تجري الحكومة الليبية تقييما لسوق العمل والاحتياجات الفعلية للوظائف فيه تمهيداً لانطلاق مرحلة إعادة إعمار ما دمرته الصراعات المسلحة على مدار سنوات ماضية، فيما تتوقع الحكومة المصرية تشغيل قرابة ثلاثة ملايين مصري في المشاريع المرتقبة، ليستحوذوا على معظم الفرص التي تقدرها طرابلس.
وقال عبد الناصر الرويمي، رئيس التفتيش العمالي في وزارة العمل والتأهيل في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، إن السوق الليبي سيستوعب نحو 3.5 ملايين عامل أجنبي في مشاريع إعادة الأعمار التي تحتاجها البلاد، مضيفا في حديث مع "العربي الجديد"، أنه يجري توحيد المؤسسات الحكومية، ومن ثم سيتم حصر العمالة الأجنبية في السوق حالياً لتقدير الاحتياجات الفعلية.
وأشار الرويمي إلى أن وزارة العمل لا تملك بيانات دقيقة حالياً بشأن العمالة الموجودة، لكن آخر رصد لوزارة العمل والتأهيل لفت إلى وجود نحو مليوني عامل أجنبي بنهاية العام الماضي، 2020.
ومنذ تدهور الوضع الأمني في البلاد بدءاً من عام 2011 وتدني الفعالية الإدارية للمؤسسات الحكومية، أصبح وضع العمالة الوافدة في ليبيا عرضة للخطر، ما جعلها تتركز في مناطق ومجالات أيضا دون غيرها، وفق وزارة العمل والتأهيل. وتؤكد تقارير متخصصة أن أكثر من 60% من العمالة الأجنبية في ليبيا غير قانونية، منها عمالة وافدة من دول الجوار.
وتأتي مساعي الحكومة لتنظيم سوق العمل في الوقت الذي تستعد فيه البلاد لانطلاق مرحلة إعادة الإعمار التي تقدر قيمتها بنحو 120 مليار دولار، فيما كانت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا)، قد قدرت الكلفة الإجمالية للصراع في ليبيا منذ اندلاعه قبل عشر سنوات بنحو 576 مليار دولار.
وجاءت التصريحات الليبية بشأن تنظيم سوق العمل عقب توقعات حكومية في مصر بتشغيل قرابة ثلاثة ملايين مصري في مشاريع إعادة الإعمار. إذ قال وزير القوى العاملة المصري محمد سعفان، في مقابلة مع فضائية "صدى البلد" المحلية، مساء الاثنين، إن ثلاثة ملايين عامل مصري سيعودون إلى ليبيا للمشاركة في إعادة إعمارها.
وذكر سعفان أن هذا الرقم يعادل حجم العمالة المصرية التي عادت من ليبيا إلى مصر خلال السنوات العشر الماضية، نتيجة معارك ضارية بين الفرقاء، عقب الإطاحة بنظام الرئيس السابق معمر القذافي.
وزير القوى العاملة المصري محمد سعفان: ثلاثة ملايين عامل مصري سيعودون إلى ليبيا للمشاركة في إعادة إعمارها
ومساء الإثنين، وصل وزير العمل والتأهيل الليبي علي العابد الرضا إلى القاهرة، يرافقه وفد من الحكومة الليبية لبحث التنسيق بخصوص مذكرة التفاهم حول تنظيم وتسهيل انتقال الأيدي العاملة الموقعة بين البلدين.
وبحسب بيان صادر عنه، قال سعفان خلال استقباله الوزير الليبي، إن وزارة القوى العاملة تتخذ حالياً إجراءات عودة مكتب التمثيل العمالي لليبيا، بعد غلقه في الفترة الأخيرة نتيجة الأحداث الأمنية.
وتابع :"عودة الطيران بين البلدين ستكون بمثابة العامل الأساسي لتسهيل عودة العمالة المصرية بشكل رسمي إلى الدولة الليبية، مع ضمان توفير الأمان الكامل للعاملين في مختلف القطاعات والحماية اللازمة".
والشهر الماضي، قال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، إن معدل البطالة في البلاد سجل 7.4% بنهاية الربع الأول من العام الجاري، بعدد 2.155 مليون متعطل عن العمل. وقبل اندلاع الثورة الليبية في فبراير/ شباط 2011، كانت ليبيا من أهم الوجهات للعمالة المصرية المهاجرة.
ولعدة سنوات، عانت ليبيا من صراع مسلح، بينما شهد البلد الغني بالنفط انفراجا سياسيا قبل أشهر، حيث تسلمت سلطة انتقالية منتخبة مهامها، في 16 مارس/ آذار الماضي، لقيادة البلاد إلى إجراء الانتخابات بنهاية 2021.
وقال علي صالح، الباحث المختص في شؤون سوق العمل، لـ"العربي الجديد"، إن السوق يحتاج إلى حصر وتنظيم العمالة الوافدة بشكل قانوني، مشيرا إلى أن المشاريع المرتقبة ستستوعب عمالة أجنبية من دول الجوار وغيرها.