وأثار قرار البنك المركزي المصري برفع نسبة الاحتياطي الإلزامي في البنوك، ردود فعل متباينة في الأوساط المالية والاقتصادية بين مؤيد ومعارض.
وأعلن المركزي المصري في 3 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي من 10% إلى 14% تدريجياً.
ووفق مسح لوكالة "الأناضول"، استقرت نسبة الاحتياطي الإلزامي في مصر عند 14% منذ 2001 وحتى 2012.
والاحتياطي الإلزامي أو القانوني، يمثل نسبة من ودائع العملاء بالعملة المحلية والعملات الأجنبية، وتقوم البنوك بإيداعها لدى البنك المركزي بدون احتساب أية عوائد عليها.
ويمثل الاحتياطي الإلزامي أداة مهمة من أدوات السياسة النقدية يستطيع البنك المركزي من خلالها أن يتحكم في حجم النقد المتاح بزيادته عند فترات التضخم المرتفع أو خفضه عند الانكماش.
يأتي قرار المركزي الهادف لخفض التضخم المرتفع، لاحقا لقرار سابق في أغسطس/ آب الماضي، برفع نسبة الفائدة على الإقراض والودائع في محاولة لكبح جماح الأسعار المرتفعة للسلع والخدمات.
وقال خبراء مصرفيون، في أحاديث مع "الأناضول"، إن قرار المركزي المصري برفع الاحتياطي الإلزامي، جاء بهدف كبح جماح التضخم وامتصاص السيولة المتاحة في الأسواق.
ويحذر مراقبون من أن زيادة نسبة الاحتياطي الإلزامي ستؤدي إلى تراجع أرباح البنوك نظرا لسحب نسبة من السيولة ووضعها في البنك المركزي بدون الحصول على فائدة.
القرار سيسهم في تراجع نسبة توظيف السيولة بالبنوك، وزيادة كلفة الودائع التي تصل على بعض الأوعية إلى 16% و20%، وهو ما يحد من ربحية البنوك.
ويقول المركزي المصري إنه اتخذ القرار في ضوء المؤشرات المالية القوية للبنوك المصرية، وتعاظم مؤشرات أدائها وربحيتها التي انعكست على الاستقرار المالي والنقدي.
وقال المحلل الاقتصادي محمد الدشناوي (مصري)، إن رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي يأتي في إطار محاولات المركزي لمواجهة التضخم المرتفع، بعيدا عن سعر الفائدة، وذلك في أعقاب خفض دعم الطاقة وتحرير سعر الصرف وزيادة ضريبة القيمة المضافة.
ووفق إحصائيات رسمية، سجل معدل التضخم السنوي في مصر 33.2% في أغسطس/ آب الماضي، مقابل 34.2% في الشهر السابق عليه، إلا أنها نسبة تبقى قرب أعلى مستوياتها منذ ثلاثة عقود.
ويستهدف المركزي المصري خفض معدل التضخم إلى 7% في المدى المتوسط، وإلى 13% في الربع الأخير من العام 2018.
الدشناوي أضاف: "القرار يهدف لامتصاص السيولة من السوق، ولكن له آثاراً سلبية، تتمثل في زيادة الانكماش وتقليل التوظيف وبالتالي انخفاض معدلات النمو التي ما تزال أقل من المأمول". ونما الاقتصاد المصري بنسبة 4.2% في العام المالي 2016/2017.
ورفعت مصر توقعاتها لمعدل النمو إلى 5.25% خلال العام المالي الجاري، رغم أن البلاد بحاجة إلى نمو يفوق 7% لمواجهة البطالة، حسب رئيس الوزراء شريف إسماعيل.
ويبدأ العام المالي في مصر مطلع يوليو/ تموز حتى نهاية يونيو/ حزيران من العام التالي، وفقاً لقانون الموازنة العامة.
وزاد الخبير المصري: "رفع الاحتياطي الإلزامي سيقلل من السيولة في البنوك وبالتالي يخفض من الاستثمار ولن يقلل من معدل التضخم، وبالتالي سيحدث زيادة في الركود التضخمي".
وقال نعمان خالد، وهو محلل اقتصاد كلي في "سي أي كابيتال لإدارة الأصول" داخل مصر (خاص)، إن قرار رفع الاحتياطي الإلزامي بمثابة تمهيد لخفض تدريجي في أسعار الفائدة، مقابل الرفع الذي يحدث بشكل مفاجئ وعنيف.
ورفع المركزي المصري أسعار الفائدة الأساسية بنسبة 7% منذ تحرير سعر صرف الجنيه لتصل إلى 18.75% للإيداع و19.75% للإقراض. وأضاف نعمان، في حديثه لـ"الأناضول"، أن القرار يقلل إجمالي السيولة المتاحة عند البنوك التي ستقرضها للقطاع العام والخاص والأفراد.
وأوضح أن القرار يتسبب في نقص السيولة لدى البنوك، وارتفاع أسعار أذون الخزانة التي تطرحها الحكومة لتمويل عجز الموازنة، وأيضاً تشجيع الأجانب على مواصلة شراء أدوات الدين المصرية والتي تبلغ حالياً 18 مليار دولار.
وتقوم آلية الاحتياطي الإلزامي على أساس تنازل البنوك عن 14% من ودائعها بالجنيه باستثناء أرصدة الشهادات مدة 3 سنوات فأكثر.
وبلغ إجمالي الودائع بما فيها الحكومية لدى البنوك المصرية نحو 3.043 تريليونات جنيه (172.8 مليار دولار) في يونيو/ حزيران 2017.
وكان صندوق النقد قد طالب مصر بضرورة التدخل لمواجهة التضخم، الذي بلغ أعلى مستوياته في الفترة الماضية. فقد سجل التضخم نحو 32.9% في إبريل/نيسان 2017 على أساس سنوي.
ودفعت نسب التضخم المرتفعة في البلاد إلى تآكل القيمة الشرائية للنقود، وانخفاض القوة الشرائية للمواطنين، وإلى قفزات في الأسعار، خاصة في ظل نقص السيولة بالأسواق وليس زيادتها.
وقال جهاد أزعور، المدير الإقليمي لصندوق النقد الدولي بمنطقة الشرق الأوسط، في وقت سابق، إن "سعر الفائدة هو الأداة الصحيحة" للجم التضخم، لكنه اعتبر في ما بعد أن سعر الفائدة هو خيار من ضمن مجموعة من الأدوات التي يمكن استخدامها.
(الأناضول، العربي الجديد)