شهدت مبيعات كاميرات المراقبة في مصر ارتفاعاً ملموساً من جانب المؤسسات التجارية وأصحاب الممتلكات الخاصة خلال الأشهر الأخيرة، وسط توقعات بازدياد الطلب عليها وارتفاع أسعارها خلال الفترة المقبلة.
ولعبت كاميرات المراقبة دوراً بارزاً في توثيق الحوادث البارزة في مصر، خلال الفترة الأخيرة، والتي لم تعد تقتصر على حالات السطو والعنف، وإنما أيضا تجاوزات للشرطة، لتلاحق تسجيلات هذه الكاميرات اللصوص ورجال الأمن على حد سواء.
وكان الإقبال على شراء كاميرات المراقبة قد زاد بالأساس خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عقب قرار من محافظة القاهرة يلزم المحال التجارية، ضمن مطالب أخرى، بتركيب كاميرات مراقبة كشرط لمنح التراخيص أو تجديدها.
وقال سيد عبدالونيس، نائب رئيس شعبة الأمن والحراسة في الغرفة التجارية في القاهرة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن السوق شهدت منذ بداية العام الحالي نموا كبيرا في شراء وتركيب كاميرات المراقبة.
وأشار عبدالونيس إلى أن كاميرات المراقبة أصبحت بمثابة حصانة ضد حالات السرقة، وكذلك ضد تجاوز أجهزة التفتيش الحكومية أو رجال الشرطة.
وكانت مصر قد شهدت عدة حالات لتجاوزات رجال الشرطة بحق مواطنين وقائمين على مؤسسات ومحال خدمية وتجارية، وأظهرت تسجيلات لكاميرات مراقبة في هذه المؤسسات والمحال التجاوزات الحاصلة، وذلك بعد نفي القائمين على وزارة الداخلية والحكومة وقوعها.
وقال عبد الغني إبراهيم، وهو صاحب صيدلية في القاهرة، إن جرائم السرقة والتجاوزات المنتشرة مؤخرا عجلت بضرورة استخدام كاميرات المراقبة، وتسجيل كافة التعاملات على مدار اليوم.
وبحسب محمد حسين، مدير التركيب والصيانة في إحدى شركات أنظمة المراقبة الأمنية، فإن الطلب على كاميرات المراقبة ارتفع في الفترة الأخيرة، خاصة بعد استيراد أنواع رخيصة، لافتا إلى أنه لا يوجد رقم دقيق حول حجم الاستيراد.
وأوضح حسين، في تصريح خاص، أن كل الكاميرات الموجودة في السوق المصرية مستوردة من الصين وكوريا الجنوبية وتايوان، وأسعارها تبدأ من 200 جنيه (25.5 دولاراً) وتصل إلى 10 آلاف جنيه (1300 دولار)، حسب الجودة والمنشأ.
كما تختلف تكلفة التركيب من مكان لآخر والمساحة وعدد الكاميرات التي سيتم تركيبها، وفق حسين، الذي أشار إلى أن مجالات تجارة الملابس والأجهزة الإلكترونية والصيدليات ومحلات الذهب والصرافة، من أكبر الأنشطة التجارية، التي تقوم بشراء وتركيب الكاميرات.
وتتراوح تكلفة تركيب الكاميرات داخل المحال بين 1200 و1500 جنيه (152 و191.5 دولاراً)، بينما يرتفع السعر حسب عدد الكاميرات في الشركات والمولات الكبرى، ويتوقف حسب نوع الكاميرا والدقة ونظم التشغيل.
وأشار إلى أنه يتم ربط الكاميرات بجهاز حاسوب محمول أو هاتف نقال، مما يتيح لصاحب المحل معرفة كل ما يدور بداخله في حالة عدم تواجده، بالإضافة إلى أن بعض أنواع الكاميرات تتصل مباشرة بـ 5 أرقام يتم تسجيلها على أنظمة التشغيل في أوقات غلق المكان، وفي حالة مرور أي جسم أو محاولة سرقة، وبذلك تصبح الكاميرات حارساً بدون أجر لتأمين المكان.
وبحسب سيد النووي، عضو مجلس إدارة غرفة القاهرة التجارية، فإن تعميم كاميرات المراقبة يساعد أصحاب الأنشطة التجارية المختلفة في متابعة سير العمل، ومنع السرقة والتلاعب.
ومع زيادة الإقبال على شراء كاميرات المراقبة، ارتفعت أسعارها بنسبة تترواح بين 20% إلى 30% خلال الشهر الماضي، مقارنة بشهر أكتوبر/تشرين الأول.
اقرأ أيضاً: جامعات مصر تستقبل طلابها بكاميرات مراقبة وأبواب حديدية
لكن الرواج في بيع أجهزة الرقابة، يقابله أزمة تتعلق بأن غالبية هذه الأجهزة يتم استيرادها من الخارج، وهناك صعوبة كبيرة فى توفير الدولار لمواجهة الطلبيات المتزايدة عليها.
ولا تعد أجهزة الرقابة ضمن السلع، التي يوفر لها المصرف المركزي غطاء دولاريّاً، ويلجأ المستوردون إلى السوق الموازية للحصول على الدولار.
وقال علي محمود، الذي يعمل في بيع كاميرات المراقبة في أحد المحال التجارية في سوق التوفيقية في وسط العاصمة القاهرة، إن التجار يحصلون على الدولار من السوق السوداء بأسعار تصل إلى 9 جنيهات بينما لا يتجاوز سعره الرسمي في المصارف 7.83 جنيهات.
كما زاد الطلب على الكاميرات في المنتجعات والمزارات السياحية، وكذلك المرافق العمومية للدولة، لا سيما بعد حادث سقوط طائرة الركاب الروسية في سيناء شمال شرق مصر نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، التي أودت بحياة 224 شخصاً هم ركابها وطاقمها، فيما قالت جماعة ولاية سيناء المتشددة، التي أعلنت ولاءها لتنظيم الدولة الإسلامية، مسؤوليتها عن إسقاط الطائرة بزرع عبوة ناسفة فيها.
وقال مسؤول في أحد الفنادق في مدينة شرم الشيخ جنوب سيناء، إن الكاميرات ليست فقط لتأمين المنشآت ضد الإرهاب ولكن لحماية النزلاء من التحرش، أو سرقة منقولات الفندق، بصورة أفضل من الرقابة التي يقوم بها العنصر البشري.
وأضاف المسؤول: " أغلب الفنادق خلال الفترة الأخيرة توسعت في عمليات التأمين لأصولها ليس فقط داخل المنشآت، بل قد يمتد التأمين إلى الشوارع".
وقال حاتم زهران، رئيس شعبة الحاسب الآلي في غرفة القاهرة التجارية، إنه لا يوجد حصر دقيق بحجم سوق كاميرات المراقبة، لكن لن يقل ما تم استيراده خلال العام الماضي عن 18 إلى 20 مليون كاميرا مراقبة، لأن معظمها يدخل من خلال عمليات التهريب.
وأوضح زهران أن نسبة من هذه الكاميرات تدخل البلاد عن طريق التهريب من خلال حقائب الركاب كاستخدام شخصي، ولا يتم تسجيلها في الجمارك.
وخلال العامين الماضيين استوردت مصر ما يزيد عن 13 مليون كاميرا للمراقبة، وذلك طبقا للبيان الخاص بعدد كاميرات المراقبة المستوردة من هيئة الرقابة على الصادرات والواردات التابعة لوزارة التجارة المصرية.
ويوجد عدد محدود من الوكلاء المعتمدين حكوميا لبيع كاميرات المراقبة في مصر، حيث أن هناك عدة إجراءات لا بد من أن يتبعها مستوردو الكاميرات، منها الحصول على ترخيص من الجهاز القومي للاتصالات التابع لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بعد إعطائه نموذجاً من المواصفات الكاملة للكاميرات. كما يتواجد في مصر عدد قليل من المنشآت، التي تقوم بتجميع إكسسوارات الكاميرات المستوردة من الخارج.
في المقابل تنتشر محال بيع الكاميرات بكثافة في مناطق "باب اللوق"، و"ميدان العتبة" و"التوفيقية"، في وسط القاهرة، ولم يعد بيعها قاصرا على المحال التجارية أو مراكز بيع الإلكترونيات، وإنما هناك الكثير ممن يفترشون الأرصفة في هذه المناطق، يقومون بعرض منتجات مختلفة متعددة المنشأ من كاميرات المراقبة .
وبحسب تجار، فإن الكاميرات التي لا يزيد مداها عن 10 أمتار هي الأكثر رواجاً، ويقبل على شرائها أصحاب المحال التجارية لمراقبة زبائنهم وموظفيهم على حد سواء.
وجاء انتشار كاميرات المراقبة في إطار زيادة إجراءات الحماية، لا سيما خلال العامين الأخيرين، واللذين شهدا أيضاً رواجاً في أعمال شركات الأمن والحراسة.
وحسب شعبة الأمن والحراسة في الغرفة التجارية، فإن هناك أكثر من 300 شركة للأمن تعمل في مصر، بينما هناك أكثر من 70 ألف شخص يعملون في هذه الشركات.
اقرأ أيضاً: المصريون لا يسعفون سياحة بلادهم