وقال مصدر مقرب من الحكومة التركية، لـ"العربي الجديد" إن "قراراً حول منح الجنسية التركية للمستثمرين الأجانب، تبلور بشكل خلال اجتماع الحكومة التركية الاثنين الماضي، وأنه يتم الآن العمل على استكمال الإجراءات لمنح الجنسية مقابل استثمارات عقارية أو إنشاء شركة، لكن ضمن شروط سيتم الكشف عنها لاحقاً".
وأكد المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن شروط سنوات الإقامة لخمس سنوات بتركيا أو إجادة اللغة، ستسقط عن منح الجنسية للمستثمرين الملتزمين بالضوابط الاستثمارية الجديدة من شراء عقارات أو تأسيس شركات يعمل بها عدد محدد من العمال، وكذلك بالنسبة للمودعين لأمول لم تحدد قيمتها بعد.
وأوضح المصدر أن الجهات المعنية ومنها وزارة الداخلية، تعمل الآن على تحديد حجم المبلغ المطلوب ضخه في العقارات، أو المودع بالمصارف، ليتم اعتباره حداً أدنى لمنح الجنسية.
وأثارت التصريحات التي أطلقها، أخيرا، نائب رئيس الوزراء التركي، المتحدث باسم الحكومة نعمان كورتولموش"، حول منح الجنسية مقابل ضخ رؤوس أموال أجنبية في الاقتصاد التركي ردود أفعال متباينة بين المستثمرين، وخاصة السوريين والعراقيين، نظراً لمنع القانون التركي الحالي تملكهم العقارات.
وقال كورتولموش خلال تصريحات صحافية، إن "الحكومة انتهت من إعداد الخطوط العامة لمشروع منح الجنسية التركية للمستثمرين الأجانب، لكنها مازالت تعمل على التفاصيل".
وأضاف أن "مشروع منح الجنسية، سيشمل المستثمرين الأجانب في رأس المال الثابت، إضافة إلى من يشترون عقارات وتسجيلها في السجل العقاري شريطة عدم بيعها قبل 3 سنوات، كما يشمل المشروع الأجانب الذين يوظفون عددا محددا من الأشخاص في أماكن العمل التي أسسوها، والمستثمرين الذين لا يسحبون قدرًا معينًا من أموالهم المودعة في البنوك قبل ثلاثة أعوام".
وفيما يرى مراقبون بتركيا، أن الحكومة تنازلت عن الشروط المعروفة لمنح الجنسية للمستثمرين والأجانب لتجذب الرساميل بسبب تراجع الاستثمار الأجنبي بتركيا العام الجاري في ظل الاضطرابات الأمنية الفترة الماضية، يرى المحلل التركي يوسف أوغلو، أن الحكومة لم تتنازل بقدر ما تقدم محفزات وتسهيلات لإغراء الاستثمارات الأجنبية، مؤكداً أن مشروع قرار منح الجنسية للمستثمرين، مازال قيد التقييم.
وحول سبب تركيز الحكومة التركية على الاستثمار العقاري، ضمن شروط منح الجنسية، يقول أوغلو، لـ"العربي الجديد": "يشهد السوق العقاري شبه كساد وبالتالي لا بد من تحفيزه، وتوجد سيولة كبيرة بالمنطقة رأت الحكومة التركية ضرورة جذبها إلى البلاد".
وأشار إلى أن من مبررات قرار منح الجنسية للمستثمرين، الرد على محاولات التشويه التي تتعرض لها تركيا، وخاصة بالمجال الاقتصادي، سواء من تخفيض التصنيف الائتماني أو الشائعات حول تراجع نسبة النمو البالغة 4%، ما دفع حكومة بن علي يلدرم للرد عبر قرارات تشجيعه ضمن حزمة تسهيلات استثمارية ستصدر تباعاً منها إعفاءات من الضرائب ومنح الجنسية العاجلة للمستثمرين.
وأوضحت وزارة المالية التركية، الشهر الماضي، أنها ستعفي المستثمرين الجدد من ضرائب العقارات لمدة 5 سنوات، وذلك في إطار خطتها لتحفيزهم على الاستثمارات في تركيا.
وقالت الجريدة الرسمية إن القرار يشمل العقارات التي ستبنى بعد مطلع يناير/كانون الثاني 2017، وسيكون القرار ساري المفعول فور إتمام بناء العقارات، مشيرة إلى أن الأراضي التي ستخصص للمشاريع الاستثمارية، ستعفى بدورها لمدة زمنية معينة مما يسمى بـ "ضريبة الأراضي"، وتنتهي هذه المدة بانتهاء بناء المشاريع.
وتسعى تركيا لتقديم محفزات للمستثمرين الأجانب، بعد المخاوف من هجرة الاستثمارات، إثر تخفيض وكالة "موديز" الدولية للتصنيف الائتماني بتركيا، وهو ما تحسب منه مستشار الرئيس التركي، يجيت بولوت، بقوله مؤخراً لتلفزيون "خبر" التركي" إن بلاده "قد تشهد خروج استثمارات تراوح بين مليارين وثلاثة مليارات دولار بسبب التصنيف الجديد".
ومن جانبه، أكد وزير التنمية التركي، لطفي ألوان، في تصريحات صحافية سابقة، أن حكومة بلاده تعتزم منح الجنسية التركية للمستثمرين الأجانب، ولن تكون الجنسية قاصرة على الأجانب الذين يتملكون العقارات في تركيا، وإنما ستشمل أيضاً مؤسسي المصانع، أو الذين يعقدون شراكات في الاستثمارات في مختلف المدن.
ويرى رجل الأعمال ثائر شعبان، أن السوريين أكثر المعنيين بقرار منح الجنسية التي تسقط من شروطها إجادة اللغة والإقامة لخمس سنوات، لأن القوانين التركية تمنعهم من التملك وبالتالي عدم الشعور بالطمأنينة، ما قد يؤدي لنقل أموالهم واستثماراتهم إلى خارج البلاد، فضلاً عن أن تركيا ستستقطب الكفاءات العلمية والاقتصادية السورية جراء منح الجنسية.
وشدّد شعبان خلال حديثه لـ"العربي الجديد" على منح هذه الخطوة السوريين الاستقرار وزيادة أنشطتهم، ما سيعود بالإيجاب على الاقتصاد التركي.
واستقطبت تركيا آلاف المستثمرين والمنشآت السورية خلال فترة الحرب المستمرة منذ خمسة أعوام، إذ أكدت بيانات غرفة التجارة التركية أن عدد الشركات السورية المؤسسة في تركيا، خلال عام 2015، بلغ 1284 شركة، ليحصد السوريون المركز الأول، بعد أن حققوا المرتبة ذاتها عام 2014 في قائمة الشركاء الأجانب، بنسبة وصلت إلى أكثر من 25%، إذ أسس 1131 سورياً شركات جديدة بقيمة 33 مليون دولار. ويبلغ عدد السوريين المقيمين في تركيا ما يقارب 3 ملايين شخص.
وقال الأستاذ المساعد في جامعة ياشار في ولاية إزمير التركية، تشاغري بولوت، إن عدد الشركات التي أسسها المستثمرون السوريون في تركيا في تزايد مستمر، مشيرا إلى أن نسبة هذه الشركات وصلت إلى 10% من إجمالي الشركات الناشطة في البلاد برؤوس أموال أجنبية.
وأوضح بولوت، في تصريحات صحافية الخميس الماضي، أن المستثمرين السوريين أسسوا خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي 1371 شركة، معظمها في الولايات الصناعية والتجارية مثل إسطنبول وغازي عنتاب ومرسين وهطاي وبورصة.