قال وزير المالية المصري، محمد معيط، إن "تكلفة الحصول على البترول والقمح من الخارج تضاعفت بسبب الحرب في أوكرانيا، فضلاً عن الزيادة في أسعار الشحن والنقل، وهو ما يعرض الموازنة العامة للدولة لضغوط شديدة، خصوصاً أن بلاده تستورد نحو 12 مليون طن من القمح سنوياً، منها 6 ملايين لصالح الحكومة، و6 ملايين للقطاع الخاص".
وأضاف معيط أمام مجلس النواب، في جلسة مناقشة مشروع الموازنة الجديدة، الأحد، أن "السعر العالمي للقمح ارتفع من 200 دولار للطن إلى 500 دولار حالياً، وهو ما تكرر مع الوقود إارتفع سعر البرميل من نحو 60 دولاراً إلى 125 دولاراً، حيث تحتاج مصر إلى استيراد 120 مليون برميل سنوياً، ارتفعت تكلفتها بعد الزيادة من 7.2 مليارات دولار إلى 14.5 ملياراً".
وتابع أن "الموازنة الجديدة (2022-2023) خصصت نحو 5 مليارات جنيه لدعم سعر الكهرباء للقطاع الصناعي، و1.5 ملياراً لتحمل تكلفة الضرائب العقارية عن قطاع الصناعة، إلى جانب تخصيص نحو 6 مليارات جنيه لدعم الصادرات، وتحفيز الاستثمار، وزيادة مشاركة القطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية المختلفة، في إطار تنويع أنماط الإنتاج، وخلق فرص عمل على نحو يستهدف صون المسار الاقتصادي الآمن للدولة، وسط الأزمات الاقتصادية المتعاقبة".
وزاد معيط: "التضخم الذي تعاني منه مصر هو خارجي، نظراً لاستيرادها كميات كبيرة من الوقود والسلع الغذائية الأساسية. والحكومة وحدها لن تستطيع مجابهة الأزمة العالمية، وتحتاج إلى التكاتف والتعاون مع البرلمان والمجتمع المدني والشعب المصري بمختلف أطيافه"، على حد تعبيره.
وأكمل قائلاً: "فوائد الدين ارتفعت من 630 مليار جنيه إلى 690 ملياراً في مشروع الموازنة، بسبب تغير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، وتحريك سعر الفائدة بواقع 300 نقطة في مواجهة التضخم. وراعينا خلال إعداد الموازنة وجود تغيرات شديدة تحدث في العالم، وفي الأسواق الدولية من حولنا".
وواصل معيط: "نتوقع أن يكون العجز في حدود 6.2% في الموازنة الجديدة، ومعدل الدين بنسبة 84%. والفارق بين حجم الاستدانة وسداد أقساط القروض قريب من السنة المالية المنقضية، وارتفاع قيمة الأقساط وخدمة الدين يعود إلى تراجع قيمة الجنيه بنحو 20% منذ مارس/آذار الماضي".
في السياق نفسه، قرر وكيل المجلس، أحمد سعد الدين، حذف كلمة "تخطيط مصاطب" من مضبطة الجلسة، إثر خلافات نشبت بين النواب ووزراء الحكومة، على خلفية سياسة التوسع في الاستدانة من الخارج، وارتفاع حجم الاقتراض إلى نحو تريليون و523 مليار جنيه في مشروع الموازنة، علاوة على غياب التخطيط عن مشروعات الدولة.
وقال ممثل الهيئة البرلمانية لـ"الحزب المصري الديمقراطي"، إيهاب منصور، إن "ترتيب الأولويات غير موجود لدى الحكومة التي دأبت على مخالفة الدستور، في ما يخص النسب المخصصة للتعليم والصحة"، موضحاً أن "الموازنة الجديدة خصصت نحو 192 مليار جنيه فقط لقطاعات التعليم ما قبل الجامعي والجامعي، في حين أن النسبة المقررة لها تساوي 553 مليار جنيه".
وأضاف: "إجمالي الناتج المحلي بلغ 9.2 تريليونات جنيه، والدستور خصص نسبة 10% لقطاعات التعليم والصحة والبحث العلمي مجتمعة"، مستطرداً: "الحكومة اعتمدت نحو 128 مليار جنيه لقطاع الصحة، بينما نسبة القطاع -طبقاً للدستور- تساوي نحو 276 مليار جنيه".
بدوره، اتهم النائب فتحي قنديل الحكومة بسوء التخطيط، قائلاً: "هناك 3 مستشفيات متوقفة تماماً عن العمل في محافظة قنا (جنوب)، من جراء تخطيط مصاطب الحكومة، ممثلة في وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية".
وأثارت كلمة قنديل حفيظة وزيرة التخطيط، هالة السعيد، التي ردت قائلة: "هذا تشبيه غير جائز، والحكومة تطالب بحذفه من مضبطة المجلس". وأضافت: "هنا لا أدافع عن الوزارة، ولكن عن الدولة، لأننا نخطط للدولة بأكملها، ونؤدي دورنا وفقاً لخطط مدروسة وعلمية"، حسب زعمها.
وقال وكيل البرلمان: "من حق أي نائب أن ينتقد الحكومة، والكلمة لا يوجد فيها أي شيء مشين حتى تحذف من المضبطة". وعقبت وزيرة التخطيط مجدداً: "هذه الكلمة غير مقبولة، وأنا أخطط للدولة، ولا يليق بمجلس النواب أن يتهم الحكومة بأن تخطيطها غير مدروس أو علمي".
وتضامن معها وزير شؤون المجالس النيابية، علاء الدين فؤاد، بقوله: "نحن مصممون على حذف الكلمة من المضبطة، ونرفض أن يتهم أحد النواب الدولة بأن تخطيطها غير مدروس أو علمي". وهو ما دفع وكيل المجلس في النهاية للاستجابة لطلب الحكومة، وحذف كلمة "تخطيط مصاطب" من المضبطة.
وكان وزير البترول، طارق الملا، قد قال إن لجنة التسعير المعنية بتحديد أسعار البنزين كل 3 أشهر ستجتمع في الأسبوع الأول من شهر يوليو/تموز المقبل، ومن المرجح أن تتخذ قراراً بزيادة سعر البنزين بأنواعه الثلاثة في السوق المحلية قبل حلول عيد الأضحى المبارك، نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار الوقود العالمية، وتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار.
ورفعت الحكومة تقديراتها لدعم المواد البترولية إلى نحو 28.1 مليار جنيه في مشروع موازنة 2022-2023، مقارنة بـ18.4 ملياراً متوقعة في موازنة 2021-2022، بزيادة بلغت نحو 9.7 مليارات جنيه، علماً أن وزارة المالية تفرض رسماً ثابتاً بقيمة 30 قرشاً على كل ليتر يباع من البنزين بأنواعه، و25 قرشاً على كل ليتر من السولار.