وكان المجلس التنفيذي لصندوق النقد قد قرر إرجاء التصويت على نتائج المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر، وصرف الشريحة الخامسة من قرض الصندوق المقدرة بملياري دولار، من جملة القرض البالغ إجماليه 12 مليار دولار، والذي يمتد لثلاث سنوات، ويشترط خفض دعم الطاقة والكهرباء والمياه سنوياً، وزيادة الضرائب، وتقليص عدد العاملين في الجهاز الإداري للدولة.
وقالت لاغارد، في بيان صادر عنها، مساء الجمعة، إنها ستوصي بموافقة المجلس التنفيذي للصندوق على المراجعة الرابعة لبرنامج مصر، مشددة على أهمية مضيّ السلطات المصرية قدماً في الإصلاحات الهيكلية التي تسهّل تحقيق النمو، وخلق فرص العمل بقيادة القطاع الخاص، إلى جانب الإجراءات التي تعزز الشفافية والمساءلة، باعتبارها ستساهم في تحسين الحوكمة، والوصول إلى نمو أعلى وأكثر شمولاً للجميع.
وأشارت لاغارد إلى أنه "من المهم البناء على التقدم الذي تحقق في مصر حتى الوقت الراهن، خصوصاً أن القاهرة حققت تقدماً كبيراً يدلل على نجاحها في تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، منذ أن شرعت السلطات المصرية في برنامج إصلاح اقتصادي طموح يدعمه الصندوق حالياً بمقتضى اتفاق مالي"، حسب تعبيرها، مشيدة بمدى صبر الشعب المصري من أجل ضمان الوصول إلى مستويات معيشية أفضل.
وتابعت قائلة إن "معدل النمو في مصر بات من أعلى المعدلات المسجلة في المنطقة، فضلاً عن سير عجز الميزانية في اتجاه هبوطي"، مستطردة أن "التضخم في مصر في طريقه إلى بلوغ الهدف الذي حدده البنك المركزي مع نهاية عام 2019، علاوة على التوسع في إجراءات الحماية الاجتماعية، في وقت انخفضت فيه البطالة إلى مستوى 10 في المائة تقريباً، وهو أدنى معدل بلغته منذ عام 2011"، على حد البيان.
وأضافت لاغارد: "أغتنم هذه الفرصة للإشادة بما يبديه الشعب المصري من صبر والتزام بعملية الإصلاح الاقتصادي، بما سيمهد السبيل لتحقيق نمو أعلى وأكثر شمولاً للجميع، على المدى الطويل"، مختتمة بتأكيدها مجدداً "استعداد صندوق النقد الدولي لمعاونة مصر في تحقيق مستقبل أكثر رخاءً".
ووافق المجلس التنفيذي للصندوق على المراجعة الأولى لبرنامج مصر الاقتصادي في 13 يوليو/تموز، والمراجعة الثانية في 20 ديسمبر/كانون الأول 2017، والمراجعة الثالثة في 29 يونيو/حزيران 2018، وهو ما حصلت بموجبه مصر على 8 مليارات دولار، ولا تزال في انتظار الشريحتين الخامسة والسادسة، والتي تقدر قيمة كل واحدة منهما بملياري دولار، شريطة موافقة مجلس الصندوق على المراجعتين الرابعة والخامسة.
وأجّل الصندوق التصويت على المراجعة الرابعة لبرنامج مصر الاقتصادي، والذي كان مقرراً في منتصف كانون الأول/ديسمبر الماضي، من دون تبيان الأسباب، أو تحديد موعد التصويت اللاحق. ومنذ ذلك الحين، تصدُر توقعات متناقضة لمواعيد صرف الشريحة الخامسة عن المسؤولين المصريين، ما دفع الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى توجيه حكومته بالالتزام بتنفيذ إجراءات برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل في إطار دوري.
وكشف مسؤول حكومي، في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، أن أهم نقطة خلافية بين مصر وصندوق النقد تكمن في توقيت إعلان آلية لتسعير المحروقات، تربط أسعار الوقود المحلية بتحركات الخام العالمية، وهي خطوة أصرّ عليها الصندوق، بوصفها أساسية لخطط خفض التكاليف الحكومية، واستجابت لها الحكومة المصرية، عبر الإعلان عن تحرير سعر بنزين (95 أوكتان)، في بداية إبريل/نيسان المقبل.
ويتوقع محللون أن يؤدي تحرير أسعار الوقود إلى ارتفاع أسعار كافة السلع في الأسواق، وتصاعد موجة الغلاء التي تثقل كاهل المصريين منذ أكثر من أربع سنوات، وتزايدت حدّتها في العامين الأخيرين، على خلفية توسع السلطات المصرية في سياسة الاقتراض، وقفز الدين العام، في نهاية يونيو/حزيران 2018، إلى 5.34 تريليونات جنيه، منها ديون محلية بقيمة 3.69 تريليونات جنيه، ونحو 92.64 مليار دولار ديوناً خارجية.