"ليست غنية لدرجة تسمح لها بالعيش دون خوف من الظروف الاقتصادية التي تمر بها الجزائر، ولا هي فقيرة لتستفيد من المنح التي تخصصها الحكومة للفقراء" ذاك هو التعريف الذي يضعه أستاذ الاقتصاد الاجتماعي في جامعة باجي مختار، سعيد بربيش لـ "الطبقة الوسطى" في الجزائر، التي تمثل 52% من سكان البلاد المقدر عددهم بـ42 مليون نسمة.
وتشهد الجزائر، مع اشتداد وقع الأزمة الاقتصادية والاجتماعية خلال السنوات الأخيرة، ظهور بوادر تآكل طبقتها الوسطى من موظفين ومعلّمين وأطباء وغيرهم، ما اعتبره خبراء اقتصاد ناقوس خطر حول انحدار هذه الطبقة نحو " الفقر".
ويعود ظهور الطبقة الوسطى في الجزائر خلال مرحلة الرهان على التصنيع السريع والقطاع العام، حيث كانت الحاجة ماسة إلى مهنيين وعمال لترجمة المشروع قبل 30 سنة، وإن لم يُحدد لها ضوابط تُمكّن من تعريفها.
إلا أن سعيد بربيش يقول لـ"العربي الجديد" إنه "يمكن تحديدها، حسب الدخل في الأشخاص الذين يتقاضون ما بين 200 و600 دولار في الشهر".
وبعد أن عاشت الطبقة الوسطى سنوات "وردية" منذ 2010 حتى 2014 تميزت برفع أجور عمال القطاع العمومي وإقرار زيادة في الحد الأدنى للرواتب، إلا أن هذه الشريحة من المجتمع أضحت تعيش حاضرا يتميز بتدهور قدرتها الشرائية جراء تهاوي قيمة الدينار وارتفاع الأسعار، ما قد يغير تركيبة المجتمع الجزائري إذا استمر الحال على هذا الحال.
وكان البنك الأفريقي للتنمية قد كشف في دراسة له أجراها سنة 2013 أن 27% من الطبقة الوسطى في الجزائر باتت مهددة بالفقر.
وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي جمال نور الدين لـ"العربي الجديد"، إن "المخاوف بدأت تكثر وسط المجتمع الجزائري من زوال طبقة "الزوالية"، أي الوسطى، وتحول المجتمع إلى طبقتين "برجوازية" غنية تزداد غنى وتبحث عن جمع المال، وأخرى فقيرة تزداد فقرا، همها كسب قوت يومها".
ويضيف نفس المتحدث أن "غلاء المعيشة وتدهور القدرة الشرائية بالنسبة للطبقة الوسطى عاملان يعجلان باتساع دائرة الفقر على حساب دائرة ميسوري الحال".
ومخاوف الخبراء من عدم صمود الطبقة الوسطى أمام الصدمة التي تعرّض لها الاقتصاد الجزائري من جراء انهيار مداخيل النفط، انتقلت إلى المواطنين الذين باتوا يترقبون انهيارا بات وشيكا لهذه الطبقة، في ظل تأكيد التوقعات إلى تواصل الأزمة الاقتصادية إلى ما بعد 2022.
ويقول الممرّض رضوان عبد الله لـ "العربي الجديد"، إن "الطبقة الوسطى لن يكون لها بقاء في الجزائر بعد عامين، كيف يمكن لمواطن يتقاضى 20 ألف دينار (حوالي 200 دولار) أن يعيش بها 30 يوما وكيس الحليب الواحد يبلغ 25 دينارا، والخبز بـ10 دنانير، والخضار كلها فوق 50 دينارا للكيلوغرام الواحد، من دون احتساب النقل والعلاج والكهرباء والماء، إذن كلنا فقراء ولسنا من الطبقة الوسطى".
وفي نفس السياق، تقول عاملة في مصنع للجلود، جازية يخلفهم، لـ "العربي الجديد"، إن "الطبقة الوسطى تزداد فقرا كل سنة، وسيصبحون في خبر كان، لأن الحكومة تريد ذلك، فهي ترفع الأسعار من دون رفع الرواتب، وفي نفس الوقت تساعد الأغنياء بمنحهم إعفاءات بحجة دعم الاستثمار وتنويع الاقتصاد".
وحسب إحصائيات رسمية، بلغت نسبة التضخم عند نهاية شهر أغسطس/آب الماضي 5.8%، وهي المرة الأولى التي يتعدى فيها التضخم عتبة 5% في السنوات الأخيرة.
ومن جانبه، يقول الخبير الاقتصادي فرحات علي، لـ"العربي الجديد"، إن "الطبقة الوسطى في الجزائر حولتهم الحكومة إلى أفراد يعيشون من الريع، ولا يساهمون في خلق الثروة، عكس البلدان المتقدمة التي تعتمد في نموها على هذه الشريحة باعتبارها خلاقة للثروة الدائمة، فهي تنتج وتستهلك في نفس الوقت، بالإضافة إلى أنها أكثر الطبقات دفعا للضرائب من الاقتطاع المباشر من رواتبها".
ويضيف أن "الحكومة من جانبها لم تعر اهتماماً لهذه الفئة، حيث ركزت على الفقراء والأغنياء فقط وأهملتها لأنهم لم يحتجوا عليها طيلة السنوات الأخيرة".
يُذكر أن الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان كانت قد دقت ناقوس الخطر، إزاء ازدياد نسبة الفقر في الجزائر بشكل ملحوظ منذ عام 2015، إذ أكدت الرابطة في تقرير أن "مظاهر الفقر عرفت تحولا كبيرًا في الجزائر، بحيث لم يعد يمس الفئات المحرومة فقط، بل حتى الفئات المتوسطة انزلقت إلى هوة الفقر، وأصبحت مهددة به".
وأشار التقرير الصادر في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خلال الاحتفال باليوم العالمي للفقر، إلى أنه إذا كان الفقر يميز سكان المناطق الريفية فيما قبل، فإنه أصبح اليوم منتشرا بشكل كبير حتى في المدن والمناطق الحضرية وساءت الظروف التعليمية والصحية، وعادت إلى الواجهة أمراض كان تم القضاء عليها وتم تسجيل نقص في معدل التغذية وارتفاع في معدل البطالة، حسب التقرير.
واعتبرت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان أن "ربع الجزائريين يعيشون في فقر تتجلى مظاهره من خلال تدهور المستوى المعيشي وسوء الخدمات الصحية والبطالة وتزايد الراغبين في الهجرة بأي ثمن وانتشار الدعارة والأحياء الفوضوية على شكل الأكواخ القصديرية".
اقــرأ أيضاً
وتشهد الجزائر، مع اشتداد وقع الأزمة الاقتصادية والاجتماعية خلال السنوات الأخيرة، ظهور بوادر تآكل طبقتها الوسطى من موظفين ومعلّمين وأطباء وغيرهم، ما اعتبره خبراء اقتصاد ناقوس خطر حول انحدار هذه الطبقة نحو " الفقر".
ويعود ظهور الطبقة الوسطى في الجزائر خلال مرحلة الرهان على التصنيع السريع والقطاع العام، حيث كانت الحاجة ماسة إلى مهنيين وعمال لترجمة المشروع قبل 30 سنة، وإن لم يُحدد لها ضوابط تُمكّن من تعريفها.
إلا أن سعيد بربيش يقول لـ"العربي الجديد" إنه "يمكن تحديدها، حسب الدخل في الأشخاص الذين يتقاضون ما بين 200 و600 دولار في الشهر".
وبعد أن عاشت الطبقة الوسطى سنوات "وردية" منذ 2010 حتى 2014 تميزت برفع أجور عمال القطاع العمومي وإقرار زيادة في الحد الأدنى للرواتب، إلا أن هذه الشريحة من المجتمع أضحت تعيش حاضرا يتميز بتدهور قدرتها الشرائية جراء تهاوي قيمة الدينار وارتفاع الأسعار، ما قد يغير تركيبة المجتمع الجزائري إذا استمر الحال على هذا الحال.
وكان البنك الأفريقي للتنمية قد كشف في دراسة له أجراها سنة 2013 أن 27% من الطبقة الوسطى في الجزائر باتت مهددة بالفقر.
وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي جمال نور الدين لـ"العربي الجديد"، إن "المخاوف بدأت تكثر وسط المجتمع الجزائري من زوال طبقة "الزوالية"، أي الوسطى، وتحول المجتمع إلى طبقتين "برجوازية" غنية تزداد غنى وتبحث عن جمع المال، وأخرى فقيرة تزداد فقرا، همها كسب قوت يومها".
ويضيف نفس المتحدث أن "غلاء المعيشة وتدهور القدرة الشرائية بالنسبة للطبقة الوسطى عاملان يعجلان باتساع دائرة الفقر على حساب دائرة ميسوري الحال".
ومخاوف الخبراء من عدم صمود الطبقة الوسطى أمام الصدمة التي تعرّض لها الاقتصاد الجزائري من جراء انهيار مداخيل النفط، انتقلت إلى المواطنين الذين باتوا يترقبون انهيارا بات وشيكا لهذه الطبقة، في ظل تأكيد التوقعات إلى تواصل الأزمة الاقتصادية إلى ما بعد 2022.
ويقول الممرّض رضوان عبد الله لـ "العربي الجديد"، إن "الطبقة الوسطى لن يكون لها بقاء في الجزائر بعد عامين، كيف يمكن لمواطن يتقاضى 20 ألف دينار (حوالي 200 دولار) أن يعيش بها 30 يوما وكيس الحليب الواحد يبلغ 25 دينارا، والخبز بـ10 دنانير، والخضار كلها فوق 50 دينارا للكيلوغرام الواحد، من دون احتساب النقل والعلاج والكهرباء والماء، إذن كلنا فقراء ولسنا من الطبقة الوسطى".
وفي نفس السياق، تقول عاملة في مصنع للجلود، جازية يخلفهم، لـ "العربي الجديد"، إن "الطبقة الوسطى تزداد فقرا كل سنة، وسيصبحون في خبر كان، لأن الحكومة تريد ذلك، فهي ترفع الأسعار من دون رفع الرواتب، وفي نفس الوقت تساعد الأغنياء بمنحهم إعفاءات بحجة دعم الاستثمار وتنويع الاقتصاد".
وحسب إحصائيات رسمية، بلغت نسبة التضخم عند نهاية شهر أغسطس/آب الماضي 5.8%، وهي المرة الأولى التي يتعدى فيها التضخم عتبة 5% في السنوات الأخيرة.
ومن جانبه، يقول الخبير الاقتصادي فرحات علي، لـ"العربي الجديد"، إن "الطبقة الوسطى في الجزائر حولتهم الحكومة إلى أفراد يعيشون من الريع، ولا يساهمون في خلق الثروة، عكس البلدان المتقدمة التي تعتمد في نموها على هذه الشريحة باعتبارها خلاقة للثروة الدائمة، فهي تنتج وتستهلك في نفس الوقت، بالإضافة إلى أنها أكثر الطبقات دفعا للضرائب من الاقتطاع المباشر من رواتبها".
ويضيف أن "الحكومة من جانبها لم تعر اهتماماً لهذه الفئة، حيث ركزت على الفقراء والأغنياء فقط وأهملتها لأنهم لم يحتجوا عليها طيلة السنوات الأخيرة".
يُذكر أن الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان كانت قد دقت ناقوس الخطر، إزاء ازدياد نسبة الفقر في الجزائر بشكل ملحوظ منذ عام 2015، إذ أكدت الرابطة في تقرير أن "مظاهر الفقر عرفت تحولا كبيرًا في الجزائر، بحيث لم يعد يمس الفئات المحرومة فقط، بل حتى الفئات المتوسطة انزلقت إلى هوة الفقر، وأصبحت مهددة به".
وأشار التقرير الصادر في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خلال الاحتفال باليوم العالمي للفقر، إلى أنه إذا كان الفقر يميز سكان المناطق الريفية فيما قبل، فإنه أصبح اليوم منتشرا بشكل كبير حتى في المدن والمناطق الحضرية وساءت الظروف التعليمية والصحية، وعادت إلى الواجهة أمراض كان تم القضاء عليها وتم تسجيل نقص في معدل التغذية وارتفاع في معدل البطالة، حسب التقرير.
واعتبرت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان أن "ربع الجزائريين يعيشون في فقر تتجلى مظاهره من خلال تدهور المستوى المعيشي وسوء الخدمات الصحية والبطالة وتزايد الراغبين في الهجرة بأي ثمن وانتشار الدعارة والأحياء الفوضوية على شكل الأكواخ القصديرية".