وقد توصلت إيران، اليوم الثلاثاء، إلى اتفاق مع القوى الكبرى في فيينا من شأنه أن يجمّد برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات ضد الجمهورية الإسلامية.
وتراجعت أسعار الخام في الأسواق العالمية بعيد الإعلان عن الاتفاق، الذي يأتي بعد 13 سنة من المواجهة المحتدمة، في دلالة على التداعيات الاقتصادية الكبيرة للاتفاق التاريخي على المستوى العالمي.
ونقلت وكالة "فرانس برس"، عن محمد حسن زاره، الذي يعمل قائداً لإحدى السفن في خور دبي: "إذا ما رفعت العقوبات فإن أعمالنا ستزدهر وستصبح أكثر سهولة".
وكان زاره يملأ سفينة الداو الخشبية التقليدية التي يقودها بأنواع متعددة من البضائع، بما في ذلك أدوات المطبخ وقطع غيار السيارات لنقلها إلى الساحل الجنوبي لإيران.
ومنذ 2006، فرض مجلس الأمن أربع حزمات من العقوبات ضد إيران بسبب برنامجها النووي الذي يثير شبهات الغرب، وفعلت الولايات المتحدة وأوروبا عقوبات أكثر صرامة استهدفت، خصوصاً، قطاعي الطاقة والمصارف في إيران.
وأثرت العقوبات بشكل كبير على العلاقات التجارية التاريخية بين إيران ودبي التي يعيش فيها حوالي 400 ألف إيراني يديرون شبكة واسعة من الأعمال.
وقال زاره الذي يتكلم العربية والفارسية: "كنا نسافر مرتين، كل شهر، إلى إيران ذهاباً وإياباً، واليوم ليس هناك ما يكفي من البضائع لإجراء رحلة واحدة في الشهر".
من جهته، قال نائب رئيس مجلس الأعمال الإيراني في دبي، حسين حقيقي، إن بعض المصارف في الإمارات العربية المتحدة أغلقت حسابات مصرفية لإيرانيين في البلاد.
وقال حقيقي: "إذا ما رفعت العقوبات فإن بعض المصارف ستستأنف فتح الحسابات للإيرانيين وستتحسن الأعمال".
وذكر حقيقي أن التجار الإماراتيين الذين يتعاملون مع إيران، وهي رابع أكبر شريك تجاري للإمارات، قد واجهوا بدورهم صعوبات بسبب العقوبات.
اقرأ أيضاً: الاتفاق النووي يمنح إيران 80 مليار دولار.. واستثمارات هائلة
وقال وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان المنصوري، في يونيو/حزيران الماضي، إن التجارة مع إيران ارتفعت إلى 17 مليار دولار العام الماضي، إلا أنها تبقى أدنى من المستوى القياسي الذي سجلته عام 2011 قبل بدء العقوبات الأخيرة حين بلغ التبادل 23 مليار دولار.
ولطالما كانت دبي في الخط الأمامي للعلاقات التجارية مع إيران، وكان حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قد دعا، العام الماضي، إلى رفع العقوبات عن إيران مشتكياً من أن الإمارة تضررت من التدابير التي اتخذت في حق الجار الإيراني.
وتعد دبي معقلاً إقليمياً للنقل والخدمات المالية، ومن المتوقع أن يستفيد ميناء جبل علي، الأكبر من نوعه في المنطقة، بقوة من تخفيف العقوبات عن الجمهورية الإسلامية.
وتوقع نائب رئيس مجلس الأعمال الإيراني في دبي، حسين حقيقي، أن يرتفع التبادل التجاري بعد رفع العقوبات.
وذكر حقيقي في حديث لوكالة "فرانس برس"، أنه يتوقع أن يرتفع حجم التجارة بين الإمارات وإيران بما بين 15% و20% خلال السنة الأولى التي تلي رفع العقوبات.
وقال إن: "هناك في الإمارات أكثر من 10 آلاف شركة يملكها إيرانيون بشكل أو بآخر"، وغالبية هذه الشركات تنشط في قطاعات النفط والغاز والصناعات الغذائية.
وأعلنت شركة طيران الإمارات التابعة لدبي، هذا الشهر، فتح خط جوي ثانٍ إلى إيران مع سلسلة من الخدمات إلى مدينة مشهد.
والعلاقات التجارية بين الإمارات وإيران تعود إلى قرون خلت، وقد استمرت بالرغم من خلاف البلدين حول ثلاث جزر تسيطر عليها الجمهورية الإسلامية في الخليج.
وعقب الثورة الإسلامية في 1979 انتقل العديد من الإيرانيين إلى دبي هرباً من القيود الاجتماعية التي فرضها النظام الجديد.
وقبالة المرسى الذي تصطف فيه السفن المحملة بالبضائع المتجهة من خور دبي إلى إيران يوجد فرعان لمصرفي ملي إيران وصادرات إيران، وهما مصرفان فرضت عليهما عقوبات.
وفي سوق قريبة غالباً ما تسمع فيها المحادثات باللغة الفارسية، وتفوح بروائح التوابل الإيرانية.
ويقول محسن يوسف، الذي انتقلت عائلته إلى دبي، قبل سبعين عاماً، إنه تابع عن قرب سير المفاوضات بين إيران والقوى الكبرى في فيينا.
وأضاف: "إذا ما رفعت العقوبات فإنه سيكون بمقدور الناس أن يفتحوا شركات ويسيروا أعمالهم".
وذكر يوسف أنه يسمح للتجار، حالياً، أن يدخلوا 20 كيلوغراماً من التوابل مرة كل ثلاثة أشهر، وخلص إلى القول: "بإذن الله.. إذا رفعت العقوبات ستزيد أرباحنا وقد نتمكن من أدخال حتى مائة كيلوغرام".
اقرأ أيضاً: إيران تعتزم العودة إلى سوق النفط بكامل طاقتها