إغلاق الحدود ينعش زراعة العراق... كورونا يعزز الاكتفاء الذاتي

26 ابريل 2020
زيادة ملحوظة في إنتاج القمح (صافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -

 

يؤكد مسؤولون حكوميون في بغداد، لـ"العربي الجديد" أن إغلاق الحدود وتوقف معظم عمليات الاستيراد اليومية من إيران وتركيا زادا من عمليات الاعتماد على الناتج المحلي الزراعي، وهو ما دفع إلى زيادة مساحة الأراضي المزروعة بالمنتجات التي تحتاجها السوق العراقية اليومية كالطماطم والخيار والبطاطس ومختلف أنواع المزروعات الأخرى

ووفقا لمسؤولين في وزارة الزراعة العراقية، رفضوا ذكر اسمهم، فإن الإنتاج الزراعي زاد بنسبة 30 في المائة خلال الأسابيع الماضية من المنتجات اليومية، مع ملاحظة استصلاح أراض مهملة من قبل فلاحين لغرض الزراعة.

وقال المهندس في وحدة عمليات الوزارة، أحمد عواد الصبيحي، لـ"العربي الجديد"، إنه من المبكر الكشف عن أرقام محدّدة للتعافي أو للتقدم الإيجابي في القطاع الزراعي، لكن القول إنها نحو 30 في المائة لا يعتبر مبالغة وهو بارتفاع خاصة في بعض المنتجات التي عليها إقبال بعد توقف الاستيراد.

وأوضح الصبيحي أن وفرة المياه وإقبال التجار على شراء محاصيل الفلاحين بشكل مباشر ساهما في زيادة الإنتاج لوجود حافز مادي عند الفلاح، كما أن الوزارة قدمت دعما كبيرا على مستوى الأسمدة والبذور في غالبية المحافظات العراقية".

وفي المقابل، أكد عضو الجمعية الفلاحية في محافظة صلاح الدين شمالي البلاد، عايد البلداوي، أن "العراق يقترب في ظل أزمة اقتصادية خانقة من حصاد 13 مليون دونم من القمح والشعير والأرز وهذه المساحة هي الكبرى منذ سنين طويلة".

وأضاف البلداوي أن "بإمكان العراق إعلان الاكتفاء الذاتي لأكثر من 15 منتجا زراعيا في الوقت الحالي، بينها البيض والدجاج، ومن الخضروات اليومية كالطماطم والبصل والبطاطس والباذنجان وهذه مواد كان العراق يستوردها بشكل يومي إما من إيران أو تركيا أو الأردن، كما أن أسعارها مناسبة بالقياس مع أسعار المنتوجات الزراعية المستوردة".

وأكد أنه على الحكومة الآن أن تستغل الفرصة لإعادة الاعتبار للقطاع الزراعي كمورد اقتصادي ومالي ثان بعد النفط، فاستمرار استصلاح وزراعة الأراضي يتوافق مع وفرة المياه هذا العام لذا العراق وفّر مبالغ كبيرة بالعملة الصعبة كانت تخرج لشراء مواد أساسية بإمكان العراق أصلا تأمينها من الداخل.

وأشار إلى إن "إغلاق الحدود أمام البضائع المستوردة بسبب تفشي فايروس كورونا كشف قدرة وإمكانيات العراق بالاعتماد على منتوجه المحلي، مع الاستمرار باستيراد منتوجات أخرى غير متوفرة".

ومن جانبه، قال النائب البرلماني، ملحان مكوطر، في حديث مع "العربي الجديد" إن "الدعم الحكومي للقطاع الزراعي ما بعد عام 2003 ضعيف جدا ولا يتناسب مع حجم وأهمية القطاع في العراق، ما أدى إلى تراجعه".

وبين أنه على الرغم من الدعم المحدود للقطاع الزراعي، إلا أنه شهد هذا العام طفرة نوعية ومن الممكن أن تساهم برفد ميزانية العراق بما لا يقل عن 20%".

وأضاف النائب البرلماني أن "الحكومة العراقية إذا ما وضعت برنامجاً زراعياً ناجحاً وأولت اهتماما كبيرا لهذا القطاع من خلال استغلال ملايين الدونمات غير المستغلة من سنوات طويلة فإن العراق خلال مدة قصيرة سيكون من الدول المصدرة لكثير من المحاصيل بعد إعلانه الاكتفاء الذاتي".

وأشار مكوطر إلى إن إغلاق الحدود بسبب أزمة كورونا ساهم بشكل لافت وكبير بتقليل المنتجات الزراعية المستوردة، ما شجع المزارعين على الاهتمام بزراعة محاصيل كثيرة اُهملت خلال السنوات الماضية.

وفي ظل تفشي فيروس كورونا واحتمالية غلق الحدود لفترة أطول تسعى وزارة الزراعة إلى زيادة المساحات المخصصة للزراعة.

وقال الناطق الرسمي لوزارة الزراعة، حميد النايف، في بيان إن "اللجنة التنسيقية الدائمة المشتركة بين وزارتي الزراعة والموارد المائية، اجتمعت وبكافة أعضائها من اجل مناقشة الخطة الزراعية الصيفية المقترحة من قبل الوزارة للموسم الصيفي 2020 وللمساحات المروية.

وأضاف النايف أن "الخزين المائي الحالي في السدود والخزانات العراقية يكفي لسد احتياجات الخطة الزراعية المقترحة وبناء على ما عرضته الوزارتان فقد جرى الاتفاق على تحديد المساحات المشمولة بالري في الموسم الصيفي من نهري دجلة والفرات.

وأشار إلى أن "الخطة الزراعية الصيفية المقررة لهذا العام مبكرة وطموحة وراعت الاحتياجات الغذائية للبلاد في ظل تفشي جائحة كورونا واحتمالية إغلاق الحدود لفترة أطول، فضلا عن انهيار أسعار النفط"، لافتاً إلى إن "الوزارة هيأت كافة المستلزمات الزراعية من أسمدة وبذور ومبيدات وتقنيات حديثة من أجل إنجاحها".

ودعا النايف الجميع إلى "الالتزام بالضوابط القانونية بهذا الشأن من أجل المضي بموسم زراعي يسهم في توفير مرتكزات الأمن الغذائي للمواطنين".

وبحسب النايف فإن "وزارة الزراعة طالبت بزيادة المساحات المخصصة لزراعة محاصيل الخضرة والقابلة للصناعة، حسب قدرة الفلاحين والمزارعين كونها ذات جدوى اقتصادية فضلاً عن حاجة المواطنين الماسة إليها واستمرارية الوفرة المحلية للسلة الغذائية اليومية".

وكانت لجنة الاقتصاد البرلمانية قد أكدت في وقت سابق تراجع واردات العراق بنسبة 40 في المائة خلال الأشهر القليلة الماضية بسبب توقف الاستيراد من دول الجوار، فيما أرجع مختصون السبب الرئيسي إلى غلق الحدود في ظل تفشي كورونا ومقاطعة البضائع الإيرانية، منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في مناطق وسط وجنوب العراق ضد الطبقة السياسية الموالية لإيران في أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي.

وبدوره، قال النائب البرلماني، أحمد الجربا، في حديث مع "العربي الجديد" إن "العراق شهد خلال الموسم الحالي والذي سبقه وفرة كبيرة بكثير من المحاصيل الزراعية أبرزها القمح والشعير"، مبيناً إن "إنتاج محصول القمح للموسم الماضي بلغ أكثر من 4.5 ملايين طن".

وأضاف أن "على الحكومة العراقية أن تثمن جهود الفلاحين والمزارعين بدفع مستحقاتهم لمحصولي الحنطة (القمح) والشعير للعام الماضي"، مشيراً إلى إن الحكومة لم تسلم الفلاحين سوى 50% من مستحقاتهم للعام الماضي، داعياً إياها إلى دفع ما تبقى من مستحقاتهم وتقديم الدعم اللازم للقطاع الزراعي والاعتماد عليه لدعم اقتصاد البلد أسوة بالبلدان الأخرى التي تعتمد على الزراعة بنسب كبيرة كونها لا تقل أهمية عن النفط وروافد الاقتصاد الأخرى".