ذكرت تقديرات صادرة عن صندوق النقد الدولي، أن الاحتياطيات النقدية لكل من قطر والكويت تكفي لمدة 25 عاماً، فيما تكفي الاحتياطيات النقدية لدى المملكة العربية السعودية، بالكاد لضمان تحقيق التوازن لفترة لا تتجاوز 5 سنوات، إذا ما ظل سعر النفط عند 50 دولاراً للبرميل.
وبحسب التقديرات، التي نشرتها وكالة "الأناضول"، اليوم الثلاثاء، فإن: "احتياطيات الإمارات تكفي لمدة 30 عاماً، فيما تكفي احتياطيات البحرين وعمان لمدة 5 سنوات".
وتراجعت أسعار النفط العالمية، بنسبة 70% للبرميل، منذ منتصف 2014، هبوطاً من 120 دولاراً، إلى دون 35 دولاراً للبرميل، اليوم الثلاثاء، بسبب تخمة المعروض ومحدودية الطلب، ما دفع العديد من الدول المنتجة لتنفيذ سياسات تقشفية وإجراءات تصحيحية في اقتصاداتها.
وأصبح الاتجاه السائد لدى معظم دول مجلس التعاون الخليجي، تكثيف الاعتماد على السحب من الاحتياطيات العامة، وذلك لسد العجز المتوقع في موزاناتها، بحسب تصريحات نقلتها "الأناضول" عن خبراء ومحللين اقتصاديين، في ظل استمرار التراجع الحاد لأسعار النفط، المصدر الرئيس للإيرادات الحكومية.
وتشير قاعدة بيانات البنك الدولي، إلى أن دول مجلس التعاون الستة (المملكة العربية السعودية، الكويت، قطر، البحرين، عُمان، والإمارات) لديها احتياطيات من النقد الأجنبي المقومة، بما قيمته 904.1 مليارات دولار.
ويشكل هبوط أسعار النفط إلى نحو 30 دولاراً للبرميل، مشكلة كبيرة لدى مصدري النفط في المنطقة، وأدى ذلك إلى تراجع العائدات الحكومية بشكل كبير، وتزايد عجز الميزانية، ما دفع بعض حكومات الخليج إلى السحب من الاحتياطي العام لدعم اقتصاداتها.
ووفقا لما يراه الخبراء في أحاديثهم، فإن "لجوء دول الخليج إلى السحب من الاحتياطي العام، الذي تراكم خلال العقد الماضي، هو السبيل لتمويل احتياجاتها، وسد العجز في الموازنة طالما اقتضت الحاجة ذلك"، فيما يحذرون من أن استمرار تلك الدول في استهلاك احتياطياتها المالية، سيكون له عواقب وخيمة، خصوصاً في حال بقاء أسعار النفط عند مستويات متدنية لسنوات قادمة.
وانخفضت الاحتياطات النقدية السعودية عام 2015، إلى أدنى مستوياتها منذ أربعة أعوام، مع سعي الحكومة لتمويل عجز ميزانيتها بسبب تراجع أسعار النفط العالمية، وزيادة الإنفاق الحكومي، وتشكل عائدات النفط، أكثر من 90% من الإيرادات العامة للمملكة.
وبحسب بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي)، فقد بلغت سحوبات الحكومة السعودية من الاحتياطي نحو 251 مليار ريال (67 مليار دولار) خلال 2015، وسجل الاحتياطي العام للدولة 654 مليار ريال، مقارنة بنحو 905 مليارات ريال بنهاية 2014.
اقرأ أيضاً: تهاوي النفط يخفض توقعات نمو الاقتصادات الخليجية
وحساب الاحتياطي العام لأكبر منتجي النفط الخام في العالم، يحول إليه ما يتحقق من فائض في إيرادات الميزانية، ولا يجوز السحب منه إلا بمرسوم ملكي في حالات الضرورة القصوى المتعلقة بالمصالح العليا للدولة.
وتراجعت الاحتياطيات الدولية لقطر، أكبر بلد مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، إلى نحو 38.6 مليار دولار بنهاية 2015، مقابل 41.2 مليار دولار مطلع العام نفسه.
وفي الكويت، ووفقا لبيانات رسمية، فإن "الاحتياطي العام للدولة يبلغ 44 مليار دينار (148 مليار دولار) ومن شأن سير عمليات السحب منه بحدود 9.3 مليارات دينار (31.3 مليار دولار) أن يهبط به إلى حدود 35 مليار دينار (117.7 مليار دولار)".
ويكفل القانون للحكومة، اقتراض مبالغ لا تتعدى الـ10 مليارات دينار، ولا يجوز لها أن ترتفع فوق هذا المبلغ، قبل أن تسدد أجزاء مؤثرة منه تسمح لها بالاقتراض مجدداً.
ونقلت "الأناضول عن رئيس الأبحاث والمشورة لدى البلاد للاستثمار (مقرها السعودية)، تركي فدعق، إن: "السحب من الاحتياطي العام يعتبر إجراء طبيعيا، لا سيما أن الاحتياطات النقدية وجدت لكي تسد حاجة الدولة عند الطلب".
وأضاف "ليس لتلك السحوبات تأثيرات سلبية كبيرة، كما يتصور البعض، لأنها تعتبر سحباً من فوائض مالية سبق تكوينها في الأعوام الماضية، تحوطاً لمثل هذه الظروف الصعبة، وخاصة في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها أسعار النفط، علاوة على ركود الاقتصاد العالمي".
من جهته يرى رئيس جمعية الخليج للسندات والصكوك (جمعية مستقلة مقرها دبي تمثل سوق الدخل الثابت في الخليج)، مايكل جريفيرتي، أن "السحب من الاحتياطيات المتراكمة في ظل الظروف الراهنة، وحالة الركود العالمي، يعد أقل كلفة على المال العام وأكثر ديناميكية وسرعة، في تغطية الاحتياجات المالية".
وفي رأي مخالف يقول الخبير الاقتصادي الكويتي عدنان الدليمي، إن "لجوء دول الخليج إلى السحب من الاحتياطات أمر مقلق، ولا سيما أنها تمثل أهم وسيلة للدفاع عن الملاءة المالية للدولة، لذا لابد أن تبقى للظروف الطارئة وغير الاعتيادية".
وأضاف "ارتباط عملات دول الخليج بالدولار، يجعل للاحتياطيات العامة أهمية خاصة، ومن ثم فهي ملتزمة بالدفاع عنها ضد التقلبات في أسواق الصرف، لذلك يجب أن تحتفظ باحتياطيات تكفي لإدارة العرض والطلب في سوق العملات".
وتربط الدول الخليجية، عملاتها بالدولار الأميركي، مما يحد من فرص تلك الدول في التمتع بسياسات نقدية مستقلة.
وتحافظ خمسة من دول مجلس التعاون الخليجي على ربط عملاتها بالدولار لعقود، فيما ظلت الكويت هي الدولة الخليجية الوحيدة التي تربط عملتها بسلة من العملات، لكن حتى في هذه السلة نجد أن الدولار هو الأرجح وزناً.
اقرأ أيضاً:
مأزق عجز دول الخليج
البحرين تقر الموازنة الأصعب بعد تأجيلها 6 أشهر