تتعرض مدخرات وودائع المصريين في البنوك، إلى تآكل مستمر في قيمتها، بسبب ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية، مع تثبيت البنك المركزي لأسعار الفائدة في اجتماعه الأخير ما أثار مخاوف من تجدّد ظاهرة شركات توظيف الأموال مرة أخرى.
وأثار توقف العديد من البنوك لاسيما الخاصة عن طرح شهادات استثمار مرتفعة العائد خلال الشهرين الماضيين، قلق الكثير من المودعين على أموالهم.
ويتجاوز حجم الودائع في البنوك المصرية أكثر من تريلوني جنيه (ما يعادل 125 مليار دولار) حسب البنك المركزي المصري.
ووفقا لأحدث بيانات البنك المركزي، قفز التضخم الأساسي لأسعار السلع في مصر إلى أعلى مستوياته في أكثر من عشر سنوات، مسجلا 30.86%، في يناير/كانون الثاني، متأثرا بالتداعيات السلبية لتعويم الجنيه، وإلغاء الدعم، وزيادة أسعار الوقود، والقرارات الاقتصادية المؤلمة التي اتخذتها الحكومة مقابل الحصول على قرض صندوق النقد الدولي.
وفي الوقت الذي انتظر فيه مودعو البنوك رفع معدلات الفائدة، فاجأ البنك المركزي السوق منتصف فبراير/شباط الجاري بتثبيت معدلات الفائدة عند معدلاتها السابقة، وذلك بالمخالفة للأعراف الاقتصادية التي تؤكد أنه كلما ارتفع معدل التضخم قابل ذلك زيادة في معدلات العائد على المدخرات حفاظا على قيمتها وقوتها الشرائية، حسب محللي اقتصاد لـ"العربي الجديد".
وقررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، خلال اجتماعها الأخير، تثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، للمرة الثالثة، عند مستوى 14.75%، و15.75 % على التوالي بعد قيامه برفعها بـ 300 نقطة أساس في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كما قررت الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوى 15.25 %.
ووفقاً لتقديرات "العربي الجديد" بناءً على البيانات الرسمية فإن قيمة مدخرات المصريين تآكلت لأكثر من 17%، إذا ما تم حسابها على الفارق بين معدل التضخم والعائد على الودائع، حيث بلغ متوسط العائد بالبنوك نحو 14%، في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار السلع بمعدلات تفوق الـ 30%.
وحذر خبراء اقتصاد ومصرفيون، من التأثيرات السلبية المترتبة على ارتفاع التضخم الذي يأكل جزءا كبيرا من مدخرات المودعين.
اقــرأ أيضاً
وقال أحمد الألفي، الخبير المصرفي، لـ "العربي الجديد" إن "كل الأعراف الاقتصادية والمصرفية المتبعة عالميا تشير إلى أنه كلما ارتفعت معدلات التضخم قابلها ارتفاع في معدلات الفائدة لدى البنوك"، مضيفا بأن ذلك من صميم دور البنك المركزي باعتباره الجهة الضامنة والمحافظة على ودائع المدخرين من التآكل وتراجع قيمتها.
وينص قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد على أن "استقرار الأسعار هو الهدف الرئيسي للسياسة النقدية الذي يتقدم على غيره من الأهداف".
وأوضح الألفي أن البنك المركزي وجد نفسه مجبرا على تثبيت أسعار الفائدة في الوقت الحالي بالمخالفة لكل القواعد الاقتصادية، إذ يعاني الاقتصاد من حالة ركود وتوقف الإنتاج وارتفاع تكلفته بعد قرار التعويم.
وأكد أن تداعيات التعويم جاءت فادحة على الجميع، وخاصة على الموطنين بعد تضاعف الأسعار عدة مرات خلال 3 أشهر فقط، مقارنة بتحسن طفيف في فاتورة الصادرات.
وأشار الألفي إلى أن معدلات التضخم الحقيقية تفوق النسب الرسمية المعلنة بكثير، في ظل استبعاد السلع الأكثر صعودا – سلع غذائية - من مؤشر تضخم البنك المركزي.
وحذر الخبير المصرفي من لجوء المدخرين إلى قنوات توظيف الأموال التي انتشرت بصورة مرعبة الآونة الأخيرة، بحثا عن عائد أعلى يغطي ويضاهي الارتفاع الجنوني في الأسعار.
وفي الوقت الذي تشير أحدث أرقام للبنك المركزي إلى ارتفاع ودائع الجهاز المصرفي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أكد أحمد حماد، مدير إدارة الودائع في أحد البنوك الحكومية، لـ"العربي الجديد" أن تلك الأرقام تسبق قرار التعويم الذي اتخذ في مستهل شهر نوفمبر/تشرين الثاني.
وقال حماد إنه "رصد على أرض الواقع سحب العديد من المودعين كل أو جزء من مدخراتهم بحثا عن قنوات توظيف أخرى تدر عائدا أعلى في ظل الارتفاعات القياسية في الأسعار".
واتفق حماد على وجود مخاوف كبيرة من التوجه مجددا إلى ما يعرف بشركات توظيف الأموال، في ظل تذبذب البورصة وركود سوق العقارات والتجارة.
ووفقا للبنك المركزي فإن إجمالي الودائع لدى الجهاز المصرفي بخلاف "البنك المركزي" ارتفع بنحو 22 مليار جنيه (الدولار = نحو 16 جنيهاً)، ليصل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى نحو 2.224 تريليون جنيه مقابل 2.202 تريليون جنيه في سبتمبر/أيلول.
وأشار المركزي في أحدث تقرير إلى أن إجمالي الودائع الحكومية بلغ 385.9 مليار جنيه، منها 283 مليار جنيه ودائع بالعملة المحلية، ونحو102.9 مليار جنيه ودائع بالعملات الأجنبية.
واعتبر عبد الرحمن طه، الخبير الاقتصادي، أن "البنك المركزي يهدف من قرار تثبيت الفائدة بعد غلق باب الاكتتاب في شهادات الـ 20% إلى حث المودعين على سحب مدخراتهم وتوظيفها لإعادة تنشيط الاقتصاد الراكد".
وقال طه لـ "العربي الجديد" إن "الاقتصاد القومي "في القاع" ، إذ إن الحكومة تقترض أجور العاملين في الجهاز الإداري للدولة، بجانب عجز الموازنة المتفاقم والذي تخطى 312 مليار جنيه".
وأشار إلى وجود صعوبات قوية لدى الجهاز المصرفي في توظيف الودائع الضخمة لديه، في ظل تراجع الإقبال على الائتمان والاستثمار من قبل المستثمرين ومجتمع الاعمال وحالة الركود التي تسيطر على الأسواق، لافتا إلى أن تلك الودائع تمثل عبئا على البنوك في ظل التزامها بمنح عوائد كبيرة عليها تبلغ من 13 إلى 15% سنوياً.
وأضاف: "من المعروف أن مودع البنوك يخسر جزءا من قوة مدخراته الشرائية في ظل عدم تحمله أي مخاطر، مقارنة بالاستثمار المباشر أو التوجه إلى البورصة".
وأوضح أن البنك المركزي يهدف من قراراته الأخيرة إلى تعزيز موقف العملة المحلية مقابل الدولار وغيره من العملات الأجنبية، متجاهلا دوره الأساسي في ضبط الأسعار والتحكم في معدلات التضخم.
اقــرأ أيضاً
وكانت وكالة "بلومبرغ" الاقتصادية الأميركية أشارت إلى أن الأسعار قفزت منذ أن خفضت الحكومة دعم الوقود وألغت القيود على سوق الصرف الأجنبي في نوفمبر/تشرين الماضي، وقالت إن "تلك الخطوات الأساسية انت لتأمين حصول مصر على قرض قيمته 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي".
وأشارت بلومبرغ إلى أنه منذ قرار التعويم فقد الجنيه ما يقرب من نصف قيمته، وقفز التضخم إلى ما يقرب من 28% كمعدل سنوي في يناير/كانون الثاني الماضي.
وقال هاني فرحات، المحلل الاقتصادي في شركة "سي آي كابيتال" لبلومبرغ: "لا يستطيع المستهلكون الحفاظ على قوتهم الشرائية في ظل ارتفاع الأسعار غير الطبيعي".
وكانت شهادات الاستثمار البنكية، مرتفعة العائد قد زادت شهية المصريين لإيداع أموالهم في البنوك، في أعقاب رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بنسبة 3% دفعة واحدة في نفس اليوم الذي قرر فيه تعويم الجنيه في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2016 (تحرير سعر الصرف وتركه لآلية العرض والطلب).
وتبارت البنوك بمختلف أنواعها في طرح شهادات مرتفعة العائد في الأسبوعين اللاحقين لقرار تحرير سعر الصرف، ولأجل قصير بلغ 18 شهراً وبسعر فائدة بلغ 20% لاجتذاب الودائع بالجنيه المصري، لكنها ما لبثت أن توقفت عن طرح تلك الشهادات خلال الأسابيع الأخيرة.
وقال مسئول كبير قي البنك الأهلي المصري (حكومي) لـ"العربي الجديد"، إن البنك جمع نحو 120 مليار جنيه من بيع تلك الشهادات مرتفعة العائد والتي لا تقل الفائدة عليها عن 20%، متوقعا عدم طرح شهادات جديدة مرتفعة العائد.
وأكد مسؤول في بنك القاهرة (حكومي) أن البنك أوقف طرح شهادات استثمار مرتفعة الفائدة منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، في إطار خطة الحكومة لإعادة تقييم المركز المالي للبنك وطرح حصة من أسهمه في سوق الأوراق المالية (البورصة).
وفيما يخص البنوك الخاصة، فأن اغلبها إما أوقف هذه النوعية من الشهادات أو خفض الفائدة على شهادات الادخار المصدرة منه بعد فترة قليلة من طرحها، والتى كان الهدف منها بحسب مصرفيون عدم فقد عملائهم لصالح البنوك الحكومية التى أصدرت الشهادات الجديدة مرتفعة العائد.
ويعد بنك "سايبا" أول بنك يقدم على إيقاف الاكتتاب في شهادة الـ 20% بعد أسبوع واحد من طرحها وفق خبير مصرفي، كما أوقف بنكا المؤسسة العربية المصرفية، والاستثمار العربي هذه الشهادات، وخفضا من سعر الأوعية الادخارية لديهمما لمتوسط 15.1%.
وقال مسؤول في قطاع التجزئة المصرفية بالمصرف المتحد، المملكوك بالكامل للبنك المركزي، إن البنك أوقف طرح الشهادات مرتفعة العائد بعد 10 أيام من إصدارها، لافتا إلى أنه لا مساس بحقوق حائزي الشهادات المشتراة.
وأرجع المسؤول عدم طرح شهادات مرتفعة العائد إلى عدم جدواها في ظل عدم جذب عملاء جدد، وقيام عملاء البنك بكسر ودائعهم من أجل شراء الأوعية الادخارية الجديدة.
وكان البنك قد طرح فى نوفمبر/تشرين الثاني الماضى شهادة ادخارية لأجل 3 سنوات بعائد 20% للسنة الأولى و16% للعامين الثاني والثالث على أن يتم صرف العائد كل 3 شهور.
وقال مسؤول كبير في البنك المركزى إن البنك سيتخذ قراراً بوقف شهادات الاستثمار ذات الفائدة المرتفعة للبنوك الحكومية في اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبلة، حال استمرار تحقيق الجنيه مكاسب أمام الدولار، واتجاه أسعار الفائدة المحلية للتراجع، وذلك خوفا من أن تتكبد البنوك الحكومية خسائر كبيرة بالاستمرار في طرح هذه النوعية من الشهادات.
واستقر سعر الدولار في معظم البنوك الحكومية والخاصة في بداية تعاملات الأسبوع الحالي عند 15.70 جنيها، بعد سلسلة من التراجعات على مدار الأيام الماضية، اعتبرتها الحكومة المصرية تعافيا للجنيه أمام العملة الخضراء وإيذاناً بمزيد من القوة خلال الفترة المقبلة، لكن ما لبث أن شهد الدولار قفزات في السوق السوداء ليصل إلى 18.5 جنيه مبدداً الإجراءات الحكومية في دفعه للهبوط.
وأثار توقف العديد من البنوك لاسيما الخاصة عن طرح شهادات استثمار مرتفعة العائد خلال الشهرين الماضيين، قلق الكثير من المودعين على أموالهم.
ويتجاوز حجم الودائع في البنوك المصرية أكثر من تريلوني جنيه (ما يعادل 125 مليار دولار) حسب البنك المركزي المصري.
ووفقا لأحدث بيانات البنك المركزي، قفز التضخم الأساسي لأسعار السلع في مصر إلى أعلى مستوياته في أكثر من عشر سنوات، مسجلا 30.86%، في يناير/كانون الثاني، متأثرا بالتداعيات السلبية لتعويم الجنيه، وإلغاء الدعم، وزيادة أسعار الوقود، والقرارات الاقتصادية المؤلمة التي اتخذتها الحكومة مقابل الحصول على قرض صندوق النقد الدولي.
وفي الوقت الذي انتظر فيه مودعو البنوك رفع معدلات الفائدة، فاجأ البنك المركزي السوق منتصف فبراير/شباط الجاري بتثبيت معدلات الفائدة عند معدلاتها السابقة، وذلك بالمخالفة للأعراف الاقتصادية التي تؤكد أنه كلما ارتفع معدل التضخم قابل ذلك زيادة في معدلات العائد على المدخرات حفاظا على قيمتها وقوتها الشرائية، حسب محللي اقتصاد لـ"العربي الجديد".
وقررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، خلال اجتماعها الأخير، تثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، للمرة الثالثة، عند مستوى 14.75%، و15.75 % على التوالي بعد قيامه برفعها بـ 300 نقطة أساس في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كما قررت الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوى 15.25 %.
ووفقاً لتقديرات "العربي الجديد" بناءً على البيانات الرسمية فإن قيمة مدخرات المصريين تآكلت لأكثر من 17%، إذا ما تم حسابها على الفارق بين معدل التضخم والعائد على الودائع، حيث بلغ متوسط العائد بالبنوك نحو 14%، في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار السلع بمعدلات تفوق الـ 30%.
وحذر خبراء اقتصاد ومصرفيون، من التأثيرات السلبية المترتبة على ارتفاع التضخم الذي يأكل جزءا كبيرا من مدخرات المودعين.
وقال أحمد الألفي، الخبير المصرفي، لـ "العربي الجديد" إن "كل الأعراف الاقتصادية والمصرفية المتبعة عالميا تشير إلى أنه كلما ارتفعت معدلات التضخم قابلها ارتفاع في معدلات الفائدة لدى البنوك"، مضيفا بأن ذلك من صميم دور البنك المركزي باعتباره الجهة الضامنة والمحافظة على ودائع المدخرين من التآكل وتراجع قيمتها.
وأوضح الألفي أن البنك المركزي وجد نفسه مجبرا على تثبيت أسعار الفائدة في الوقت الحالي بالمخالفة لكل القواعد الاقتصادية، إذ يعاني الاقتصاد من حالة ركود وتوقف الإنتاج وارتفاع تكلفته بعد قرار التعويم.
وأكد أن تداعيات التعويم جاءت فادحة على الجميع، وخاصة على الموطنين بعد تضاعف الأسعار عدة مرات خلال 3 أشهر فقط، مقارنة بتحسن طفيف في فاتورة الصادرات.
وأشار الألفي إلى أن معدلات التضخم الحقيقية تفوق النسب الرسمية المعلنة بكثير، في ظل استبعاد السلع الأكثر صعودا – سلع غذائية - من مؤشر تضخم البنك المركزي.
وحذر الخبير المصرفي من لجوء المدخرين إلى قنوات توظيف الأموال التي انتشرت بصورة مرعبة الآونة الأخيرة، بحثا عن عائد أعلى يغطي ويضاهي الارتفاع الجنوني في الأسعار.
وفي الوقت الذي تشير أحدث أرقام للبنك المركزي إلى ارتفاع ودائع الجهاز المصرفي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أكد أحمد حماد، مدير إدارة الودائع في أحد البنوك الحكومية، لـ"العربي الجديد" أن تلك الأرقام تسبق قرار التعويم الذي اتخذ في مستهل شهر نوفمبر/تشرين الثاني.
وقال حماد إنه "رصد على أرض الواقع سحب العديد من المودعين كل أو جزء من مدخراتهم بحثا عن قنوات توظيف أخرى تدر عائدا أعلى في ظل الارتفاعات القياسية في الأسعار".
واتفق حماد على وجود مخاوف كبيرة من التوجه مجددا إلى ما يعرف بشركات توظيف الأموال، في ظل تذبذب البورصة وركود سوق العقارات والتجارة.
ووفقا للبنك المركزي فإن إجمالي الودائع لدى الجهاز المصرفي بخلاف "البنك المركزي" ارتفع بنحو 22 مليار جنيه (الدولار = نحو 16 جنيهاً)، ليصل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى نحو 2.224 تريليون جنيه مقابل 2.202 تريليون جنيه في سبتمبر/أيلول.
وأشار المركزي في أحدث تقرير إلى أن إجمالي الودائع الحكومية بلغ 385.9 مليار جنيه، منها 283 مليار جنيه ودائع بالعملة المحلية، ونحو102.9 مليار جنيه ودائع بالعملات الأجنبية.
واعتبر عبد الرحمن طه، الخبير الاقتصادي، أن "البنك المركزي يهدف من قرار تثبيت الفائدة بعد غلق باب الاكتتاب في شهادات الـ 20% إلى حث المودعين على سحب مدخراتهم وتوظيفها لإعادة تنشيط الاقتصاد الراكد".
وقال طه لـ "العربي الجديد" إن "الاقتصاد القومي "في القاع" ، إذ إن الحكومة تقترض أجور العاملين في الجهاز الإداري للدولة، بجانب عجز الموازنة المتفاقم والذي تخطى 312 مليار جنيه".
وأشار إلى وجود صعوبات قوية لدى الجهاز المصرفي في توظيف الودائع الضخمة لديه، في ظل تراجع الإقبال على الائتمان والاستثمار من قبل المستثمرين ومجتمع الاعمال وحالة الركود التي تسيطر على الأسواق، لافتا إلى أن تلك الودائع تمثل عبئا على البنوك في ظل التزامها بمنح عوائد كبيرة عليها تبلغ من 13 إلى 15% سنوياً.
وأضاف: "من المعروف أن مودع البنوك يخسر جزءا من قوة مدخراته الشرائية في ظل عدم تحمله أي مخاطر، مقارنة بالاستثمار المباشر أو التوجه إلى البورصة".
وأوضح أن البنك المركزي يهدف من قراراته الأخيرة إلى تعزيز موقف العملة المحلية مقابل الدولار وغيره من العملات الأجنبية، متجاهلا دوره الأساسي في ضبط الأسعار والتحكم في معدلات التضخم.
وأشارت بلومبرغ إلى أنه منذ قرار التعويم فقد الجنيه ما يقرب من نصف قيمته، وقفز التضخم إلى ما يقرب من 28% كمعدل سنوي في يناير/كانون الثاني الماضي.
وقال هاني فرحات، المحلل الاقتصادي في شركة "سي آي كابيتال" لبلومبرغ: "لا يستطيع المستهلكون الحفاظ على قوتهم الشرائية في ظل ارتفاع الأسعار غير الطبيعي".
وكانت شهادات الاستثمار البنكية، مرتفعة العائد قد زادت شهية المصريين لإيداع أموالهم في البنوك، في أعقاب رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بنسبة 3% دفعة واحدة في نفس اليوم الذي قرر فيه تعويم الجنيه في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2016 (تحرير سعر الصرف وتركه لآلية العرض والطلب).
وتبارت البنوك بمختلف أنواعها في طرح شهادات مرتفعة العائد في الأسبوعين اللاحقين لقرار تحرير سعر الصرف، ولأجل قصير بلغ 18 شهراً وبسعر فائدة بلغ 20% لاجتذاب الودائع بالجنيه المصري، لكنها ما لبثت أن توقفت عن طرح تلك الشهادات خلال الأسابيع الأخيرة.
وقال مسئول كبير قي البنك الأهلي المصري (حكومي) لـ"العربي الجديد"، إن البنك جمع نحو 120 مليار جنيه من بيع تلك الشهادات مرتفعة العائد والتي لا تقل الفائدة عليها عن 20%، متوقعا عدم طرح شهادات جديدة مرتفعة العائد.
وأكد مسؤول في بنك القاهرة (حكومي) أن البنك أوقف طرح شهادات استثمار مرتفعة الفائدة منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، في إطار خطة الحكومة لإعادة تقييم المركز المالي للبنك وطرح حصة من أسهمه في سوق الأوراق المالية (البورصة).
وفيما يخص البنوك الخاصة، فأن اغلبها إما أوقف هذه النوعية من الشهادات أو خفض الفائدة على شهادات الادخار المصدرة منه بعد فترة قليلة من طرحها، والتى كان الهدف منها بحسب مصرفيون عدم فقد عملائهم لصالح البنوك الحكومية التى أصدرت الشهادات الجديدة مرتفعة العائد.
ويعد بنك "سايبا" أول بنك يقدم على إيقاف الاكتتاب في شهادة الـ 20% بعد أسبوع واحد من طرحها وفق خبير مصرفي، كما أوقف بنكا المؤسسة العربية المصرفية، والاستثمار العربي هذه الشهادات، وخفضا من سعر الأوعية الادخارية لديهمما لمتوسط 15.1%.
وقال مسؤول في قطاع التجزئة المصرفية بالمصرف المتحد، المملكوك بالكامل للبنك المركزي، إن البنك أوقف طرح الشهادات مرتفعة العائد بعد 10 أيام من إصدارها، لافتا إلى أنه لا مساس بحقوق حائزي الشهادات المشتراة.
وأرجع المسؤول عدم طرح شهادات مرتفعة العائد إلى عدم جدواها في ظل عدم جذب عملاء جدد، وقيام عملاء البنك بكسر ودائعهم من أجل شراء الأوعية الادخارية الجديدة.
وكان البنك قد طرح فى نوفمبر/تشرين الثاني الماضى شهادة ادخارية لأجل 3 سنوات بعائد 20% للسنة الأولى و16% للعامين الثاني والثالث على أن يتم صرف العائد كل 3 شهور.
وقال مسؤول كبير في البنك المركزى إن البنك سيتخذ قراراً بوقف شهادات الاستثمار ذات الفائدة المرتفعة للبنوك الحكومية في اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبلة، حال استمرار تحقيق الجنيه مكاسب أمام الدولار، واتجاه أسعار الفائدة المحلية للتراجع، وذلك خوفا من أن تتكبد البنوك الحكومية خسائر كبيرة بالاستمرار في طرح هذه النوعية من الشهادات.
واستقر سعر الدولار في معظم البنوك الحكومية والخاصة في بداية تعاملات الأسبوع الحالي عند 15.70 جنيها، بعد سلسلة من التراجعات على مدار الأيام الماضية، اعتبرتها الحكومة المصرية تعافيا للجنيه أمام العملة الخضراء وإيذاناً بمزيد من القوة خلال الفترة المقبلة، لكن ما لبث أن شهد الدولار قفزات في السوق السوداء ليصل إلى 18.5 جنيه مبدداً الإجراءات الحكومية في دفعه للهبوط.