استمر سعر الدولار الأميركي في الارتفاع أمام الجنيه المصري رغم مرور ثلاثة أيام على قرار البنك المركزي المصري بتعويم الجنيه، إذ تراوحت أسعار شراء الدولار بالبنوك المحلية اليوم السبت بين 15.75 و16 و16.5 و16.75 جنيهاً، فيما ارتفع بالسوق السوداء إلى 17.5 جنيهاً بزيادة 75 قرشا مقارنة بأسعار البنوك.
وسمح المركزي للبنوك العاملة في مصر بفتح فروعها حتى الساعة التاسعة مساء كل يوم، بالإضافة إلى العطلة الأسبوعية، وذلك لشراء وﺑﯾﻊ اﻟﻌﻣﻠﺔ وﺻرف ﺣواﻻت اﻟﻣﺻرﯾﯾن اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن في الخارج.
وقال فضل عمر، مدير إحدى شركات الصرافة بالمهندسين، في تصريحات خاصة، إن أسعار الدولار بالسوق السوداء ارتفع متوسط بيعها عن البنك اليوم السبت بقيمة 75 قرشا مقابل 50 قرشا ليوم أمس الجمعة.
وأضاف أن الصرافات تعرض الدولار بسعر أعلى من البنوك لجذب شرائح أكبر من حائزي الدولار، لكن هناك امتناعا شبه تام من حائزي الدولار عن البيع.. والجميع يكتفي بالسواء والتداول في أضيق الحدود.
وكان سعر الدولار قد وصل في البنوك الرسمية المصرية وفي شركة الصيرفة الرسمية أمس إلى 15.25 للشراء في مقابل 15.75 للبيع، وقد تم بيع الدولار داخل البنك الأفريقي بمبلغ 16 جنيها.
وقال أسامة جعفر عضو مجلس إدارة غرفة القاهرة التجارية، إن السوق سيظهر غدا الأحد ويوم الإثنين، قائلا "إذا استطاعت البنوك تلبية احتياجات المستوردين ستنتهي السوق السوداء. وإذا لم يفلح ستعود السوق بشراسة وقد يكسر الدولار كل التوقعات ويصل لأرقام قياسية لم نسمع عنها من قبل".
ويذكر أن عقوبة بيع الدولار في السوق السوداء تدخل في إطار الجنايات بدلا من كونها جنحة، مع تغريم مالي يصل في بعض الحالات إلى مليون جنيه مصري.
البنوك تنافس
وتقوم البنوك المحلية حاليا بعرض شراء الدولار بأسعار السوق في الوقت الذي تحاول فيه بناء احتياطياتها قبل أن تبدأ التعاملات بين البنوك غد الأحد.
لكن بعض المصرفيين وفقا لوكالة "رويترز" حذروا من أن تراكم الطلب من قبل الشركات قد يعيد السوق السوداء إلى المشهد من جديد، ما لم يضخ البنك المركزي دولارات في النظام المصرفي للمساعدة في تسيير عملية تعويم العملة بسلاسة.
وقال أحد المتعاملين في السلع الأولية "اشترينا دولارات من النظام المصرفي بأسعار تراوحت بين 14.7 و16 جنيهاً ومن ثم فإن الأمر ينجح بالفعل... أغلقنا الصفقة التي تتجاوز مليون دولار وحصلنا على جزء من المبلغ يوم الخميس وسنحصل على الجزء المتبقي يوم الأحد".
"آمل بأن تختفي السوق السوداء. لا يوجد سبب لاستمرارها الآن بعدما صارت البنوك تشتري بأسعار التعادل".
وأغلب ما باعته البنوك من دولارات يوم الخميس كان موجها للشركات مما خلق حالة من الارتباك بين العملاء العاديين غير أن البنوك فتحت أبوابها أمام مودعي العملة الأميركية وبائعيها أثناء العطلة الأسبوعية يومي الجمعة والسبت، بينما لم تطرح دولارات للبيع للأفراد.
وستبدأ البنوك تداول العملة بحرية في نظام المعاملات البينية اعتباراً من الأحد.
وانتابت بعض المصرفيين حالة من خيبة الآمل لأن البنك المركزي لم يغرق النظام المصرفي بالعملة الصعبة للمساعدة في استقرار الجنيه في الأسابيع الأولى للتداول بعد تحرير سعر الصرف، قائلين إن السوق السوداء ستعود إذا لم تتمكن البنوك من تغطية طلب متزايد على العملة الصعبة من الشركات.
وقال متعاملون في السوق السوداء وفقا للوكالة ذاتها إنهم عرضوا يوم الجمعة دولارات للبيع بسعر تراوح بين 16.75 و16.95 جنيهاً بينما تراوح السعر الذي عرضوه للشراء بين 16.25 و16.30 جنيهاً غير أن حجم التداولات كان منخفضاً.
وقال متعامل آخر في سوق السلع الأولية "إذا لم يضخ البنك المركزي ما يكفي من الدولارات للبنوك للبدء في البيع بسعر أعلى، وليكن مثلا في نطاق العشرين حتى، فستعود السوق السوداء لتغطية طلب الناس".
"وأيا ما كان فإن الأمر يعتمد على قرض صندوق النقد الدولي لأن السيولة الدولارية في البنك المركزي غير كافية".
وتوقع معظم من أُجريت معهم مقابلات من المصرفيين والتجار عدم عودة السوق السوداء ما دام البنك المركزي يقاوم أي إغراء للتدخل ويترك السوق خالصة عبر البنوك.
وقال آلن سانديب رئيس الأبحاث لدى نعيم للوساطة إن البنك المركزي سمح بانخفاض الجنيه لاجتذاب الدولارات المحتفظ بها خارج البنوك حاليا للعودة إلى النظام المصرفي.
ولأن المصريين كان بمقدورهم بيع الدولارات في السوق السوداء والحصول على مثلي ثمنها بالعملة المحلية مقارنة مع السعر الرسمي الذي كانت تبيع به البنوك قبل التعويم فقد كانوا يحجمون عن البيع للبنوك.
وقال سانديب "من المنطقي بالنسبة لهم أن يبقوه (الجنيه) ضعيفا في الوقت الحالي، إذ إن مصدرهم الأوحد للدولار... هو الأشخاص الذين يأتون للإيداع. هؤلاء هم المصدر الرئيسي للتدفقات إلى حين عودة المستثمرين والسياح لكن ذلك قد يستغرق أشهراً".
ولم يتضح بعد حجم السيولة الدولارية التي تدفقت إلى النظام المصرفي الرسمي منذ قرار التعويم. وقالت بضعة بنوك إن التداولات بطيئة.
وقال مصدر بالقطاع المصرفي يوم الجمعة "لم يأت أحد لبيع دولارات لنا طوال اليوم. بالأمس باع أشخاص دولارات لنا خلال ساعات العمل لكن ليس بالكم الكبير. الإجمالي بلغ نحو 20 ألف دولار".