسلع ذات الاستخدام المزدوج عبر بحر قزوين على متن سفينتين على الأقل في العام الماضي.
وتدفع موسكو ثمن هذه الشحنات بشحنات من النفط، كما قالت المصادر، وهو نوع من تجارة المقايضة التي أصبحت شائعة بشكل متزايد بسبب العقوبات الأميركية والأوروبية على كل من روسيا وإيران. وتمثل المعاملات، التي تزامنت مع استخدام روسيا مزيداً من الأسلحة الإيرانية في هجومها على أوكرانيا، جانبا آخر من شبكة الأعمال العالمية المترامية الأطراف المرتبطة بحسين شمخاني، الذي كان والده علي وزير الدفاع الإيراني الأطول خدمة ولا يزال مستشارا كبيرا للمرشد الأعلى علي الخامنئي.
وبحسب "بلومبيرغ"، تتعامل شبكة شركات شمخاني مع أكثر من ربع الحجم الإجمالي لتسليم الأسلحة الإيرانية إلى روسيا، وفقا لأشخاص يتتبعون المعاملات. وتمتد إمبراطوريته أيضا إلى صندوق تحوط، والذي يعمل من مكاتب في لندن وجنيف وسنغافورة، إضافة إلى شركة تداول سلع مقرها دبي تتعامل مع شركات النفط الغربية الكبرى.
وأقرت إيران وروسيا بتعزيز تعاونهما الدفاعي من دون الكشف عن كل التفاصيل. وفي حين أن تجارة الأسلحة الثنائية تعرض المشاركين لعقوبات محتملة من الحكومات الغربية، إلا أنها ليست غير قانونية. فقد قال مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون، الذي يدير حاليا مؤسسة الأمن والحرية الأميركية للأبحاث في السياسة الخارجية ومقرها واشنطن، في مقابلة: "أعتقد أن شبكة شمخاني مرتبطة بعقود الطائرات بدون طيار لاستخدامها في أوكرانيا".
ولم يرد ممثلو حكومتي إيران وروسيا وأيضاً كريوس على طلبات التعليق. ورفض محام يمثل شمخاني، الذي طعن باستمرار في تقارير "بلومبيرغ" عن شؤونه التجارية، التعليق على تفاصيل هذه القصة في رد عبر البريد الإلكتروني على الأسئلة. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية إن الولايات المتحدة حذرت من الشراكة الأمنية المتعمقة بين روسيا وإيران منذ بداية غزو موسكو الكامل لأوكرانيا. وقال المتحدث: "هذه الشراكة تهدد الأمن الأوروبي وتوضح كيف يمتد نفوذ إيران المزعزع للاستقرار إلى ما هو أبعد من الشرق الأوسط وحول العالم".
شمخاني ورحلات شحن بحر قزوين
كما تلفت "بلومبيرغ" إلى أنه منذ منتصف عام 2023، تحولت العديد من سفن كريوس التي كانت تبحر سابقا في طرق البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود فجأة إلى بحر قزوين، وقد انتقلت ذهابا وإيابا بين إيران وروسيا منذ ذلك الحين، وفقا لبيانات تتبع السفن التي جمعتها الشبكة الأميركية. وتشمل السفن "سي كاسل" (Sea Castle)، المعروفة أيضا باسم "توكا" (Tooka) و"سي أنكور" (Sea Anchor)، المعروفة أيضا باسم "روجا" (Roja)، رغم أنهما ليستا السفينتين الوحيدتين، كما قالت مصادر "بلومبيرغ"، التي أشارت بياناتها إلى أنه خلال هذا العام قامت كلتا السفينتين بخمس رحلات على الأقل من الموانئ الإيرانية إلى أستراخان الروسية.
ووفقا لمعايير الشحن الدولي، فإن "سي أنكور" و"سي كاسل" صغيرتان لكنهما كافيتان لنقل الأسلحة في رحلات قصيرة عبر بحر قزوين. لديهما ثلاثة آلاف وأربعة آلاف طن من سعة النقل، أي نحو 1/100 مما قد تنقله سفن الحاويات العملاقة التي تنقل البضائع عبر محيطات العالم. وتم تشييد "سي أنكور" البالغ طولها 108 أمتار (354 قدما)، عام 1984 في رومانيا، بعد عام واحد من بناء "سي كاسل" التي يقل طولها عن الأولى مترا واحدا، في الاتحاد السوفييتي السابق.
ولا تسرد قاعدة البيانات التي تحتفظ بها "ستاندرد أند بورز غلوبال" (S&P Global) الدولة التي تم تسجيل أي من السفينتين فيها. تُظهر السجلات التي جمعتها شركة الاستخبارات البحرية "بول ستار غلوبال" (Pole Star Global) أنهما استخدمتا أعلاما من بالاو، وهي جزيرة في المحيط الهادئ مدرجة على القائمة السوداء الدولية باعتبارها سجلا للسفن.
معلوم أن تجارة الأسلحة مقابل النفط هي أحدث التفاصيل في تحقيق "بلومبيرغ نيوز" الذي استمر لمدة عام في أنشطة شمخاني التجارية، والذي يتضمن مقابلات مع أكثر من أربعين شخصا على دراية بعملياته بالإضافة إلى مراجعة الوثائق السرية والسجلات المؤسسية.
الممر المفضل لسفن السلاح
ومن غير الواضح مقدار الأسلحة التي تم تسليمها بواسطة السفن التي تسيطر عليها شبكة شمخاني أو نشرها الدقيق. وقال الأشخاص إن الأسلحة لم يتم الإعلان عنها في بيانات الشحن لتجنب المسارات الورقية. وتسيطر إمبراطورية شمخاني المالية على أسطول يضم عشرات السفن، بما في ذلك ناقلات النفط وسفن الشحن، حسبما قال أشخاص لديهم معرفة مباشرة بهذا الملف. وقد أُسّست شركة "كريوس"، الشركة المركزية لشحنات بحر قزوين، في دبي في أكتوبر/تشرين الأول 2020، وفقا لسجل فيدرالي للكيانات العاملة في الإمارات. وعلى موقعها على الإنترنت، تطلق على نفسها اسم شركة إدارة سفن دولية، لكنها لم تكشف عن أي تفاصيل حول ملكيتها أو قيادتها.
وذكرت المصادر لـ"بلومبيرغ" أنها من بين مجموعة من كيانات الشحن التي يشرف عليها شمخاني، بما في ذلك "أوشن لينك ماريتايم" (Oceanlink Maritime DMCC) و"كوبان شيبينغ" (Koban Shipping LLC). ولفتت المصادر إلى أن معظم الموظفين يشيرون ببساطة إلى شمخاني باسم "أتش" (H) أو "هيكتور" (Hector).
وتتمتع "كريوس" بـ"علاقة وثيقة" مع "أوشن لينك" و"كوبان" اللتين تعملان نيابة عن لوجستيات القوات المسلحة التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية، وفقا لديفيد تانينباوم، وهو مسؤول سابق في مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية وخبير في تتبع شحنات بحر قزوين وتحليل ملكية السفن في ما يسمى بالأسطول المظلم.
وفي إبريل/نيسان، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على "أوشن لينك"، وحددت 13 سفينة تديرها الشركة باعتبارها ممتلكات محظورة، دون الإشارة إلى أي صلة بشمخاني. وفيما لم يستجب ممثلو "أوشن لينك" و"كوبان" لطلبات التعليق، ركزت معظم الإجراءات الأخيرة التي استهدفت شبكته على شحنات النفط. وتواجه الجهود الرامية إلى الحد من الصفقات عبر بحر قزوين تحديات إضافية.
أما الخبير في الأمن الإيراني في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بهنام بن طالبلو، فقال إن "فرض العقوبات على شبكات المقايضة هذه أصعب بكثير، بخاصة عندما تفكر في الهيمنة التاريخية لروسيا في المنطقة"، مضيفاً أنه يجب أن يكون الهدف قصير الأجل هو فضح هذه الشبكات.