ضجة كبرى أحدثتها مناقشات مشروع قانون المالية ( قانون الميزانية ) لسنة 2017 ، حيث ارتفعت أصوات عارضت بعض بنود القانون واعتبرته أحزاب المعارضة بأنه ماض في " تفقير الشعب الجزائري ".
ويرى المتتبعون للشأن الاقتصادي والسياسي في الجزائر أن نواب المعارضة في الجزائر يمارسون" سياسة المقاومة "، من أجل عدم تمرير بعض بنود مشروع قانون المالية، حيث ذكر رئيس حركة مجتمع السلم ، عبد الرزاق مقري بأن مشروع القانون هو امتداد لقانون 2016 ، الذي دفع ببروز نخبة مالية أو كما أسماه " لوبيات المال " التي تتحكم في الاقتصاد المحلي مقابل إثقال جيوب المواطن الجزائري بالضرائب والرسوم على شتى المواد الاستهلاكية.
وقدم مقري مقري خلال انتقاده للمشروع ورقة طريق اقتصادية من شأنها ايجاد حلول للوضعية الصعبة التي يتخبط فيها الاقتصاد الجزائري ، لافتا إلى أنالاهم هو الحفاظ على القطاعات الاستراتيجية وخوض ما وصفه بـ" معركة التنمية الاقتصادية " للانتقال من اقتصاد الريع إلى الاقتصاد المنتج الذي يتطلب ما بين خمس إلى ثمان سنوات لتثبيته على الأرض ، على حد تعبيره.
اختلفت الآراء داخل قبة البرلمان الجزائري حول مشروع قانون المالية لـ 2017، حيث حاول نواب الموالاة من أحزاب السلطة كحزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي إلى الدفاع عن قرارات الحكومة أهمها رفع الضرائب على بعض المواد الاستهلاكية حيث اعتبرت هذه الأحزاب بأنها جاءت بسبب الظرف الاقتصادي الصعب الذي تعرفه الجزائر بالنظر الى انخفاض أسعار البترول وتراجع مداخيل الجزائر من هذه المادة الحيوية.
ودفعت أحزاب السلطة بأصواتها نحو مطالبة الحكومة بـ" قول الحقيقة للشعب "فانعكسات الاجراءات الجبيائية ستكون وخيمة على القدرة الشرائية للمواطن الجزائري حيث دعا نائب عن التجمع الوطني الديمقراطي قادة جليد الحكومة الى ضرورة الحفاظ على الاعانات الحكومية لحماية الفئات الفقيرة وتعزيز التضامن في الوسط الاجتماعي الجزائري .
كما دعت النائب في كتلة حزب جبهة التحرير الوطني ( ذات الأغلبية البرلمانية ) فاطمة الزهراء بن جدو خلال مناقشات القانون إلى أهمية تطبيق ضرائب أعلى على التبغ والكحول مستغربة من رفع سعر المازوت الذي يعتمد عليه الفلاحون في أشغالهم في زراعة الأراضي وهذا برأيها ما سينجر عنه رفع أسعار المواد الغذائية من خضر وفواكه .
أصوات أخرى دعت إلى ضرورة ايجاد حلول لتمويل التنمية والبحث عن مصادر بديلة لتمويل الاقتصاد المتنوع ، فيما ارفتع صوت المعارضة في شكل تكتل الجزائر الخضراء ( أحزاب التيار الاسلامي ) حول عدم ايجاد حلول بديلة للوضعية الاقتصادية المتأزمة التي ستعرفها الجزائر السنة المقبلة .
وانتقد النائب عن التكتل ناصر الدين حمدادوش ما أسماه "تجاهل معايير الحكم الراشد في التسيير و التقاعس في مكافحة الفساد و التهرب الضريبي" ، كما اقترح تخفيض رواتب الوزراء ونواب البرلمان والكوادر السامية في الدولة كنوع من التضامن الاجتماعي على حد تعبيره.
وقال حمدادوش لـ"العربي الجديد" إن سياسة تفعيل الزيادات في الضرائب ليست هي الحل الأمثل لتغطية عجز الميزانية الحكومية مبديا تخوف الكتلة البرلمانية من لجوء الجزائر للاستدانة الخارجية بالنظر إلى التراجع الكبير لمداخيل الجزائر من المحروقات .
وتتخوف أحزاب المعارضة في البرلمان الجزائري من توجه الحكومة الجزائرية نحو تقليص ميزانية التجهيز وتجميد العشرات من المشروعات المسطرة وبالتالي الاستغناء عن الآلاف من مناصب الشغل ، حيث طالب نواب ( جبهة القوى الاشتراكية ) في بيان لهم بضرورة المحافظة على الاستثمار الكومي و تعزيز آليات مكافحة الفساد والتهرب الضريبي و استعادة أموال الدولة التي منحت في شكل قروض لرجال الأعمال في سنوات سابقة.
المقاومة السياسية لأحزاب المعارضة في قبة البرلمان الجزائري تظل ضئيلة بالمقارنة مع أحزاب السلطة التي تدفع نحو المصادقة على القانون والإجهاز على حلم الشعرات من الأصوات التي تعارض بعض بنود قانون المالية لـ 2017 ، بالرغم من تطمينات الحكومة الجزائرية بأنها لن تلغي الطابع الاجتماعي في عديد القطاعات الحساسة ، حيث حاولت امتصاص غضب الطبقة السياسية ( أحزاب المعارضة في الهيئة التشريعية ) التي رفضت بشدة بعض بنود القانون ، حيث رد وزير المالية حاجي بابا عمي اليوم الأربعاء على أن مشروع قانون المالية 2017 سيساهم في "ديمومة" النمو الاقتصادي مع المحافظة على القدرة الشرائية للمواطنين بالرغم من الزيادات في الرسوم.
واعترف عضو الحكومة بأن القانون يأتي في ظرف صعب تعرفه الجزائر ضمن الظرف العالمي، لكنه " متوازن " لضمان المحافظ على القدرة الشرائي للمواطنين "على حد تعبيره.
وأضاف الوزير بان "هناك بالطبع زيادات (في الرسوم) على غرار الرسم على القيمة المضافة و الرسوم على المنتوجات الطاقوية ولكن من جهة أخرى، هناك أحكام تهدف إلى تحسين و دفع وتثمين التنمية الاقتصادية التي بقيت في مستوى جد عال مقارنة بجيراننا او البلدان النفطية".
سياسيا، أكد الوزير الأول عبد المالك سلال في العديد من المرات بأن الجزائر مقبلة على عام "صعب "داعيا الجزائريين الى التقشف بعد تراجع المداخيل من البترول، وهو ما انتقده النائب عن حزب العدالة والتنمية، لخضر بن خلاف قائلا بأن " سياسة التقشف مفروضة على الطبقات الفقيرة والمتوسطة لتعويض تراجع الجباية البترولية".
وبخصوص قانون المالية 2017 قال بن خلاف إن "الحكومة تفرض التقشف على الطبقات الفقيرة والمتوسطة لتعويض تراجع الجباية البترولية، وذلك برفع أسعار الوقود والرفع من الرسم على القيمة المضافة وفرض رسوم وضرائب على العقار والوثائق الإدارية والعقارية والسيارات والمواد الكهرومنزلية وتعبئة الهاتف النقال والأنترنت، وغيرها من الضرائب التي حملها المشروع .