يدفع التونسيون غاليا ثمن عجز ميزانية الدولة، فبالإضافة إلى الزيادات المباشرة التي طاولت أغلب المواد الاستهلاكية، تسعى الحكومة الجديدة إلى تطبيق زيادات في رسوم استخراج الوثائق، مبررة الإجراء بالبحث عن أدوات تعزز موقف المالية العامة.
وتركز سياسة الحكومة في تحصيل الموارد المباشرة، على زيادة رسوم استخراج الوثائق الإدارية، على غرار شهادات الحالة المدنية والوثائق القانونية التي تستلزم التوقيع من المصالح المحلية، فضلا عن رسوم تسجيل العقارات والسجلات التجارية.
وغالبا لا تعلن الحكومة مسبقا عن هذا الصنف من الزيادات إلى حين تفعيلها رسميا، إثر نشرها في الجريدة الرسمية للدولة، حيث ترتفع بعض المراجعات في تعريفات الوثائق الرسمية إلى 300%.
ويعتبر الخبير الاقتصادي مراد الحطاب، أن هذا الصنف من الزيادات يوفر موارد مباشرة سهلة التحصيل لخزينة الدولة، غير أنها تبقى ضئيلة مقارنة بحجم عجز الموازنة، مشيرا إلى أن هذه المراجعات لا تؤثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطنين، باعتبار أن استخراج الوثائق الإدارية لا يندرج ضمن قائمة المواد الاستهلاكية اليومية.
وأضاف الحطاب لـ"العربي الجديد"، أن مراجعة رسوم استخراج بعض هذه الوثائق لم يتم منذ أكثر من 10 سنوات، مؤكدا أن جميع تعريفات الخدمات تحتاج للمراجعة من فترة إلى أخرى، على أن تكون هذه المراجعات مصحوبة بتحسين الخدمات.
وتحتاج تونس إلى نحو 1.5 مليار دولار لسد عجز الموازنة هذا العام، فيما تؤكد مصادر من وزارة المالية أن الحكومة تخطط لمناقشة قانون مالية تكميلي لضبط موازنة الدولة، في ظل شح التمويلات، ولا سيما أن نسبة تحصيل ديون الدولة لدى المتهربين من الضريبة لا تزال ضعيفة نتيجة استشراء الفساد الإداري الذي يساعد المتهربين على التنصل من واجباتهم الجبائية.
وينتقد المراقبون للوضع الاقتصادي، جنوح الحكومة نحو الحلول السهلة التي تثقل كاهل المواطنين بمصاريف إضافية، بالرغم من توفر الإمكانيات لتحصيل ما بين 5 و7 مليارات دينار (2.5 إلى 3.5 مليارات دولار) من التهرب الضريبي سنويا، وهو تقريبا المبلغ ذاته الذي تقترضه تونس سنويا من الخارج.
ووفق دراسة أنجزتها منظمة الشغالين، تعد نسبة التهرب الضريبي في تونس من أعلى النسب في العالم، فيما تبقى نسبة مساهمة العمال في الإيرادات الجبائية المباشرة 80%، رغم أن نصيبهم من الثروة لا يتجاوز 26%.
وبالإضافة إلى ما تحصله الدولة من موارد مباشرة، صادقت لجنة المالية في البرلمان، على اتفاق بين الحكومة والبنك الأفريقي للتنمية، لاقتراض نحو 645 مليون دينار (330 مليون دولار)، تُوجه لسداد عجز موازنة الدولة، رغم أن الاتفاق الأولي للقرض ينص على توجيهه نحو إصلاحات القطاع المالي.
وفي غياب برنامج واضح للإصلاح الجبائي يمكّن الحكومة من تحصيل ضرائبها، يتوقع اقتصاديون أن يرتفع العجز في ميزانية الدولة من 3.9% هذا العام، إلى 6.5% العام القادم.