طوال فترة حكم والده لمصر، التي استمرت نحو 30 عاماً، كان اسمه يتداول همساً بين مجتمع رجال المال والأعمال والاستثمار في مصر، وكان الحديث عن صفقاته وعمولاته ونسب سمسرته واستثماراته وملايينه يدور فقط داخل الغرف المغلقة، وفي منازل المليونيرات وأصحاب البزنس وعلية القوم، فهو الابن الأكبر والنجل البكر للرئيس.
ورغم طول فترة حكم والده، إلا أن اسمه ظهر في مناسبات نادرة، مثلاً عقب وفاة وجيه أباظة، إمبراطور تجارة السيارات الشهير وعضو مجلس قيادة ثورة يوليو 1952، حيث انتشرت شائعة قوية في طول البلاد وعرضها قبل نحو 20 عاماً حول موت أباظة المفاجئ عقب إرغامه على أن يشاركه الابن الأكبر للرئيس في توكيل شركة بيجو الشهير، ورددت مصر كلمة "الرئيس" الشهيرة لأباظة في ذلك الوقت "اعتبره ابنك".
وتم تداول اسمه واسم أخيه الأصغر وقت الحديث عن صفقات بيع ديون مصر الخارجية في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، وما حققه "الأخوان" من أرباح فاقت قيمتها ملايين الدولارات من السمسرة في هذه الصفقات.
وكذا تداول اسمه عقب اندلاع قصة شركة إعمار العقارية الشهيرة منذ نحو 20 عاماُ وخروج الخلافات بين الملياردير المصري الشهير محمد شفيق جبر ومستثمرين إماراتيين إلى العلن، والتي قيل وقتها، وعلى لسان مقربين من النجل الأكبر للرئيس، أن النجل حصل على عمولة "ملاليم" من الشركة الإماراتية.
ساعتها اكتشفنا قيمة الملاليم الحقيقية .. "يا دوب" 790 مليون جنيه مصري فقط لا غير أي حوالي 232.3 مليون دولار بأسعار صرف ذلك الوقت، حصل عليها النجل الأكبر مقابل إنهاء إجراءات تأسيس فرع الشركة الإماراتية بمصر وتسليمها أراضي المقطم التي سيقام عليها مشروعها الضخم، طبعا لم تخرج أي جهة رسمية في البلاد تؤكد حقيقة هذا الرقم أو تنفيه، ولذا أتعامل معه بتحفظ.
كما تداول اسم الابن الأكبر للرئيس مع بدء بيع الحكومة شركات قطاع الأعمال العام، فيما عرف في ذلك الوقت ببرنامج الخصخصة، كان لا يظهر في المناسبات العامة أو المؤتمرات الاقتصادية أو داخل أروقة المؤسسات المالية، فاتصال منه كان يهز أكبر مسؤول تنفيذي في البلاد، وكارته الشخصي كان يفتح الأبواب الموصدة لأتباعه والموصي عليهم والقادمين من طرفه، وتوصية منه تختصر الفترة الزمنية المطلوبة لتأسيس المشروع من عامين، وربما أكثر، ليوم واحد، وربما تختصر الفترة لحين انتهاء الشخص القادم من طرف النجل من تناول القهوة.
كان يعمل من وراء حجاب ومن خلف الجدران، ولذا كان عامة المصريين لا يعرفون عنه شيئا سوى أنه ابن الرئيس المدلل، رغم أنه الابن البكر، كان عازفا عن المشاركة في الحياة السياسية التي يرى أنه لا جدوى منها غير الكلام الفارغ وضياع الوقت، ويرى أيضاً ان الناس لا تحصد من هذه المشاركة في السياسة نفعاً مالياً ولا تبرم خلالها صفقات أو تحصل على قروض.
كان لا يفضل الظهور في وسائل الإعلام رغم تهافت كبار الصحافيين عليه، كل ما كان يشغل باله هو البزنس والصفقات والورقة الخضراء والأعمال الحرة، والمهنة الأخيرة كان يسجلها في خانة الوظيفة بجواز سفره الذي عثر على صورة منه قبل أيام ضمن أوراق فضيحة بنما التي هزت كل دول العالم ودفعت رؤساء حكومات للاستقالة.
وعقب قيام ثورة 25 يناير 2011 تم اعتقاله وأخيه وأبيه بتهم عدة، منها الفساد المالي في قضية القصور الرئاسية، وفضيحة بيع البنك الوطني المصري، أو ما عرف إعلامياً بقضية البورصة وغيرها.
وفى سجن "طرة" المريح والمكيف ذي الخمس نجوم كان يدير شركاته واستثماراته في الداخل والخارج، ويلتقي المستشارين الماليين الذين يقدمون له النصائح المالية والاستشارات الفنية، ويجري اتصالات بالبنوك والمؤسسات المالية والمكاتب القانونية التي تتولى إدارة أمواله، ويتعرف على تحركات أسعار الأسهم والعملات والسندات، والجديد في عالم أدوات الاستثمار والأوراق المالية الأخرى، من خلال جهاز اللاب توب الذي بحوزته.
ومن خلال أجهزة الكمبيوتر المنتشرة داخل غرفته في السجن يرصد أرقام حساباته في بنوك سويسرا وبريطانيا وغيرها من العواصم الغربية، ويحصي حجم الزيادة المتولدة عن استثماراته.
لم يحاكم حتى الآن على الأموال التي هربها للخارج طوال 30 عاماً، ويبدو أنه لن يحاكم، فلا حكم قضائيا نهائياً يدينه حتى الآن في قضايا تهريب الأموال وغسيلها وجرائم التهرب الضريبي والسمسرة في مقدرات شعب بأكمله، ولا عقاب قانونيا له على مزاحمة ملايين المصريين في قوت يومهم حتى وإن كاد يكفي بالكاد إطعام أفواه جائعة وأمعاء خاوية.
قبل أيام، ورد اسم علاء مبارك في وثائق فضيحة "بنما ليكس"، مع الإشارة إلى أنه يمتلك شركة استثمارات عالمية عملاقة مسجلة في فيرجين آيلاندز البريطانية، ويديرها بنك "كريديه سويس" السويسري الشهير.
كما أشارت الوئائق إلى أن علاء وأخاه يمتلكان شركة تحمل اسم "بانوورلد إنفستمنت" تأسست في عام 1996 وكانت فاتحة خير عليهما ونقطة انطلاق لشبكة عنكبوتية من الاستثمارات الخاصة والمتنوعة بهما، تبدأ من جزر العذراء في بريطانيا وأوروبا وتنتهي في مصر، مرورًا بجزر الكايمن وبنما وقبرص، ومصارف لندن وسويسرا وألمانيا وغيرها.
وعلى مدى سنوات طويلة، نجح علاء مبارك من خلال الشركة التي أسسها في بريطانيا وفرعها في قبرص، في تأسيس شركات أجنبية وصناديق استثمار استحوذت في وقت لاحق على حصص في شركات مصرية كبرى، منها المجموعة المالية هيرمس لإدارة المحافظ التي تمتلك صندوقي استثمار باسم EFG Capital Partners.
ومن خلال الصندوقين نجح نجل الرئيس في الاستثمار عن بُعد في العديد من البنوك والشركات المصرية، منها على سبيل المثال لا الحصر: البنك الوطني المصري قبل بيعه لمستثمرين كويتيين، وشركات أسمنت السويس ومجموعة طلعت مصطفى العقارية القابضة وشركة الإسكندرية للزيوت المعدنية.
كما استثمرت شركة نجل الرئيس في صندوق استثمار حورس الشهير Horus Food and Agribusiness، والذي استطاع من خلاله شراء حصص رئيسية في شركات ايديتا للصناعات الغذائية، والوادي القابضة، ومصر أكتوبر للصناعات الغذائية (المصريين)، وغيرها.
"الحواديت" والقصص عن استثمارات ومليارات علاء مبارك وأخيه كثيرة جداً ولا تنقطع، والسؤال: من أين حصل نجل مبارك الأكبر وأخوه الأصغر على كل هذه المليارات من الدولارات التي جعلتهما من كبار رجال الأعمال في مصر، بل وربما نكتشف في وقت لاحق أنهما من كبار المليونيرات العرب الذين ترصد مجلة فوربس العالمية ثرواتهم؟