إيران: تضارب في قيمة الأرصدة المجمّدة بالخارج

20 يوليو 2015
سوق المال بطهران تترقب عودة الدولارات المجمّدة (أرشيف/Getty)
+ الخط -

انتظر كل المهتمين في إيران لحظة الإعلان عن التوصل لاتفاق نووي مع الغرب للتأكد من وجود بند يلغي العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد خلال السنوات الماضية بسبب برنامجها النووي.

ولعل أبرز المكاسب التي ستحققها طهران خلال الأشهر المقبلة في حال إقرار الاتفاق في عواصم الدول المتفاوضة هو الحصول على أموال البلاد المجمدة في البنوك الأجنبية.

وهنالك تفاوت في حجم الأرصدة الإيرانية المتوقع الإفراج عنها بين الجهات الرسمية والمصادر الأميركية. فبينما أعلن رئيس البنك المركزي ولي الله سيف، يوم الأربعاء، أن هذه الأموال تبلغ 29 مليار دولار، وهي عبارة عن 23 ملياراً لحساب البنك المركزي، و6 مليارات دولار كعائدات نفطية مجمدة في بنوك الخارج، قالت بعض المصادر إنها تتراوح بين 80 و100 مليار دولار في الخارج. إلا أن وزير الاقتصاد الإيراني علي طيب نفى صحة هذه الأرقام متحدثاً عن مبالغ قريبة من تلك التي أعلنها البنك المركزي.

ومن الممكن تفسير هذا الأمر بأن مجموع الأرصدة المجمدة بفعل العقوبات يزيد بقليل عن 80 مليار دولار، ولكن اتفاق جنيف المؤقت بين إيران والسداسية الدولية، علق فرض أي عقوبات جديدة على إيران خلال فترة التفاوض التي انتهت الثلاثاء الماضي بالإعلان عن اتفاق، كما سمح لطهران بالحصول على مقدار محدد من أرصدتها المجمدة.

ويذكر أنه بعد تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق جنيف، تم الإفراج عن 4.2 مليارات دولار من الأموال الإيرانية في بنوك الخارج، وفي مرحلته الثانية حصل البنك المركزي على 2.8 مليار دولار، وبعد الإعلان عن اتفاق الإطار من لوزان السويسرية إبريل/نيسان الفائت حصلت طهران على 700 مليون دولار شهرياً والتي من المفترض أن تكون قد وصلت إلى حسابات البنك المركزي خلال الأشهر الماضية.

وبحساب كل هذه الأرقام مع ما بقي مجمداً في مصارف دولية أخرى، تقترب أموال إيران المجمدة بالفعل من معدل 100 مليار دولار، وتجدر الإشارة هنا إلى أنه رغم قرار تعليق العقوبات خلال الأشهر الفائتة وتحرير المبالغ الآنفة الذكر، إلا أنها حولت إلى حسابات البنك المركزي الإيراني في الخارج الذي لم يستطع إدخالها إلى البلاد بسبب العقوبات التي لم ترفع بعد.

وحسب مصادر إيرانية، وصلت هذه الأموال إلى حسابات البنك المركزي على شكل سندات أو وضعت المبالغ في حسابات البنك لدى وسيط ثالث غير إيران.

اقرأ أيضاً: عودة النفط الإيراني للأسواق قد تزيد التوترات داخل أوبك

كل هذا رفع رصيد إيران من النقد بالعملة الصعبة، ما يعني نية طهران استخدام كل المبالغ في وقت لاحق، وتحدث بعض المسؤولين عن سعي الحكومة لتطوير مشاريع داخلية واستثمار المبالغ فيها ولاسيما المشاريع النفطية، لكن خلال الأشهر الفائتة اختارت الحكومة برئاسة حسن روحاني الحصول على بضائع من الخارج بمقدار تلك الأموال، وهي بضائع كانت محظورة على إيران قبل تعليق الحظر بموجب اتفاق جنيف، فاستوردت طهران الأدوية والأجهزة والمعدات الطبية، فضلاً عن قطع السيارات والطائرات المدنية.

ومع تشديد الحظر خلال السنوات الماضية على البنك المركزي، أي خلال فترة حكم الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد، جعلت إيران تعاملاتها مع الخارج باليورو، وبعد فرض العقوبات على التحويلات المالية وإخراج البلاد من نظام التحويلات العالمي "سويفت"، قرر البنك المركزي شراء الذهب وبيعه في أسواق أخرى في محاولة لإيجاد بدائل، لكن الأمر انتهى بفرض الحظر على الذهب أيضاً.

تكبدت إيران بسبب كل هذا خسائر وتبعات ثقيلة، ومع توقيع اتفاق جنيف وإلغاء العقوبات على المعادن الثقيلة والإفراج عن 13 طناً من الذهب الإيراني بقيمة 700 مليون دولار وفق ما أعلن البنك المركزي، اشترت إيران كذلك 8 أطنان من الذهب بقيمة 400 مليون دولار وأدخلتها للبلاد.

وقال نائب وزير الاقتصاد الإيراني محمد باريزي لموقع "شادا" الاقتصادي، إن البلاد تتبع خطة بناء الاقتصاد المقاوم، حيث إن الأموال المفرج عنها ستساهم في تطوير الإنتاج المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي نسبياً في محاولة لتحصين البلاد من أي مشاكل أو عقوبات في المستقبل، مضيفًا أن هناك بعض المحددات التي تتعلق بآلية استخدام هذه الأرصدة.

من جانبه، أشار المتحدث باسم الحكومة محمد باقر نوبخت إلى أن بعض الأرصدة المفرج عنها ستكون من نصيب البنك المركزي، ومنها عائدات البلاد من النفط، قائلاً إن حصة كبيرة من الأرصدة ستستخدم في مشاريع استثمارية، معتبراً أن الاتفاق سيفتح فرصة أمام تطوير الاستثمار الداخلي والخارجي على حد سواء.

كما أكد نوبخت أن مشكلات الاقتصاد الإيراني تحتاج لخطط دقيقة، فإلغاء العقوبات وحده غير كاف لحل كل الأمور، مشيرا إلى ضرورة إقرار خطط دقيقة ومنظمة.

وهو الأمر الذي يدعو إليه خبراء الاقتصاد في البلاد كذلك، وقد كتب أستاذ علم الاقتصاد هادي حق شناس أخيرا أن على الحكومة الاستفادة من الأرصدة بما يحل مشكلات اقتصادية واجتماعية أخرى، فدعم المشاريع والسوق المحلية كفيل بزيادة فرص العمل، ما يعني زيادة الإنتاج.

كذلك يتحدث خبراء آخرون عن ضرورة تطوير القطاع الخاص، ودعم مشاريع هذه الفئة، فالأموال المفرج عنها تستطيع أن تحرك السوق وتستطيع الحكومة أن تتبنى بعض المشاريع ودعم مشاريع أخرى، وهذا عبر فتح الباب أمام دخول التجهيزات والآلات، وهو أمر كفيل بحلحلة عدد آخر من المشكلات الداخلية، إلا أن هذا يحتاج لخطط دقيقة وواقعية في تعاملها مع وضع السوق بما يكفل استفادة طهران بشكل حقيقي من نتائج إلغاء هذا الحظر والذي أرهق كاهلها سابقا.


اقرأ أيضاً:
اقتصاد طهران يتنفس الصعداء و"أوبك" قلقةعلى النفط
إيران: صيد ثمين للصفقات الغربية
صداع جديد لإيران..كيف تنفق 100 مليار دولار؟