يؤكد وزير الموارد المائية العراقي، مهدي الحمداني في مقابلة مع "العربي الجديد"، على أن بلاده تواجه "وضعا مائياً صعباً للغاية"، نتيجة قيام طهران بقطع عدد من روافد الأنهار عن العراق وتحويل مجاري أخرى نحو إيران
وهنا نص المقابلة:
* كيف تشرح النزاع المائي الدائر بين إيران والعراق؟
يواجه العراق وضعاً مائياً صعباً للغاية بسبب سياسة إيران الأخيرة تجاهنا، والمتضمنة قطع عدد من روافد الأنهار وتحويل مجرى أخرى، وهناك إخفاق في التوصل إلى اتفاق معها، في المقابل هناك تقدم في التفاوض مع الجانب التركي في ملف المياه، ونشهد تجاوبا من قبل أنقرة مع مطالب العراق. إذ إن الجانب الإيراني الذي لم يلتزم لغاية الآن بالاتفاقيات المائية تجاه العراق، لا سيما أن اتفاقية الجزائر لعام 1975 فيها بروتوكول ونقاط تلزم الجانب الإيراني ضرورة الالتزام بالمعايير الدولية بالملف المائي، ولكن للأسف لم تفعّل إلى حد الآن.
* ما هي أبرز الخروقات التي تقوم بها إيران في ملف المياه؟
الجانب الإيراني قام بتنفيذ العديد من المشاريع وتحويل مجاري الأنهار داخل الأراضي الإيرانية، من أبرزها نهر الكارون الذي كان يصب في شط العرب، وقد حولته طهران إلى مناطق بهمنشير بعد عام 2003. كذا قامت بتحويل مجاري نهر سيروان المتجه إلى دربندخان العراقية، وهناك أيضا مشاريع حولت مياه روافد مائية كانت تصب في الزاب الأسفل (شمالي العراق) وتحويلها إلى مناطق بحيرة أروميا (في إيران).
علماً أن اتفاقية الجزائر لا تمنح إيران مطلقا الحق في تحويل أو تغيير مجاري الأنهار لأي سبب كان.
* كيف تنعكس هذه المشكلة على العراقيين؟
تسببت أزمة المياه الأخيرة في العراق بخروج عشرات آلاف الهكتارات الزراعية عن الخدمة، واتساع رقع التصحر في مناطق جنوب البلاد ووسطها، وخاصة محافظة ديالى الحدودية مع إيران، وسط تسجيل حالات نزوح من الكثير من القرى بسبب انقطاع المياه، هذا إضافة إلى الخسائر في الثروتين الحيوانية والسمكية.
في نهر ديالى هناك أكثر من مليار متر مكعب من المياه تحولت إلى حدود إيران بشكل علني، وأكثر من 600 مليون متر مكعب مفروض أن تأتي على نهر الزاب الأسفل تحولت إلى مناطق بحيرة أروميا (في إيران)، كما أن تحويل مجرى نهر الكارون زاد من مشكلة نسبة المد الملحي في مياه شط العرب، وتسببت في حرمان البصرة من الزراعة الصيفية والشتوية.
* كيف ستواجهون هذه الاختراقات مع فشل التفاوض؟
الوزارة أنهت الإجراءات الخاصة بخصوص تقديم شكوى ضد إيران دولياً، والكرة الآن في ساحة وزارة الخارجية العراقية، والرئاسات الثلاث في بغداد على علم بهذه الشكوى.
* ماذا عن المفاوضات المائية مع تركيا؟
هناك تطور إيجابي مع الجانب التركي، وحصلنا على نتائج ممتازة، آخرها مصادقة الرئيس التركي على مذكرة التفاهم التي وقعت عام 2009، ولم تفعّل بسبب الأخطاء الحكومية السابقة، وهي عبارة عن مذكرة شاملة في طبيعة التعاون بين العراق وتركيا، وفيها فقرة تلزم تركيا بإطلاقات عادلة للعراق من دجلة والفرات، وعملنا على إنشاء مركز بحثي مشترك مقره في بغداد.
* هل من مشاريع تقومون بها لتعزيز وضعية العراق المائية؟
العراق يعمل حاليا على تنفيذ سد جديد في منطقة مكحول شمالي البلاد، وقد أمّنت الوزارة المبلغ المخصص للمشروع، لا سيما وأن حاجة الوزارة ملحة بتوفير 3 مليارات متر مكعب لتعزيز الموازنة المائية لغاية عام 2035، وتسعى لحماية بغداد من مخاطر الغرق والفيضانات.
إذ في كل أزمة فيضان تتعرض سدة سامراء، شمال بغداد، إلى مخاطر لأنها منفذة في الخمسينيات، ولكن في حال إكمال سد مكحول سوف نعمل على درء المخاطر والفيضانات عن العاصمة.
* هل حقاً وصل العراق إلى مرحلة الجفاف؟
العراق لم يصل إلى مرحلة الجفاف، طالما نستطيع تأمين مياه الشرب ونؤمن مساحات زراعية مقبولة، فنحن في وضع جيد، ولكن هذا لا يعني أننا سنبقى متفرجين إلى حين تطور المشكلات، على الجميع التعاون معنا في الالتزام بالحصص المائية في المساحات الزراعية، وعدم التجاوز على حصص المناطق والأراضي الأخرى.
وفي ما يتعلق بملف التجاوز الحاصل على نهري دجلة والفرات من قبل متنفذين عبر البناء على جانبي الأنهر أو استهلاك كميات كبيرة من الحصص المائية بمشاريع غير مرخصة، الوزارة نجحت وبنسبة 30 في المائة في رفع التجاوزات الكبيرة، أما التجاوزات على الحصص المائية فقد بلغت 60 في المائة.
ملف التجاوزات في ظل الظروف السياسية الحالية هو أخطر تحد أمام الوزارة، ولكننا نعمل رغم الضغوطات والتهديدات المستمرة من قبل المتجاوزين. ومن اللازم الإشادة بدور الأجهزة الأمنية في التعاون معنا بإزالة التجاوزات، والحملة مستمرة وستكون أقوى بعد الانتخابات.