مشاريع تطوير الطاقة الإيرانية أمام مقصلة ترامب

02 ديسمبر 2016
وزير الطاقة الإيراني بيجين زنغنة (عطا كانير/ فرانس برس)
+ الخط -
في أولى المؤشرات غير السارة لمستقبل" الاتفاق النووي" الذي وقعته إيران مع القوي العالمية وعلى رأسها أميركا في يناير/كانون الماضي، ورفع الحظر عن الاقتصاد الإيراني وتحديداً صناعة النفط والغاز التي يعتمد عليها نمو الاقتصاد الإيراني، صوت مجلس الشيوخ الأميركي مساء الخميس، وبغالبية ساحقة على تمديد العقوبات ضد إيران التي كان يفترض أن تنتهي في نهاية العام الجاري بعد عشر سنوات من تطبيقها. ويشمل النص الذي صوت عليه 99 عضواً من مجلس الشيوخ وبدون اعتراض اي عضو،عقوبات ضد القطاع المصرفي الإيراني وكذلك صناعات الطاقة والدفاع.
ويعطي هذا التصويت إشارة واضحة إلى المصير المظلم الذي يواجهه "الاتفاق النووي" في عهد إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب. وستكون صناعة النفط والغاز والمصارف أولى المتضررين من إلغاء الاتفاق النووي إذا حدث خلال العام المقبل. ويرى مصرفيون غربيون أن الريال الإيراني ربما سيواجه ضغوطاً خلال الشهر الجاري بسبب التصويت وعدم التيقن حول استمرارية تصدير النفط والغاز في المستقبل.
ومنذ انتخاب الرئيس دونالد ترامب، باتت صناعة الطاقة في إيران، والخطط التي أعلنتها الحكومة لتطوير إنتاج النفط والغاز مستقبلاً، تواجه الشكوك. وكان الرئيس دونالد ترامب قد وعد أثناء حملته الانتخابية بتمزيق "الاتفاق النووي" في حال فوزه، خاصة وأنه أختار العديد من مستشاريه وفريقه من كبار المعارضين للاتفاق النووي.
وقال خبراء غربيون في لندن، إن العديد من الشركات التي وقعت عقود مذكرات تفاهم مع طهران خلال الشهور التي تلت رفع الحظر تراجع الآن هذه المذكرات وتنتظر ما بعد شهر يناير/ كانون الثاني الذي يصادف استلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسمياً منصبه في البيت الأبيض. وفي هذا الصدد قال روني ميلز الخبير النفطي البريطاني والموظف السابق بشركة شل في إيران "مخاطر مشاريع الطاقة الإيرانية ازدادت في أعقاب انتخاب الرئيس دونالد ترامب".
ومن بين المؤشرات التي تدل على أن مستقبل الاتفاق النووي في خطر، أن الحزب الجمهوري الذي يعارض بشدة الاتفاق يملك حالياً أغلبية في الكونغرس، كما أن العديد من المرشحين لملء وظائف رئيسية في إدارة الرئيس دونالد ترامب، من كبار المعارضين للاتفاق النووي.
ورشح ترامب كلاً من مايك بومبيو، عضو مجلس النواب الجمهوري المحافظ عن ولاية كنساس، لتولي منصب رئيس الاستخبارات المركزية الأميركية، والجنرال المتقاعد مايكل فلين لتولي منصب مستشار الأمن القومي، وجيف سيشنز السيناتور عن ولاية ألاباما لتولي وزارة العدل. وكل هؤلاء من كبار المعارضين للاتفاق.
وقد وصف الجنرال المتقاعد، مايكل فلين، إيران بأنها من الدول الرئيسية الراعية للإرهاب. كما أن مايك بومبيو قال في حسابه على تويتر، قبل أيام، "أنظر قدماً لإلغاء هذا الاتفاق مع أكبر دولة راعية للإرهاب".
ويرى خبراء غربيون في تصريحات نقلتها نشرات طاقة متخصصة، أن مستقبل صناعة الطاقة الإيرانية وصادراتها ربما ستعتمد خلال السنوات المقبلة على أسواق محدودة مثل الصين وبعض دول الجوار، لأن العديد من الشركات المستوردة للطاقة لن تغامر بمصالحها في أميركا وتعرض مشاريعها وتعاملاتها للحظر، مقابل مصالح بسيطة في إيران. زكانت إيران تأمل بعد توقيع عقد مع شركة النفط الفرنسية توتال في إكتوبر/ تشرين الماضي من جذب المزيد من الشركات الغربية لتطوير صناعة النفط والغاز المتقادمة وتحتاج بشدة إلى التقنية الغربية.
ومن هذا المنطلق لاحظت" العربي الجديد" أن إيران تواصل تقوية علاقاتها في مجال الطاقة مع روسيا وتمنح شركات الطاقة الروسية تنازلات كبيرة وفرص واسعة لزيادة كشوفاتها وتطوير حقول جديدة في العراق التي تقع ضمناً تحت نفوذ طهران. وتأمل طهران أن يمنح الرئيس فلاديمير بوتين بما يملكه من تفاهم مع الرئيس المنتخب دونالد ترامب طوق نجاة لإنقاذ الاتفاق النووي، أو على الأقل أن تشكل موسكو وبكين قوة ضغط ضد أي قراريتخذه الرئيس دونالد ترامب في المستقبل ضد الاتفاق النووي.


وحسبالاستراتيجية التي أعلنتها الحكومة الإيرانية لصناعة الطاقة، فإنها تخطط لاستثمار حوالي 300 مليار دولار في صناعة النفط والطاقة، منها 200 مليار في تطوير الصناعة النفطية و100 مليار دولار في صناعة الغاز.
وكشف رئيس شركة الغاز الإيرانية ونائب وزير الطاقة الإيراني، حميد رضا عراقي، في لقاءات خلال العام الجاري إن طهران تخطط لاستثمار 100 مليار دولار لتطوير صناعة الغاز خلال الخمس سنوات المقبلة.
وقال إنها ستوفر 50 مليار دولار من جانبها، وستطلب من الشركات الدولية توفير مبلغ 50 مليار دولار المتبقية من التمويل.
وكانت آمال الحكومة الإيرانية منصبة على أن تتمكن الحكومة الإيرانية من استعادة أموالها المجمدة في الخارج والمقدرة بحوالي 100 مليار دولار، والحصول على شراكات مع شركات الطاقة العالمية الكبرى.
لكن خابت هذه الآمال ولم تتمكن الحكومة من استعادة مبلغ لا يتجاوز 10 مليارات دولار.
كما أن فوز الرئيس دونالد ترامب، يهدد مشاريع الطاقة الإيرانية التي تحتاج إلى التقنية والتمويل من المصارف الغربية بعودة الحظر مرة أخرى.
وقال مسؤول في إدارة الرئيس أوباما لصحيفة "وول ستريت جورنال"، ليس لدينا الكثير لنفعله لحماية الاتفاق الإيراني".
من جانبه قال أرون ميلر، الزميل بمعهد ويلسون الأميركي للدراسات "الاتفاق النووي مرشح للإلغاء تحت إدارة الرئيس ترامب".
وبالتالي، فإن خطط الحكومة الإيرانية لزيادة إنتاج النفط والغاز ربما تذهب أدراج الرياح خلال الفترة المقبلة.
ومن خطط طهران التي أعلنتها أخيراً، زيادة صادرات الغاز إلى سبعة أضعاف معدلاتها الحالية، أي إلى 200 مليون متر مكعب يومياً.
كما ترغب كذلك في رفع إنتاج الغاز من 800 مليون متر حالياً إلى 1.2 مليار متر مكعب يومياً بحلول عام 2020.
والآن تستهدف الحكومة الإيرانية التصدير فقط إلى أسواق الدول المجاورة وعلى رأسها العراق وسلطنة عمان وتركيا.
وتشير الخطط الإيرانية إلى أنها ترغب في زيادة إنتاج النفط إلى أكثر من 4 ملايين برميل يومياً. وحتى الآن تمكنت إيران من زيادة الإنتاج إلى ما يراوح بين 3.7 و3.8 ملايين برميل يومياً.
ومن بين الشركات، التي كان المسؤولون الإيرانيون يعقدون عليها آمال التعاون في مجال الطاقة، شركة توتال الفرنسية، وشركة تكنيب، وشركات أميركية.
لكن، يرى خبراء غربيون أن شركات الطاقة العالمية ترغب في التعرف على خطط الإدارة الأميركية الجديدة قبل أن تلتزم بأية اتفاقات مع طهران، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، فإن الشركات الغربية غير راضية عن عقود الاستثمار الجديدة في قطاع الطاقة الإيرانية. وكانت الشركات الغربية تأمل في أن تنص العقود الجديدة على بنود تتيح المشاركة في التطوير والإنتاج، بدلاً عن الحوافز.
ويذكر أن إيران تملك ثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم، وتقدر احتياطاتها بحوالي 1193 تريليون قدم مكعبة، إلا أنها لا تنتج حالياً سوى 8.2 تريليونات قدم مكعبة سنوياً من الغاز الطبيعي.