وبدأت التسريبات عن شركات عربية كانت دولها تعادي بشار الأسد وتؤيد الثورة والسوريين، تدخل "كنز سورية" بحلل لبنانية، وشركات دولية كانت قد وضعت سابقاً، خطوطاً حمراء للأسد وتوعدت بمعاقبته وتنحيته، جراء قتله السوريين وتدمير بلاده.
بيد أن مفاجأة جديدة ضمن الملف السوري، جاءت بإعلان مصر السيسي، والأردن عن المساهمة بإعادة إعمار سورية، وتشكيلهما "تحالفاً صناعياً" بحسب ما قال وزير الصناعة المصري، طارق قابيل، على هامش أعمال اللجنة العليا المصرية الأردنية التي اختتمت قبل أيام.
قصارى القول: ربما كبر كعكة خراب سورية، تدفع، حتى حكومة السيسي، للتفكير بحصتها، فبلد ترفرف على أرضه أربعة أعلام دول محتلة، ويغيب أي دور وقرار فيه، لنظام الأسد، يبدو كالمال الداشر الذي يشجّع الجميع على السرقة، كما يقال في أمثال السوريين.
إلا أن الرئيس المصري الذي وصل إلى الحكم، بمصادفة الانقلاب والتسوية الدولية لإبعاد "الإخوان المسلمين" ويعيش على "الرز الخليجي" وجرعات القروض وينتظر الآن بفارغ الصبر، دفعة جديدة من صندوق النقد الدولي، بعد أن نافت الديون 75 مليار دولار وأوصل نسبة الفقراء إلى نحو 85% والتضخم النقدي لأكثر من 30%، ربما هو آخر من يفكر بإعادة إعمار سورية، بعد أن هدم "أرض الكنانة" ويمنّ على المصريين بأمن زائف وعلاقات مشبوهة.
وربما ما قيل عن مصر، ينسحب، وإن ببعض التجميل على الأردن، التي تقترب ديونها من 38 مليار دولار، وتنتظر هي الأخرى المساعدات والقروض وتتحضر للجباية من جيوب المواطنين بواقع قلة موارد الخزينة العامة، بل وليس مستبعداً أن تتخذ كما مصر السيسي، خطوات تفقير عبر ما يشاع عن "قرارات اقتصادية صعبة" لتطالب الشعب كما قال السيسي خلال مؤتمر الشباب في الإسكندرية أخيراً "على المصريين أن يتحملوا الإجراءات الاقتصادية الصعبة، لأن التردد بإجراء الاصلاح الاقتصادي خيانة بحق الوطن" إذ لا يتأتى الإصلاح وفق منظور السيسي ومن هم على شاكلته، إلا عبر زيادة أسعار حوامل الطاقة والضرائب والاستدانة من مؤسسات دولية تتدخل حتى في القرارات السياسية.
نهاية القول: ربما المهم أن نسأل، هل لدى لبنان أو الأردن ومصر، قدرة وشركات وأموال، لتفكر بإعادة إعمار سورية أو العراق؟ أم ترى سيتم عبرها وباسمها، دخول دول نفطية عربية وشركات دولية، تحرص على ألا تظهر في الواجهة، كي لا يصح معها القول "هدمتها وجلست على تلتها.. بل وستعيد إعمارها".
وقد يكون الأهم أن نسأل، هل سيكون شرط دخول الدول والشركات لاقتسام خراب سورية، فقط وفق مبدأ تأييد الأسد والقبول ببقائه وإعادة إنتاجه، فما إن نقلب دفاتر إعادة إعمار سورية التي تتكشف تباعاً، حتى نرى شريكي الحرب أولاً (روسيا وإيران) ومؤيديهم تالياً كالصين، ومن صمت عن الجرائم ودعم النظام السوري، أو ادعى الحياد كما الإمارات ومصر حديثاً.
ربما خسائر حرب الأسد على الثورة والسوريين، والتي نافت 275 مليار دولار بحسب تقرير رسمي سوري، تدفع الشركات والدول للهاث وسيلان اللعاب، فضلاً عن قطاع الطاقة وما يقال عن اكتشافات واحتياطيات نفطية وغازية في سورية، إلا أن وهم تلك الدول بالمشاركة في اقتسام أرباح الإعمار سيكشف دورها في الخراب دونما تحقيق أية مكاسب.