ما دامت لديك حالة طوارئ في مصر، فليس من حقك أن تسأل عن حال الاقتصاد والأسواق والأسعار، وهل تحسنت مؤشراته أم تراجعت، أو أن تحاسب الحكومة على برنامج سمّته بالإصلاح الاقتصادي وتم على أساسه تحرير سوق الصرف وتعويم الجنيه مقابل الدولار وزيادة أسعار الوقود وكافة السلع التموينية الأساسية وخفض دعم الكهرباء وزيادة الضرائب والجمارك؟
في هذه الحالة، وأنت تحت حكم الطوارئ، ليس من حقك أن تسأل الحكومة عن مصير "برنامج الإصلاح الاقتصادي" الذي انتزعت بموجبه قرضاً من صندوق النقد الدولي بقيمة 21 مليار دولار وقالت، إن البرنامج يهدف لزيادة معدل النمو الاقتصادي، وخلق فرص عمل جديدة للشباب، وجذب استثمارات أجنبية، وإعادة الاستثمارات الهاربة، وخفض أسعار السلع الرئيسية، وتحقيق الرفاهية للمواطن، إضافة لأهداف أخرى كبيرة، منها خفض عجز الموازنة العامة والدين العام.
وما دام لديك حالة طوارئ لمدة 3 شهور مقبلة تبدأ من اليوم، فليس من حقك أن تسأل عن مصير الوعود الرسمية المتواصلة بخفض أسعار السلع وآخرها ما جرى في شهر ديسمبر الماضي، فرد الحكومة جاهز: "نحن في حالة طوارئ، وعليك أن تسكت وتخرس"، فملف الأمن ومكافحة الإرهاب والتطرف يجب أن تسبق كل الملفات حتى ولو كان ملف غلاء الأسعار وحصول المواطن على لقمة عيش بسعر مناسب للمواطن.
وما دام لديك حالة طوارئ، فيس من حقك أن تسأل عن خطط حكومية لتنشيط قطاع السياحة المتردي منذ أكثر من عامين، ويصبح السؤال عن ملفات أخرى "قلة أدب" مثل جذب استثمارات أجنبية، وزيادة الصادرات وتحويلات المغتربين العاملين في الخارج، ولا تسأل أيضاً عن مصير مليارات الجنيهات التي تم إنفاقها على تفريعة قناة السويس السابعة، أو عن إيرادات القناة المتراجعة، فهذا سؤال "سمج" لا يخرج إلا من شخص عديم التربية.
وما دمت تحت حكم الطوارئ، عليك ألا تسأل الحكومة عن أسباب التوسع الكبير في الاقتراض الخارجي، وأين تم انفاق كل هذه المليارات بما فيها منح ومساعدات الخليج، أو تسأل عن أسباب استمرار عجز الموازنة العامة رغم اقتراض نحو 20 مليار دولار في أخر 9 شهور، أو عن سر عدم إعادة روسيا سياحها رغم "ترضيتها"، واختفاء مليارات الجنيهات من الموازنة العامة للدولة في الوقت الذي تعاني فيه من عجز حاد، فهذه أسئلة تعد عيباً في هذه اللحظة الاستثنائية التي تمر بها البلاد.
وما دمنا في مرحلة استثنائية، فليس من حقك أن تسأل الحكومة عن سر إصرارها على جمع 604 مليار جنيه في العام المالي الجديد في شكل ضرائب بزيادة 174 مليار جنيه عن تقديرات العام المالي الحالي، أو تحاول أن تستفسر عن مدى قدرة المواطن على تحمل الزيادات القياسية في الأسعار، وعن عدم زيادة الأجور لمواجهة موجة التضخم، فهذه أسئلة باتت محظورة في التوقيت الصعب والحرج في تاريخ البلاد.
تحت حكم الطوارئ عليك أن تصمت على كل القرارات الصعبة التي سيتم تمريرها قبل نهاية الثلاثة شهور ( فترة فرض الحظر) ومن أخطرها فرض مزيد من الضرائب والجمارك والرسوم وإجراء زيادات جديدة في أسعار الكهرباء والمياه والمرافق والبنزين والسولار والغاز والسجائر وغيرها.
عليك أيضاً أن تسكت حتى لو امتدت الزيادات الجديدة في الأسعار للسلع التموينية كالسكر والزيوت والشاي والصابون.
ومع إقرار هذه الزيادات بداية شهر يوليو المقبل وقبل انتهاء فترة الطوارئ عليك ألا تعترض أو تتظاهر أو حتى تبدي رأياً عبر تقرير في صحيفة أو برنامج تلفزيوني، فالتظاهرات والوقفات الاحتجاجية ممنوعة طبقاً لقانون الطوارئ وربما تتحول إلى "فعل حرام" مع تجديد الخطاب الديني.
ببساطة، خلال الثلاثة شهور المقبلة عليك أن تغلق فمك وبابك على نفسك انتظاراً لموجة تضخم وغلاء في الأسعار قد تآكل ما تبقي من مدخرات محدودة لدى المواطن، فأنت تحت حكم الطوارئ.