يرسم خبراء الطاقة مستقبلاً مظلماً لأسعار النفط خلال العقود المقبلة، مستبعدين احتمال تحرك الأسعار فوق 50 دولاراً، وسط المتغيرات الجديدة في أسواق الاستهلاك الرئيسية نحو بدائل الطاقة الأخرى واللجوء لاستخدام الغاز الطبيعي في التوليد كمصدر نظيف غير ملوث للبيئة مقارنة بالنفط.
ويرى الخبراء أن السوق النفطية تشهد تحولاً جذرياً من ناحية الطلب وحجم الاستهلاك النفطي، إذ تحولت أنظار المستثمرين الكبار في أسواق الطاقة من منظور "ذروة الإنتاج" إلى منظور "ذروة الطلب".
وتعني ذروة الطلب، أن طلب المستهلكين على النفط وصل أقصاه وبلغ حدّاً لا يمكن تجاوزه، وهو منظور مدمّر لأسعار النفط، مقارنة بمنظور "الذروة الإنتاجية" الذي كان سائداً في العقد الماضي، ويعني أن إنتاج النفط بلغ قمته، وهو ما زرع الهلع في الأسواق وأدى إلى ارتفاع أسعار الخامات فوق 120 دولاراً.
في هذا الصدد قالت هيلما كروفت، استراتيجية السلع الأولية بمجموعة "رويال بانك أوف اسكتلندا ـ أر بي سي" إن أسعار النفط ظلّت منخفضة بسبب المخاوف التي تدور بين المستثمرين من أن الطلب العالمي على النفط بلغ ذروته، وهو ما يؤثر سلباً على تسعير الخامات أكثر من أي عامل آخر.
وأضافت كروفت في تعليقات نقلتها قناة "سي إن بي سي" التلفزيونية الأميركية يوم الجمعة: إن هذا المفهوم أصبح مسيطراً على تعاملات المستثمرين أكثر من عوامل السيارات الكهربائية والسياسات الوطنية للدول التي أصدرت تشريعات لحظر استخدام سيارات الديزل والبترول في المستقبل.
من جانبه، يرى الرئيس التنفيذي لشركة "دي إن في جي إل" النرويجية لإدارة المخاطر، ريمي إريكسون، أن الطلب العالمي على النفط ربما يبلغ ذروته قريباً، وربما خلال خمس سنوات، أي في عام 2022. وعدّد في تقرير مطول نشره في بداية سبتمبر/ أيلول الجاري الأسباب وراء بلوغ الطلب النفطي ذروته.
ويلاحظ أن أسعار النفط لا تتحرّك فوق 50 دولاراً، إلا بدولار أو دولارين، ثم تعود للتراجع على الرغم من خفض "أوبك" والمنتجين المستقلين خارجها المتكرر للإنتاج. وكان آخر خفض حدث قبل شهر في مدينة سانت بطرسبرغ الروسية، حيث خفضت السعودية صادراتها بـ360 مليون برميل في السنة.
في السابق، كان إعلان الخفض النفطي من جانب السعودية أو حتى تصريح مقتضب لوزير نفط السعودية عن الأسعار يهز الأسواق ويبعث موجة من المشتريات وسط المستثمرين في العقود المستقبلية في أنحاء العالم، وتبعاً لذلك ترتفع الأسعار بـ 5 أو 10 دولارات. ولكن هذا لم يحدث هذه المرة، لدى إعلان وزير النفط السعودي خالد الفالح أن بلاده ستخفض أسعار النفط بمليون برميل يومياً، وهو معدل خفض تاريخي.
كما أن الكوارث الطبيعية مثل إعصار هارفي الذي ضرب أسعار النفط الصخري في تكساس لم يؤثر في أسعار النفط، بل أدى إلى انخفاضها، وكذلك فشلت عوامل التوتر السياسي في المنطقة العربية والتهديد النووي في آسيا في تحريك الأسعار.
والسبب في هذا الجمود الذي يصيب أسعار النفط، كما يراه خبراء النفط ومصارف الاستثمار الغربية، يعود في جوهره إلى قناعة كبار المستثمرين والمضاربين في السوق النفطية، بأن الطلب العالمي على النفط قد بلغ ذروته، وأن أسعار النفط خلال العام الجاري والمقبل سوف تتحرك في نطاق ضيق بين 50 و55 دولاراً، وذلك حسب التوقعات التي نشرتها أكثر من 8 مصارف على مواقعها واطلعت عليها "العربي الجديد"، خلال الشهرين الماضيين.
في هذا الصدد، أشارت المحللة النفطية هيلما (حليمة) كروفت، إلى أن السوق النفطية تحولت من فترة ما قبل ثورة النفط الصخري، حينما كان الحديث عن "ذروة الإنتاج"، إلى المرحلة الحالية التي أصبح فيها هاجس المستثمرين يتمحور حول "ذروة الطلب" على النفط.
وأشارت المحللة النفطية إلى أن المستثمرين كأنما حددوا سعر 50 دولاراً لسعر النفط الصخري، فحينما تكون أسعار النفط الصخري في حدود 45 دولاراً، فإنهم لا يستثمرون في العقود المستقبلية، ولكن حينما يصل السعر إلى 50 دولاراً يبدأون في الشراء.
وبالتالي يدور سؤال مهم حول ما إذا كان سعر 50 دولاراً لخام غرب تكساس، هو السعر الذي يحدد جدوى الاستثمار في النفط الصخري، بالنسبة للمضاربين. وعادة ما يكون سعر خام برنت الذي تحدد على أساسه أسعار الخامات العربية مرتفعاً بدولارين أو ثلاثة فوق سعر خام غرب تكساس الأميركي الخفيف.
وفي الاتجاه ذاته رأى الرئيس التنفيذي لشركة "بريتش بتروليوم ـ بي بي"، بوب دادلي، في تصريحاته يوم الجمعة لصحيفة "ساوث تشاينا بوست"، أن أسعار النفط ستبلغ في أفضل حالاتها 60 دولاراً، وهو من بين المتفائلين في تقديراته للأسعار.
من جانبها راجعت الوكالة الدولية، يوم الأربعاء، معدلات الطلب النفطي، في أعقاب التحسن الكبير الذي طرأ على اقتصاديات منطقة اليورو ودول الاتحاد الأوروبي. وكان من المتوقع أن ترفع توقعاتها لنمو الطلب النفطي بمعدل كبير، ولكنها خيبت الآمال حينما أظهرت مراجعتها زيادة بنحو 100 ألف برميل فقط، من 1.5 إلى 1.6 مليون برميل خلال العام الجاري.
وذكرت هيلما أن هذا الوضع المستجد في السوق النفطية بات يهدد الدول التي تحتاج إلى سعر فوق 60 دولاراً للنفط، كما أنه بات عاملاً مؤثراً في نجاح اتفاقات "أوبك" والمنتجين خارجها، وعما إذا كان هذا الخفض سينجح في دفع الأسعار نحو 60 دولاراً.
وكانت منظمة "أوبك" ومنتجون مستقلون قد اتفقوا على خفض الإنتاج حتى مارس/ آذار المقبل، من أجل رفع أسعار النفط عن مستوياتها الحالية.
ويلاحظ أن المعروض النفطي شهد خلال العامين الماضيين زيادة كبيرة، بسبب زيادة إنتاج كل من العراق وإيران وحتى ليبيا. كما أن إنتاج النفط الصخري عاد بقوة مع انتخاب الرئيس دونالد ترامب الذي عطّل عضوية أميركا في اتفاقية المناخ التي أقرتها دول العالم في باريس، يناير/ كانون الثاني من العام الماضي.
كما أن الظروف الاقتصادية الضاغطة على بعض الدول النفطية مثل فنزويلا والعراق وليبيا أجبرتها على إجراء حسومات كبيرة في أسعار النفط. فالعديد من الدول النفطية تواجه حالياً ظروفاً اقتصادية ضاغطة، ربما تخلق تحولات في الشارع السياسي.
وبالتالي، فإن بعض الدول، ومن بينها فنزويلا، تفعل كل ما هو ممكن، من رهن النفط بأسعار بخسة للصين أو حتى بيعه في السوق لمن يشتري بأي سعر للخروج من ورطة التغيير السياسي.
على صعيد دول المنطقة، يلاحظ أن العراق كاد أن يقضي تماماً على تنظيم داعش الإرهابي، وأن هذا النجاح سيترجم في زيادة الإنتاج النفطي العراقي خلال السنوات المقبلة. وأصبح العراق في شهر أغسطس/ آب الماضي من كبار المصدرين للنفط إلى السوق الصيني. كما أن السعودية التي تنوي اكتتاب حصة 5.0% من شركة أرامكو، تبدو في أشد الحاجة لارتفاع الأسعار، حتى يصبح الاكتتاب جذاباً بالنسبة للمستثمرين.
وبالتالي تواصل السعودية التضحية بحصتها في سبيل رفع الأسعار ولكن ما يحدث هو أن منتجين آخرين يسدّون فراغ النفط السعودي في الأسواق كلما خفضت الرياض صادراتها. وذلك إضافة إلى عدم التقيّد من بعض الدول باتفاقات خفض الإنتاج.
في هذا الصدد، أشارت المحللة النفطية كروفت إلى أن ثمة العديد من الدول التي اتفقت مع "أوبك" على خفض الإنتاج ولكنها غير ملتزمة بالخفض مثل دولة كازاخستان التي انضمت إلى الاتفاق ولكنها في الواقع تواصل الضخّ النفطي فوق حصتها المقررة.
اقــرأ أيضاً
في هذا الصدد قالت هيلما كروفت، استراتيجية السلع الأولية بمجموعة "رويال بانك أوف اسكتلندا ـ أر بي سي" إن أسعار النفط ظلّت منخفضة بسبب المخاوف التي تدور بين المستثمرين من أن الطلب العالمي على النفط بلغ ذروته، وهو ما يؤثر سلباً على تسعير الخامات أكثر من أي عامل آخر.
وأضافت كروفت في تعليقات نقلتها قناة "سي إن بي سي" التلفزيونية الأميركية يوم الجمعة: إن هذا المفهوم أصبح مسيطراً على تعاملات المستثمرين أكثر من عوامل السيارات الكهربائية والسياسات الوطنية للدول التي أصدرت تشريعات لحظر استخدام سيارات الديزل والبترول في المستقبل.
من جانبه، يرى الرئيس التنفيذي لشركة "دي إن في جي إل" النرويجية لإدارة المخاطر، ريمي إريكسون، أن الطلب العالمي على النفط ربما يبلغ ذروته قريباً، وربما خلال خمس سنوات، أي في عام 2022. وعدّد في تقرير مطول نشره في بداية سبتمبر/ أيلول الجاري الأسباب وراء بلوغ الطلب النفطي ذروته.
ويلاحظ أن أسعار النفط لا تتحرّك فوق 50 دولاراً، إلا بدولار أو دولارين، ثم تعود للتراجع على الرغم من خفض "أوبك" والمنتجين المستقلين خارجها المتكرر للإنتاج. وكان آخر خفض حدث قبل شهر في مدينة سانت بطرسبرغ الروسية، حيث خفضت السعودية صادراتها بـ360 مليون برميل في السنة.
في السابق، كان إعلان الخفض النفطي من جانب السعودية أو حتى تصريح مقتضب لوزير نفط السعودية عن الأسعار يهز الأسواق ويبعث موجة من المشتريات وسط المستثمرين في العقود المستقبلية في أنحاء العالم، وتبعاً لذلك ترتفع الأسعار بـ 5 أو 10 دولارات. ولكن هذا لم يحدث هذه المرة، لدى إعلان وزير النفط السعودي خالد الفالح أن بلاده ستخفض أسعار النفط بمليون برميل يومياً، وهو معدل خفض تاريخي.
كما أن الكوارث الطبيعية مثل إعصار هارفي الذي ضرب أسعار النفط الصخري في تكساس لم يؤثر في أسعار النفط، بل أدى إلى انخفاضها، وكذلك فشلت عوامل التوتر السياسي في المنطقة العربية والتهديد النووي في آسيا في تحريك الأسعار.
والسبب في هذا الجمود الذي يصيب أسعار النفط، كما يراه خبراء النفط ومصارف الاستثمار الغربية، يعود في جوهره إلى قناعة كبار المستثمرين والمضاربين في السوق النفطية، بأن الطلب العالمي على النفط قد بلغ ذروته، وأن أسعار النفط خلال العام الجاري والمقبل سوف تتحرك في نطاق ضيق بين 50 و55 دولاراً، وذلك حسب التوقعات التي نشرتها أكثر من 8 مصارف على مواقعها واطلعت عليها "العربي الجديد"، خلال الشهرين الماضيين.
في هذا الصدد، أشارت المحللة النفطية هيلما (حليمة) كروفت، إلى أن السوق النفطية تحولت من فترة ما قبل ثورة النفط الصخري، حينما كان الحديث عن "ذروة الإنتاج"، إلى المرحلة الحالية التي أصبح فيها هاجس المستثمرين يتمحور حول "ذروة الطلب" على النفط.
وأشارت المحللة النفطية إلى أن المستثمرين كأنما حددوا سعر 50 دولاراً لسعر النفط الصخري، فحينما تكون أسعار النفط الصخري في حدود 45 دولاراً، فإنهم لا يستثمرون في العقود المستقبلية، ولكن حينما يصل السعر إلى 50 دولاراً يبدأون في الشراء.
وبالتالي يدور سؤال مهم حول ما إذا كان سعر 50 دولاراً لخام غرب تكساس، هو السعر الذي يحدد جدوى الاستثمار في النفط الصخري، بالنسبة للمضاربين. وعادة ما يكون سعر خام برنت الذي تحدد على أساسه أسعار الخامات العربية مرتفعاً بدولارين أو ثلاثة فوق سعر خام غرب تكساس الأميركي الخفيف.
وفي الاتجاه ذاته رأى الرئيس التنفيذي لشركة "بريتش بتروليوم ـ بي بي"، بوب دادلي، في تصريحاته يوم الجمعة لصحيفة "ساوث تشاينا بوست"، أن أسعار النفط ستبلغ في أفضل حالاتها 60 دولاراً، وهو من بين المتفائلين في تقديراته للأسعار.
من جانبها راجعت الوكالة الدولية، يوم الأربعاء، معدلات الطلب النفطي، في أعقاب التحسن الكبير الذي طرأ على اقتصاديات منطقة اليورو ودول الاتحاد الأوروبي. وكان من المتوقع أن ترفع توقعاتها لنمو الطلب النفطي بمعدل كبير، ولكنها خيبت الآمال حينما أظهرت مراجعتها زيادة بنحو 100 ألف برميل فقط، من 1.5 إلى 1.6 مليون برميل خلال العام الجاري.
وذكرت هيلما أن هذا الوضع المستجد في السوق النفطية بات يهدد الدول التي تحتاج إلى سعر فوق 60 دولاراً للنفط، كما أنه بات عاملاً مؤثراً في نجاح اتفاقات "أوبك" والمنتجين خارجها، وعما إذا كان هذا الخفض سينجح في دفع الأسعار نحو 60 دولاراً.
وكانت منظمة "أوبك" ومنتجون مستقلون قد اتفقوا على خفض الإنتاج حتى مارس/ آذار المقبل، من أجل رفع أسعار النفط عن مستوياتها الحالية.
ويلاحظ أن المعروض النفطي شهد خلال العامين الماضيين زيادة كبيرة، بسبب زيادة إنتاج كل من العراق وإيران وحتى ليبيا. كما أن إنتاج النفط الصخري عاد بقوة مع انتخاب الرئيس دونالد ترامب الذي عطّل عضوية أميركا في اتفاقية المناخ التي أقرتها دول العالم في باريس، يناير/ كانون الثاني من العام الماضي.
كما أن الظروف الاقتصادية الضاغطة على بعض الدول النفطية مثل فنزويلا والعراق وليبيا أجبرتها على إجراء حسومات كبيرة في أسعار النفط. فالعديد من الدول النفطية تواجه حالياً ظروفاً اقتصادية ضاغطة، ربما تخلق تحولات في الشارع السياسي.
وبالتالي، فإن بعض الدول، ومن بينها فنزويلا، تفعل كل ما هو ممكن، من رهن النفط بأسعار بخسة للصين أو حتى بيعه في السوق لمن يشتري بأي سعر للخروج من ورطة التغيير السياسي.
على صعيد دول المنطقة، يلاحظ أن العراق كاد أن يقضي تماماً على تنظيم داعش الإرهابي، وأن هذا النجاح سيترجم في زيادة الإنتاج النفطي العراقي خلال السنوات المقبلة. وأصبح العراق في شهر أغسطس/ آب الماضي من كبار المصدرين للنفط إلى السوق الصيني. كما أن السعودية التي تنوي اكتتاب حصة 5.0% من شركة أرامكو، تبدو في أشد الحاجة لارتفاع الأسعار، حتى يصبح الاكتتاب جذاباً بالنسبة للمستثمرين.
وبالتالي تواصل السعودية التضحية بحصتها في سبيل رفع الأسعار ولكن ما يحدث هو أن منتجين آخرين يسدّون فراغ النفط السعودي في الأسواق كلما خفضت الرياض صادراتها. وذلك إضافة إلى عدم التقيّد من بعض الدول باتفاقات خفض الإنتاج.
في هذا الصدد، أشارت المحللة النفطية كروفت إلى أن ثمة العديد من الدول التي اتفقت مع "أوبك" على خفض الإنتاج ولكنها غير ملتزمة بالخفض مثل دولة كازاخستان التي انضمت إلى الاتفاق ولكنها في الواقع تواصل الضخّ النفطي فوق حصتها المقررة.