لم يعد بريق الذهب يجذب المغاربة، سواء الراغبون في اكتنازه بغرض الاستثمار، أو الطامحون إلى اقتنائه للتزين، في ظل ارتفاع أسعاره ووجود بدائل أخرى لدى الأسر أكثر إلحاحا، سواء للاستثمار أو تلبية الاحتياجات المعيشية الأساسية.
وارتفع سعر المعدن النفيس في المغرب منذ بداية العام الجاري 2016 حوالى 3.5 دولارات في الغرام الواحد، غير أن تلك الزيادة تقفز إلى 10 دولارات، حسب نوعية النقوش والأحجار التي تزين المشغولات الذهبية.
عبد القادر عزيزي، الذي عمل في صناعة الحلي الذهبية على مدى خمسين عاما، يقول لـ"العربي الجديد"، إن الأسر أضحت أكثر حرصا على توظيف أموالها في شراء السكن، وتوجيه مدخراتها نحو توفير تعليم جيد لأبنائها في ظل تراجع المدارس الحكومية.
وشهدت المملكة في السنوات الأخيرة، تحول العديد من صناع الذهب التقليديين إلى مجالات أخرى، بعد ارتفاع أسعار المواد الأولية، حيث اختاروا الاستثمار في العقارات، قبل أن يطاولها الركود بدورها.
ولم يكن غلاء المادة الأولية السبب الوحيد وراء إغلاق العديد من ورش الذهب، فقد شرع التجار في استيراد مجوهرات من أسواق خارجية، مثل تركيا، مما جعلهم يولون وجوههم عن الصانع التقليدي المحلي، حسب محمد الوزازي، الصانع بإحدى الورشات التقليدية.
وتأتي المادة الخام، التي يوظفها الصناع في صناعة الحلي المختلفة، من إعادة تذويب المجوهرات القديمة التي تعيد الأسر بيعها.
ويقام في كل سوق للذهب يومياً مزاد علني للحلي القديمة، التي يتم تذويبها وتعرض على إدارة الجمارك من أجل تحديد ما إذا كانت توافق العيار المعمول به بالمغرب، ليعاد بعد ذلك تصنيعها.
ويجمع تجار في سوق الفتح الشهير بالدار البيضاء في تصريحات لـ"العربي الجديد"، على أن الأسر المغربية لم تعد تعتبر الذهب " زينة وخزينة"، كما يقول أهل البلد، بل أضحوا يوظفون أموالهم في مجالات أخرى أكثر إلحاحا.
ويقول الشاب، محمد الورزازي، إن سعر الذهب قفز من 30 دولاراً للغرام في نهاية العام الماضي، إلى 33.5 دولاراً خلال العشرة أشهر الأخيرة.
ويرتفع سعر الغرام في أحيان كثيرة إلى 50 دولاراً، في ظل احتساب قيمة النقوش والأحجار، التي تزين بها المصوغات، وفق عبد القادر عزيزي، الصانع في سوق الفتح بالدار البيضاء.
وما زال سعر الذهب دون المستوى القياسي الذي بلغه في عام 2012، حسب ما يلاحظه عزيزي، حيث كان يتراوح بين 35 و55 دولاراً للغرام الواحد.
غير أنه يتجلى أن سعر المعدن النفيس شهد قفزة قوية على مدى العشرة أعوام الأخيرة، حيث انتقل من 14 دولاراً للغرام الواحد، قبل أن يصل إلى 20 دولاراً، ثم 28 دولاراً، ويتعدى حاجز 30 دولاراً.
وكان تقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط (حكومية)، العام الماضي، قد أظهر أن نسبة المغاربة، الذين يصرحون بأنهم قادرون على الادخار، لا تتعدى 14.7%، بينما يؤكد 85.3% منهم أنهم عاجزون عن ذلك.
وخلص التقرير إلى أن 60.5% من تلك الأسر، ترى أن إيراداتها تغطي نفقاتها، بينما تضطر 32.3% من الأسر إلى الاستدانة أو اللجوء إلى مدخراتها من أجل تلبية احتياجاتها في كل شهر.