يقترب السودان من أزمة مالية كبيرة مع عزوف بعض منتجي الذهب عن توريد الكميات التي تجود بها المناجم عليهم إلى البنك المركزي، أملا في بيعها خارج الجهاز الرسمي للدولة التي تحدد سعر صرف للدولار لا يُرضي شركات التعدين.
ويشتري بنك السودان المركزي، الذهب المنتج من الشركات بناء على سعر الحافز، الذي يساوي 15.70 جنيها للدولار، بينما يصل السعر في السوق السوداء إلى 19.5 جنيها.
وسعر الحافز، هو سعر أقره البنك المركزي نهاية العام الماضي، للمصدرين والعاملين بالخارج، يتكون من السعر الرسمي بجانب حافز يحدده البنك بصورة يومية.
وتطالب الشركات العاملة في مجال التعدين بنك السودان المركزي بتعديل سياساته التحفيزية لشركات التعدين، بغرض تشجيعها على توريد المعدن الأصفر للحكومة، على اعتبار أنه المزود الأولى حاليا للنقد الأجنبي بعدما فقدت الدولة ثلاثة أرباع ثرواتها النفطية بانفصال الجنوب.
وقال وزير المعادن السوداني، هاشم علي سالم، قبل يومين، إن شركات تعدين في البلاد أحجمت عن بيع إنتاجها من الذهب للبنك المركزي، منذ يونيو/ حزيران الماضي، نتيجة لضعف الأسعار، مضيفاً على هامش فعالية اقتصادية في الخرطوم، أن اعتماد بنك السودان المركزي لأسعار شراء منخفضة عن أسعار السوق غير الرسمية (الموازية)، دفع الشركات لوقف بيعه.
وتباينت آراء خبراء بشأن سياسات شراء الذهب بعد أن سمحت الحكومة للقطاع الخاص بشراء وتصدير المعدن الأصفر وفق ضوابط محددة اتفق فيها مع وزارة المعادن، من بينها إنشاء مجلس أعلى للذهب.
ووافقت الحكومة على دخول القطاع الخاص في عمليات شراء وبيع الذهب بعد فشل سياسات البنك المركزي السابقة التي كانت تعتبر المعدن النفيس كالنقد، لا يحق لأي شركة الدخول في شرائه أو تصديره، مما أسفر عن اتساع دائرة تهريب الذهب إلى الخارج، حيث وصلت الكميات التي تخترق الحدود بطرق غير مشروعة إلى قرابة ثلاثة مليارات دولار، أي بثلاثة أضعاف الكميات التي كان يصدرها البنك المركزي بشكل رسمي والتي لم تتجاوز المليار دولار.
وتشكو شركات مصدرة للذهب من ضعف عوائدها والخسارة التي تتعرض لها نتيجة سياسات الحكومة الحالية.
وقال عبد الوهاب سعيد، المدير التنفيذي بإحدى شركات التعدين لـ "العربي الجديد"، إن شركته تخسر حوالى 100 مليون جنيه في الكيلو الواحد بسبب زيادة تكاليف الإنتاج، فيما يرفض البنك المركزي تعديل أسعار صرف الدولار عند عمليات الشراء تماشيا مع القيمة الحقيقية لسعر صرف الجنيه، والتي تقدرها السوق الموازية بنحو 20% أقل من السعر الرسمي.
وطالب سعيد، بتحديد قيمة المعدن الأصفر وفقا لسعر صرف الجنيه السوداني في السوق الموازية يوميا، قائلا: "يوجد جهات أخرى غير حكومية تشتري الذهب بسعر الدولار في السوق الموازية. إذا وجدنا كمنتجين سعرا مجزيا فإننا لن نغامر ونبيع الذهب لجهات أخرى".
ويفضل العاملون المحليون في التعدين، الذين اكتُشف الذهب على أيديهم في عام 2010، تهريبه بدلا من بيعه للحكومة السودانية، لتحقيق أرباح أكبر.
وبلغت صادرات السودان من الذهب العام الماضي 28.9 طنا بنسبة 37.7 بالمائة من الصادرات السودانية، وفقاً لإحصائيات وزارة المعادن فيما بلغ الإنتاج السنوي 93.4 طنا.