تواجه نحو 91 شركة اتهمها تقرير فريق لجنة العقوبات الأممية الخاص باليمن، بالفساد والتلاعب بالوديعة السعودية، خطر تجميد أنشطتها وحساباتها المالية، إذا ثبتت بشكل فعلي استفادتها وتربحها من الوديعة المقدرة بنحو ملياري دولار والتي كانت مخصصة لدعم استيراد خمس سلع أساسية غذائية وتغطية احتياجات السوق المحلية منها.
ومن المقرر أن يستعرض مجلس الأمن في جلسة خاصة سيعقدها بهذا الشأن، غداً الخميس، تقرير فريق الخبراء الأممي الصادر في 22 يناير/ كانون الثاني الماضي، وتضمين ما سيتم استنتاجه من توصيات شملها تقرير فريق الخبراء ورفعها لجلسة أخرى لاعتمادها وتحديد القرارات اللازمة بشأنها.
وحذر الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية اليمنية، في رسالة وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، وأعضاء مجلس الأمن، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، من تداعيات الأخذ بتوصيات خبراء اللجنة الأممية بشأن 91 شركة يمنية تعاملت مع برنامج الوديعة السعودية، وذلك بعد تأكيد إدراج مجلس الأمن توصيات خبرائه بشأن القطاع الخاص اليمني في أجندة اجتماعه المقرر الخميس المقبل.
وفي تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، استهجن مدير عام الاتحاد محمد قفلة ما ورد في تقرير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن بشأن الاتهامات الموجهة لشركات القطاع الخاص اليمني، والتي اعتبرها ظلما وتجنيا بحق شركات خاصة يمنية متخصصة بإنتاج واستيراد السلع والمواد الغذائية الأساسية وقامت بدور كبير في تغطية احتياجات السوق اليمني من أهم السلع، مثل القمح والدقيق والأرز وتوفير مخزون غذائي ساهم في تخفيف حدة الأزمة الإنسانية التي يواجهها اليمن.
وأشار إلى أن ما ورد في تقرير فريق الخبراء كانت له أضرار مباشرة بالقطاع الخاص وتشويه سمعته خارج البلاد، وانعدام حالة الثقة في التعامل مع الشركات اليمنية التي ذكرها التقرير واتهمها بالفاسدة، مبدياً استغرابه مما سماه "كل هذا الظلم والتجني" بحق مؤسسات وشركات القطاع الخاص اليمني التي تعمل في بيئة صعبة ومعقدة بسبب الحرب والصراع الدائر في اليمن.
وأضاف قفلة أن شركات القطاع الخاص تمارس عملها بكل شفافية ونزاهة واتبعت في ما يتعلق بالوديعة المخصصة لدعم استيراد السلع الأساسية، إجراءات البنك المركزي اليمني في عدن والامتثال لكل ما يتبعه من معايير وأنظمة لفتح الاعتمادات المستندية الخاصة باستيراد السلع والمواد الغذائية إلى اليمن.
وشدد اتحاد الغرف اليمنية، كما ورد في رسالته الموجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، على أن ادعاءات فريق الخبراء ضد 91 شركة يمنية شاركت في برنامج الوديعة السعودية 2018 تعد بالغة الخطورة، في ظل ما قد ينتج عنها من تداعيات تضر بالقطاع الخاص وقد تؤدي إلى قطع الإمدادات الخارجية للسلع الأساسية في اليمن.
وحسب أرفع مؤسسة تمثل القطاع الخاص اليمني، فإن هذه الاتهامات الواردة في التقرير الموجهة ضد القطاع الخاص في اليمن اعتمدت على أسس واهية وبيانات خاطئة، حيث أنها لم تأخذ بعين الاعتبار وجهات نظر الأعضاء في اتحاد الغرف التجارية والصناعية ولم يعطوا حق الرد ولم يتم اطلاعهم على تلك الادعاءات الموجهة ضدهم قبل نشر التقرير.
وكانت مجموعة هائل سعيد انعم، كبرى المجموعات التجارية في اليمن، قد أعلنت، في بيان رسمي اطلعت عليه "العربي الجديد"، تفويض إحدى أكبر شركات التدقيق والتحقيق الدولية للاطلاع على سجلاتها، والوثائق المتعلقة "بالادعاءات" الواردة في التقرير المتصلة بالوديعة بشأن استحواذ المجموعة على معظم مخصصات الوديعة السعودية المقدرة بنحو ملياري دولار أميركي، والتي اعتبرتها معلومات سطحية غير حقيقية.
وفي هذا السياق، قال الخبير والمستشار القانوني محمد عبد الرحمن إن الأمر يتطلب لجنة تحقيق في مدى مساهمة هذه الشركات بإجراءات الوديعة، حسب ما ذكره التقرير، سواء بحسن نية أو سوء نية. وأفاد الخبير القانوني في حديثه لـ"العربي الجديد"، بأن ما حمله التقرير استهداف واضح لرأس المال الوطني في اليمن، لأنه لم يحمل أي إثباتات واضحة تستند إلى تحقيق تم إجراؤه قبل إصدار التقرير.
وتستخدم الحكومة اليمنية الوديعة السعودية منذ مطلع 2018 لتوفير الدولار للتجار بأسعار تفضيلية وفتح الاعتمادات المستندية لاستيراد خمس سلع رئيسية مدعومة، هي الدقيق والأرز والسكر والأدوية وشراء وقود لتشغيل المحطات الكهربائية في عدن والمحافظات الجنوبية من اليمن. ويعتمد اليمن على الاستيراد بشكل رئيسي في تلبية احتياجاته من السلع الغذائية والاستهلاكية بنسبة تتجاوز 80%، حسب بيانات رسمية.
وأكدت مصادر عديدة في القطاع الخاص أن شركاتهم واجهت صعوبات ومعوقات واسعة خلال الفترة الماضية في عملية الاستيراد من الخارج، مثل التأخر الذي كان سائدا في الاعتمادات بالوفاء بالالتزامات تجاه المورد الدولي، والمراسلات البنكية الطويلة، وتغير أسعار الصرف بين مختلف مناطق اليمن، والمبالغ المحتجزة في البنوك الوسيطة، مثل بنوك لبنان، إضافة إلى طلب سداد النقد المستحق للبنك المركزي على التجار في فترة قصيرة لا تتجاوز الأسبوع.
وأثر الانقسام في المؤسسات المالية كثيراً على الأداء التجاري والمعاملات المالية الخاصة بالاستيراد، نظراً لوجود بنكين مركزيين في صنعاء وعدن، العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية، والذي يعمل في بيئة مضطربة غير صالحة لممارسة أي نشاط مالي ومصرفي. وزارت لجنة تابعة للأمم المتحدة، مطلع فبراير/ شباط الجاري، مقر البنك المركزي اليمني في عدن، عقب صدور تقرير فريق الخبراء الأممي، الذي اتهم البنك اليمني بالتلاعب بإجراءات الصرف وتبييض أموال الوديعة السعودية، فيما فند فريق حكومي عقد في وقت سابق من الشهر الحالي اجتماعا افتراضيا مع فريق خبراء لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي، اتهامات الفريق الواردة في التقرير، واعتبرها ادعاءات غير صحيحة.
وكان رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك قد وجه باختيار شركة دولية لمراجعة البيانات المالية للبنك المركزي اليمني وتوسيع نطاق المراجعة ليشمل أنظمة الرقابة الداخلية للبنك، بحيث تقوم الشركة بالتدقيق وفحص إجراءات وبيانات الاستفادة من الوديعة السعودية.