مخاطر تحول أوروبا إلى دولة موحدة اقتصادياً وعسكرياً ذات استقلالية كاملة عن واشنطن تؤرق إدارة الرئيس دونالد ترامب، الذي يعمل من خلال شعار "أميركا أولاً"، على بناء المجد الأميركي على أنقاض الاتحاد الأوروبي. وهو في هذا المخطط يتوافق تماماً مع صديقه نتنياهو.
ويعمل ترامب على إضعاف أوروبا مالياً واقتصادياً تمهيداً لتفكيك الاتحاد الأوروبي، الذي بات يرى فيه خصماً عنيداً يعارض سياسته الانعزالية وينافس بلاده مالياً وسوقياً.
ويلاحظ أن ترامب حول دول الاتحاد الأوروبي بين عشية وضحاها من أهم حليف لبلاده إلى عدو يستحق التدمير.
وقد يتساءل البعض عما وراء هذا العداء المستحكم بين ترامب وأوروبا، ولماذا يسعى إلى ضرب الصناعة الأوروبية، عبر فرض الضرائب والرسوم والغرامات المالية المتواصلة على المصارف وشركات السيارات الألمانية.
ربما أن الجواب يكمن في أوهام ترامب التي تصور له أن بناء "أميركا العظمى" وإعادة المجد الأميركي يعني تدمير الحلفاء والأعداء في آن معاً. فبدلاً من تبني "التنافس الإيجابي"، وتشجيع التنافس الحر بين الدول وتقديم المثال لدولة تدعي الحرية والديمقراطية، يتبنى ترامب "التنافس السلبي" الذي يعني ببساطة: ما دام الآخرون أموات، إذن أنا حي.
ويتجلى هذا العداء من خلال التغريدات والتعليقات الساخرة والمستهزئة بأوروبا وقادتها، خاصة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي قال له خلال زيارته لباريس لإحياء ذكرى الحرب العالمية الثانية: "لولا نحن لكنتم الآن تتكلمون الألمانية".
ويمكن القول إن واشنطن في عهد الإدارة الحالية تخلت فعلياً عن أوروبا، ولا تكتفي فقط بالتخلي وإنما تعمل على ضربها اقتصادياً خوفاً من احتمال التنسيق المالي والتجاري والتقني لكتلة الاتحاد الأوروبي مع موسكو في حال فوز ترامب بفترة رئاسية ثانية، وخاصة أن أوروبا تعتمد بدرجة كبيرة في إمداداتها على الطاقة الروسية، حيث تمد شركة غازبروم الروسية أوروبا بنسبة تراوح بين 35 و40% من احتياجات الغاز، كما أن القرب الجغرافي يساهم في التعاون والتجارة.
وبالتالي، يلاحظ أن مشروع ترامب الانعزالي لا يستهدف فقط التخلي عن حليفه القوي المتمثل بأوروبا، ولكنه يذهب إلى أبعد من ذلك في زرع بذور الفتن لتفكيكها وصولاً لإفلاس دولها، خوفاً من تحالف أوروبا في المستقبل مع موسكو التي كان يخطط لاستخدامها ضد الصين.
كما يلاحظ أيضاً أن إدارة ترامب ومنذ تسلمها السلطة قبل عامين، عملت على دعم الأحزاب الشعبوية في كل من إيطاليا وهنغاريا واحتجاجات السترات الصفراء في فرنسا، كما يحرض ترامب رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي دون ترتيبات تجارية، ويغريها بأنه جاهز لتوقيع اتفاق تجاري حر ضخم مع بريطانيا في حال خرجت من أوروبا دون اتفاق.
اقــرأ أيضاً
وكما كشفت ماي، فإنه دعاها لدى زيارته للندن، لمقاضاة الاتحاد الأوروبي دولياً. كما يستخدم الرئيس ترامب أيضاً التمايز العرقي وسياسات الهجرة والتفاوت في الثراء والدخول بين دول أوروبا الشرقية والغربية لإثارة الخلافات داخل النادي الأوروبي.
وكان ستيف بانون، الزعيم اليميني المتطرف الذي شغل منصب كبير المستشارين الاستراتيجيين لترامب، في أيامه الأولى في البيت الأبيض، قد أسس منظمة يمينية متطرفة في أوروبا تستهدف الربط السياسي والمالي والاقتصادي بين الحركات المتطرفة التي ترفض عضوية دولها في "منطقة اليورو".
وما يزعج ترامب حقيقة هو المشروع الأوروبي لبناء جيش مستقل عن الناتو، واستراتيجية أوروبا لبناء دولة واحدة ذات سياسة مالية ونقدية موحدة تدار مركزياً من بروكسل. وهو ما يعني أنها ستكون منافساً شرساً للولايات المتحدة، حسب تفكير ترامب.
ويستفيد ترامب في مخطط تدمير دول الاتحاد الأوروبي من التناقض الكبير بين الدول الأعضاء، والغبن الطبقي وتفاوت الدخول والسلطات الممنوحة لهيئات بيروقراطية غير منتخبة ديمقراطياً في المفوضية الأوروبية ببروكسل.
وتواجه أوروبا في الوقت الراهن ثلاثة تحديات كبرى، وهي احتجاجات معيشية بسبب تدهور أداء دولة الرفاه الاجتماعي وانخفاض الأجور وارتفاع معدلات البطالة التي تفوق 8.0% في المتوسط بالعديد من دول الاتحاد الأوروبي.
أما التحدي الثاني، فهو تزايد نشاط الحركات العرقية والشعبوية ونفوذها السياسي، حيث صعدت للحكم في العديد من الدول الأوروبية على حساب الأحزاب التقليدية وتراجع نفوذ النخب.
أما التحدي الثالث، فهو تدهور النشاط الصناعي الأوروبي بسبب تمدد الصين والضرائب والرسوم الأميركية.
ويرى الرئيس ترامب أن انتعاش الاقتصاد الأوروبي وارتفاع مستويات الدخول وارتفاع القوة الشرائية ستجعل من أوروبا منافساً شرساً للسوق الأميركي، وخاصة أن البضائع الأوروبية لديها شعبية كبيرة في أميركا.
ويقترب حجم السوق الأوروبي من حيث القوة الشرائية، من السوق الأميركي المقدر بأكثر من 11 ترليون دولار.
اقــرأ أيضاً
كما تعم أفكار في أميركا داخل التيار اليميني المتطرف، مفادها أن القوة الاقتصادية والمالية لدول الاتحاد الأوروبي ستكون مؤثرة عالمياً أكثر من التأثير الأميركي في حال أصبحت أوروبا دولة واحدة مستقلة.
ويرى أنصار هذه الأفكار أن العملة الأوروبية (اليورو)، من أكثر العملات المرشحة لانتزاع مكانة الدولار في حال بناء "أوروبا الواحدة".
ومن شأن عامل كهذا أن يسحب من أميركا ميزات تنافسية عديدة، من بينها قوة النظام المصرفي وانتعاش وجاذبية أسواق المال.
ويلاحظ أن حجم اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي تقدر بحوالى 17.5 ترليون دولار، وهي بهذا الحجم ليست بعيدة عن حجم الاقتصاد الأميركي المقدر بحوالى 20 ترليون دولار. كما أن أوروبا تملك التقنية الحديثة والبنية التعليمية المتطورة والقدرة على بناء الثروة وفقا لمقاييس الديمقراطية والحريات الفردية.
ويعمل ترامب على إضعاف أوروبا مالياً واقتصادياً تمهيداً لتفكيك الاتحاد الأوروبي، الذي بات يرى فيه خصماً عنيداً يعارض سياسته الانعزالية وينافس بلاده مالياً وسوقياً.
ويلاحظ أن ترامب حول دول الاتحاد الأوروبي بين عشية وضحاها من أهم حليف لبلاده إلى عدو يستحق التدمير.
وقد يتساءل البعض عما وراء هذا العداء المستحكم بين ترامب وأوروبا، ولماذا يسعى إلى ضرب الصناعة الأوروبية، عبر فرض الضرائب والرسوم والغرامات المالية المتواصلة على المصارف وشركات السيارات الألمانية.
ربما أن الجواب يكمن في أوهام ترامب التي تصور له أن بناء "أميركا العظمى" وإعادة المجد الأميركي يعني تدمير الحلفاء والأعداء في آن معاً. فبدلاً من تبني "التنافس الإيجابي"، وتشجيع التنافس الحر بين الدول وتقديم المثال لدولة تدعي الحرية والديمقراطية، يتبنى ترامب "التنافس السلبي" الذي يعني ببساطة: ما دام الآخرون أموات، إذن أنا حي.
ويتجلى هذا العداء من خلال التغريدات والتعليقات الساخرة والمستهزئة بأوروبا وقادتها، خاصة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي قال له خلال زيارته لباريس لإحياء ذكرى الحرب العالمية الثانية: "لولا نحن لكنتم الآن تتكلمون الألمانية".
ويمكن القول إن واشنطن في عهد الإدارة الحالية تخلت فعلياً عن أوروبا، ولا تكتفي فقط بالتخلي وإنما تعمل على ضربها اقتصادياً خوفاً من احتمال التنسيق المالي والتجاري والتقني لكتلة الاتحاد الأوروبي مع موسكو في حال فوز ترامب بفترة رئاسية ثانية، وخاصة أن أوروبا تعتمد بدرجة كبيرة في إمداداتها على الطاقة الروسية، حيث تمد شركة غازبروم الروسية أوروبا بنسبة تراوح بين 35 و40% من احتياجات الغاز، كما أن القرب الجغرافي يساهم في التعاون والتجارة.
وبالتالي، يلاحظ أن مشروع ترامب الانعزالي لا يستهدف فقط التخلي عن حليفه القوي المتمثل بأوروبا، ولكنه يذهب إلى أبعد من ذلك في زرع بذور الفتن لتفكيكها وصولاً لإفلاس دولها، خوفاً من تحالف أوروبا في المستقبل مع موسكو التي كان يخطط لاستخدامها ضد الصين.
كما يلاحظ أيضاً أن إدارة ترامب ومنذ تسلمها السلطة قبل عامين، عملت على دعم الأحزاب الشعبوية في كل من إيطاليا وهنغاريا واحتجاجات السترات الصفراء في فرنسا، كما يحرض ترامب رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي دون ترتيبات تجارية، ويغريها بأنه جاهز لتوقيع اتفاق تجاري حر ضخم مع بريطانيا في حال خرجت من أوروبا دون اتفاق.
وكما كشفت ماي، فإنه دعاها لدى زيارته للندن، لمقاضاة الاتحاد الأوروبي دولياً. كما يستخدم الرئيس ترامب أيضاً التمايز العرقي وسياسات الهجرة والتفاوت في الثراء والدخول بين دول أوروبا الشرقية والغربية لإثارة الخلافات داخل النادي الأوروبي.
وكان ستيف بانون، الزعيم اليميني المتطرف الذي شغل منصب كبير المستشارين الاستراتيجيين لترامب، في أيامه الأولى في البيت الأبيض، قد أسس منظمة يمينية متطرفة في أوروبا تستهدف الربط السياسي والمالي والاقتصادي بين الحركات المتطرفة التي ترفض عضوية دولها في "منطقة اليورو".
وما يزعج ترامب حقيقة هو المشروع الأوروبي لبناء جيش مستقل عن الناتو، واستراتيجية أوروبا لبناء دولة واحدة ذات سياسة مالية ونقدية موحدة تدار مركزياً من بروكسل. وهو ما يعني أنها ستكون منافساً شرساً للولايات المتحدة، حسب تفكير ترامب.
ويستفيد ترامب في مخطط تدمير دول الاتحاد الأوروبي من التناقض الكبير بين الدول الأعضاء، والغبن الطبقي وتفاوت الدخول والسلطات الممنوحة لهيئات بيروقراطية غير منتخبة ديمقراطياً في المفوضية الأوروبية ببروكسل.
أما التحدي الثاني، فهو تزايد نشاط الحركات العرقية والشعبوية ونفوذها السياسي، حيث صعدت للحكم في العديد من الدول الأوروبية على حساب الأحزاب التقليدية وتراجع نفوذ النخب.
أما التحدي الثالث، فهو تدهور النشاط الصناعي الأوروبي بسبب تمدد الصين والضرائب والرسوم الأميركية.
ويرى الرئيس ترامب أن انتعاش الاقتصاد الأوروبي وارتفاع مستويات الدخول وارتفاع القوة الشرائية ستجعل من أوروبا منافساً شرساً للسوق الأميركي، وخاصة أن البضائع الأوروبية لديها شعبية كبيرة في أميركا.
ويقترب حجم السوق الأوروبي من حيث القوة الشرائية، من السوق الأميركي المقدر بأكثر من 11 ترليون دولار.
كما تعم أفكار في أميركا داخل التيار اليميني المتطرف، مفادها أن القوة الاقتصادية والمالية لدول الاتحاد الأوروبي ستكون مؤثرة عالمياً أكثر من التأثير الأميركي في حال أصبحت أوروبا دولة واحدة مستقلة.
ويرى أنصار هذه الأفكار أن العملة الأوروبية (اليورو)، من أكثر العملات المرشحة لانتزاع مكانة الدولار في حال بناء "أوروبا الواحدة".
ومن شأن عامل كهذا أن يسحب من أميركا ميزات تنافسية عديدة، من بينها قوة النظام المصرفي وانتعاش وجاذبية أسواق المال.
ويلاحظ أن حجم اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي تقدر بحوالى 17.5 ترليون دولار، وهي بهذا الحجم ليست بعيدة عن حجم الاقتصاد الأميركي المقدر بحوالى 20 ترليون دولار. كما أن أوروبا تملك التقنية الحديثة والبنية التعليمية المتطورة والقدرة على بناء الثروة وفقا لمقاييس الديمقراطية والحريات الفردية.