يانيس فاروفاكيس... اقتصادي يوناني يبشر بهيمنة الرأسمال السحابي

10 أكتوبر 2024
يانيس فاروفاكيس خلال مقابلة في ميلانو، 8 إبريل 2024 (بيير ماركو تاكا/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يانيس فاروفاكيس، وزير المالية اليوناني السابق، اشتهر بمواقفه المناهضة للتقشف ودعا لتخفيفه لصالح الفقراء، واستقال بعد رفض خطة الإنقاذ، وأسس حزباً مناهضاً للتقشف في 2018.
- في كتابه "التكنوفيودالية"، يطرح فاروفاكيس أن الشركات التكنولوجية العملاقة تهيمن على الاقتصاد، محل الأسواق التقليدية، وتتحكم في البيانات، مما يفسد النقاش الديمقراطي ويفلت من الرقابة.
- ينتقد فاروفاكيس التكنوفيودالية كنظام غير منصف، حيث تمتلك الشركات التكنولوجية سلطة غير مسبوقة، مما يتيح لها التلاعب بالرأي العام وحقوق الإنسان.

 

"التكنوفيودالية: ما الذي قتل الرأسمالية"... عنوان كتاب للاقتصادي ووزير المالية اليوناني السابق يانيس فاروفاكيس، الذي كان في بؤرة الضوء إبان الأزمة المالية التي عصفت ببلده قبل قرابة عشرة أعوام.
كان فاروفاكيس (63 عاماً) طاغي الحضور في حكومة ألكسيس تسيبراس، الذي عينه وزيراً للمالية بعد انتخابات سابقة لأوانها في يناير/ كانون الثاني 2015، كي يتولى المفاوضات مع "الترويكا"، ممثلة في صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي والاتحاد الأوروبي، لكن ما لبث أن استبعد من تلك المفاوضات في إبريل/ نيسان من نفس العام بسبب مواقفه المناهضة للتقشف في مواجهة الدائنين.

أثار الرجل اهتماماً كبيراً لدى وسائل الإعلام الغربية عندما أضحى وزيراً للمالية. فقد لفت الوزير الذي شبهه إعلاميون بنجوم الروك، الانتباه بدراجته ولباسه الشبابي وتخففه من ربطة العنق ورأسه الحليق، وإدمانه التعبير عن بعض مواقفه عبر وسائط التواصل الاجتماعية.
تولى تدريس الاقتصاد بالمملكة المتحدة وأستراليا. وكان الذي وصف بـ"قيصر الاقتصاد" من بين الأوائل الذين نبهوا إلى خطر عدم القدرة على سداد دين اليونان. لم ير في الدين مشكلة، بل مظهرا من مظاهر الهندسة المختلة لمنطقة اليورو وسياسات التقشف.

لم يعمر سوى ستة أشهر في وزارة المالية. فقد استقال في يوليو/ تموز 2015، بعد استفتاء حول خطة إنقاذ اليونان من الأزمة المالية. رفض اليونانيون تلك الخطة، التي رأوا فيها سعياً من الدائنين إلى الهيمنة على بلدهم والإمعان في التقشف الذي أضر بهم.
وأكد فاروفاكيس، الذي سبق له أن كان مستشاراً لرئيس الوزراء السابق جورج باباندريو، أن بعض الدائنين اشترطوا غيابه عن الاجتماعات، داعياً إلى "إعادة جدولة للدين وتخفيف للتقشف واعادة توزيع لصالح الأكثر فقراً وإصلاحات حقيقية، وهو الذي اتهم دائني بلاده بالسعي إلى إذلال اليونانيين الذين تمت دعوتهم إلى استفتاء مؤخراً، حول المقترحات الأخيرة للجهات الدائنة".
أسس فاروفاكيس حزباً مناهضاً للتقشف في عام 2018، هو اليساري الذي دأب على انتقاد النظام الرأسمالي، ساعياً إلى تبسيط المفاهيم، وهو ما تجلى عبر كتبه، خاصة مؤلفه "الاقتصاد كما أشرحه لابنتي" الذي أكد في مقدمته أنه رام عبره التحدث مباشرة إلى الشباب عن الاقتصاد، الذي يرى أنه أكثر أهمية من أن يترك للاقتصاديين.
في كتابه الذي ترجم إلى 28 لغة ويحمل عنوان Technofeudalism: What Killed Capitalism يؤكد أن العالم دخل مرحلة اقتصادية جديدة، تهيمن فيها الشركات التكنولوجية العملاقة، التي عوضت الأسواق بشبكات الآلات، حيث أضحى الناس عبيداً للحوسبة السحابية التي تتيح مجاناً بيانات المستخدمين وميولهم.

 

أفكار فاروفاكيس

يرى أننا بإزاء تناقض مثير ومحبط. يؤكد أن الرأسمال الذي كان مظفراً، تحول إلى شكل آخر من الرأسمال، حيث نتجه نحو التكنوفيودالية، وهو النظام الذي يمنح لعدد قليل من الأشخاص الذين يملكون "الرأسمال السحابي" Capital cloud، ومالكي شركات التكنولوجيا الحديثة، وطبقة جديدة من الأسياد الفيوداليين، القيام بأشياء لم يسبق لأي رأسمالي إنجازه في الماضي.
يقول إنه يحمل أخباراً سيئة لمن كانوا يحلمون بزوال الرأسمالية وتعويضها بالاشتراكية. لقد تحولت الرأسمالية. فمالكو شركات التكنولوجيا العملاقة يحلون محل السوق.

غوغل وأمازون وسبوتفاي في تصوره ليست سوقاً، بل منصات للتجارة الرقمية. فعندما يشتري الشخص سلعة أو خدمة يحصل هؤلاء "السحابيون" على نسبة من المعاملة. وهؤلاء "السحابيون" هم أنفسهم يلعبون دور الوسيط في المحادثات عبر تويتر وتيك توك وإنستغرام وغيرها من المنصات. إنهم يربحون المال ويفسدون النقاش الديمقراطي.

أسس فاروفاكيس حزباً مناهضاً للتقشف في عام 2018، هو اليساري الذي دأب على انتقاد النظام الرأسمالي، ساعياً إلى تبسيط المفاهيم


دأب على انتقاد الرأسمالية التي يراها غير منصفة ومؤججة للفوارق وغير فعالة، غير أنه يرى أن ذلك ينسحب على التكنوفيودالية، إلا أن هذه الأخيرة تفوقت على الرأسمالية في مساوئها عبر خلق فضاء لا تتحكم فيه التشريعات، وخارج مراقبة النظام القانوني وخارج النظام الجبائي.
ويعتقد أن الناس أضحوا خاضعين لاستبداد الشركات التكنولوجية العملاقة، التي حازت سلطة سياسية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، حيث صار بإمكانها التلاعب بالرأي العام والإفلات من سلطة الضبط والضريبة والعبث بالبيئة وحقوق الإنسان.
يجزم بأن السلطة الحقيقية لا توجد اليوم بين أيدي مالكي الرأسمال التقليديين. صحيح أنهم ما زالوا يجنون الأرباح، لكنهم فقدوا حظوتهم، حيث أضحوا تابعين قياساً بطبقة الأسياد الفيوداليين الجدد، الممثلين في مالكي الرأسمال السحابي.

المساهمون