تسببت حالة الركود الاقتصادي التي تعاني منها أسواق غزة، بخسائر فادحة للتجار ورجال الأعمال، بالإضافة إلى أنها زادت من قسوة الظروف الاقتصادية التي يعيشها الفلسطينيون بالقطاع.
وشنت إسرائيل حربا عدوانية على قطاع غزة في السابع من يوليو/ تموز الماضي أدت إلى استشهاد 2200 فلسطيني وإصابة نحو 11 ألفا آخرين، كما أسفرت عن تدمير آلاف المنشآت السكنية والاقتصادية، وعقب الحرب ارتفعت نسبة الفقر إلى 90% ونسبة البطالة إلى 80%، وفق اللجنة الشعبية لرفع الحصار عن غزة.
ويقول الفلسطيني صهيب عياد (59 عاما) وهو تاجر ملابس مستوردة، إنّ الأسواق في غزة تعيش حالة ركود حادة رغم انخفاض الأسعار، وذلك بسبب انعدام فرص العمل، وانقطاع الدخل عن آلاف الأسر في غزة عقب الحرب الأخيرة.
ويوضح عياد لـ "العربي الجديد"، أنّ الكثير من أصحاب متاجر بيع الملابس يفكرون في إغلاق متاجرهم في حال استمر الحال على ما هو عليه؛ لأنهم لن يكونوا قادرين على دفع الإيجارات أو تسديد الدفعات المالية المستحقة عليهم، في ظل حالة الركود الحادة التي تعيشها الأسواق بغزة منذ عدة أشهر.
ولا يختلف حال تاجر العقارات صبحي عجور (40 عاما) عن سابقه، ويقول عجور لـ "العربي الجديد"، إنه منذ انتهاء الحرب على غزة انخفض الإقبال على شراء العقارات بشكل قياسي، رغم التسهيلات الكبيرة التي يقدمها التجار.
ويشير إلى أن بعض التجار باتوا يقبلون ببيع العقارات بنظام الأقساط وبدفعات مالية قليلة، بسبب الركود الذي يواجهه سوق العقارات، وهو أمر لم يكن مقبولاً قبل العدوان على غزة وحالة الركود الحالية.
ويفسر عجور حالة الركود الاقتصادي في غزة إلى اكتفاء الفلسطينيين باقتناء احتياجاتهم الأساسية الملحة فقط؛ وذلك بسبب استمرار تشديد الحصار وتوقف حركة الإعمار وانعدام فرص العمل.
وفي السياق، يقول المحلل الاقتصادي سمير أبو مدللة: إنّ حالة الركود التي تعيشها غزة سببها الرئيس الحرب الإسرائيلية الأخيرة التي رفعت نسبة البطالة في القطاع إلى 60% ونسبة الفقر والفقر المدقع إلى 70%.
ويشير أبو مدللة في حديث لـ "العربي الجديد" إلى أنّ الحرب دمرت نحو 500 مصنع ومؤسسة اقتصادية، وتم خلالها تجريف نحو 16 ألف هكتار من الأراضي الزراعية، ما ضاعف نسبة البطالة في القطاع. ويلفت إلى أن الحركة التجارية متوقفة بشكل شبه كامل بسبب إغلاق إسرائيل للمعابر منذ سيطرة حركة "حماس" على غزة عام 2007، والإبقاء على معبر كرم أبو سالم فقط الذي لا يلبي 30% من احتياجات القطاع.
ويوضح أبو مدللة، أن إغلاق المعابر، والأنفاق، وتجريف الأراضي الزراعية، وتدمير المنشآت الاقتصادية والصناعية، وتوقف الحركة التجارية، أدخل غزة في حالة من الركود الاقتصادي، فزادت حدة وقسوة الأوضاع المعيشية للفلسطينيين بغزة.
ويلفت أبو مدللة إلى وجود حالة تخوف لدى المستثمرين من افتتاح مشاريع جديدة بغزة بسبب خشيتهم من استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية بالقطاع. ويؤكد أن الانتعاش الاقتصادي بشكل محدود في غزة لن يتحقق إلا في حال فتح إسرائيل لجميع المعابر التجارية، وأن تفي الدول المانحة بالتزاماتها تجاه السلطة الفلسطينية وأن تتسلم حكومة التوافق مهامها في غزة وتبدأ بعملية إعادة الإعمار.
وقال إن بدء عملية الإعمار سيخفف من نسبة الفقر والبطالة لأن قطاع البناء سيمتص جزءا كبيرا من العاطلين عن العمل.
وتعهدت دول شاركت في مؤتمر إعمار غزة الذي عقد في القاهرة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بتقديم نحو 5.4 مليارات دولار، نصفها تقريبا سيخصص لعملية إعمار ما دمرته الحرب الأخيرة على غزة.