لا تفرطوا في الذهب

أمس الخميس، كان يوماً كارثياً بامتياز بالنسبة للبورصات العالمية والأسواق المالية والعملات والنفط والمعادن وأدوات الاستثمار الأخرى باستثناء الذهب الذي خرج رابحاً، فقد انهارت البورصة الصينية وخسرت 7% من قيمتها السوقية في أول نصف ساعة من التداول، وبسبب فداحة الخسائر واستمرارها جرى تعليق التداول بالبورصة، حتى نهاية اليوم، حتى يهدأ المستثمرون ويلتقطوا أنفاسهم ولا يتخذوا قرارات متسرعة قد تؤدى إلى مزيد من الانهيارات.

وفاجأت الصين الأسواق بخفض جديد في قيمة "اليوان" بشكل أوحى للمستثمرين، أن بكين مقبلة على فك الارتباط بين عملتها والدولار الأميركي، وأن قاع هبوط الاقتصاد الصيني ربما لم يبدأ بعد، وأن ما يحدث مجرد بالون اختبار لانهيار قادم قد تفوق حدته ما حدث في أغسطس 2008، حيث انهارت الأسواق الأميركية وبنوكها وقطاعها المالي.

وانخفضت احتياطيات الصين من النقد الأجنبي 107.9 مليارات دولار، في ديسمبر/ كانون الأول، مسجلة أكبر هبوط شهري لها على الإطلاق، وأدت أزمة الصين إلى إضعاف معنويات وثقة المستثمرين الدوليين، خصوصاً في ما يتعلق بمستقبل ثاني أكبر اقتصاد في العالم والمحرك الأول لأسواق السلع والمعادن.

وهوت أسعار النفط أكثر من 5% لتصل إلى مستويات لم تشهدها، منذ 11 عاماً، ولتقترب من حاجز 30 دولاراً للبرميل، مع وجود توقعات باتجاهها نحو 30 دولاراً في القريب العاجل، وأدى انهيار البورصة الصينية وأسعار النفط إلى حدوث رعب في كل أسواق وبورصات العالم، فقد حدث اضطراب شديد في الأسواق الآسيوية، وسجلت الأسهم الأوروبية هبوطاً حاداً أمس.

وسيطر اللون الأحمر على تعاملات البورصات الخليجية والعربية، بسبب انخفاض أسعار النفط دون 33 دولاراً للبرميل، إضافة إلى كارثة بورصة الصين، وخسرت البورصة السعودية، الأضخم عربياً، 3.43% بعيد افتتاح تعاملات أمس، وقدرت خسائر البورصات العالمية خلال ثلاثة أيام فقط بأكثر من ترليوني دولار.

وطاولت الأزمة، أيضاً، أسعار العملات العالمية التي شهدت تقلبات عنيفة، حيث تراجع الجنيه الإسترليني الى أدنى سعره في خمسة أعوام ونصف العام مقابل الدولار، وهبط الدولار أكثر من نصف في المائة مقابل الين الياباني، مسجلاً أدنى مستوى في أربعة أشهر ونصف.

في مقابل كل هذه الكوارث، كان هناك حصان رابح يتنافس عليه كبار المستثمرين ويحاولون كسب ثقته ووده، وهو الذهب أو المعدن الأصفر الذى غرد منفرداً، وهرع نحوه المستثمرون محتمين به وباحثين عن نوع من الاستثمار الآمن البعيد عن مخاطر البورصات والنفط.

لا تفرطوا في الذهب الذي بين أيديكم ..احتموا به حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود.

اقرأ أيضا: ترليونا دولار خسارة الأسواق العالمية في 3 أيام