بينما يتجه العالم للخروج من جائحة كورونا خلال العام الجاري يراهن المستثمرون على 4 سلع رئيسية لتحقيق انتعاش قياسي. فقد توقع محللو "وول ستريت"، أن يشهد العالم دورة انتعاش غير مسبوقة في أسعار السلع خلال الشهور المقبلة وأن تتمكن أربع سلع من تحقيق ارتفاعات قياسية تقارب مستوياتها في سنوات الازدهار الاقتصادي العالمي. وهذه السلع هي النفط والغاز الطبيعي والنحاس ومعدن الليثيوم.
ووفق توقعات مصرف "غولدمان ساكس" الاستثماري الأميركي، فإن الانتعاش في أسعار هذه السلع سيماثل ما حدث في بداية العقد الثاني الماضي.
وحسب مؤشرات سوق المال الأميركي التي تنشرها وكالة بلومبيرغ، ارتفع مؤشر أسعار أسهم السلع في سوق "وول ستريت" بنسبة 11% منذ بداية العام وحتى منتصف الشهر الجاري، كما ارتفعت بنسبة 40% منذ شهر مارس/ آذار الماضي.
على صعيد النفط، تراوحت التوقعات حالياً بارتفاع سعر خام القياس برنت بين 80 دولارا و100 دولار. ويرى محللون أن أسعار النفط والغاز الطبيعي ربما تصل إلى مستوياتها في العام 2014. في هذا الشأن، قال محلل الطاقة بشركة " بايبر ساندلر" في تعليقات لقناة " سي أن بي سي"، إن أسعار النفط ربما ترتفع إلى أعلى من 100 دولار للبرميل في فترة تراوح بين 6 و12 شهراً.
وعلل ذلك بالنمو الاقتصادي القوي في الاقتصادات الكبرى المستهلكة للنفط، وتوجه دول " أوبك+" لعدم زيادة المعروض النفطي حتى أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
في ذات الصدد، قالت مالكة شركة " لافار تانغلر" الأميركية، نانسي تانغلر، إن أسعار النفط ربما سترتفع إلى 80 دولاراً للبرميل في الصيف المقبل. ويلاحظ أن أسهم شركات النفط تواصل ارتفاعها المستمر في سوق المال الأميركي.
وكان مصرف "جي بي مورغان" قد أوصى زبائنه بشراء أسهم كل من شركة شيفرون وأكسون موبيل. وأشار المصرف الأميركي في توصيته، إلى أن الشركات النفطية خفضت كلف التشغيل خلال العام الماضي، بينما ارتفعت أسعار النفط خلال الأشهر الأولى من العام إلى مستويات تفوق توقعات المحللين. ويعني ذلك أن هذه الشركات ستتمتع بسيولة ضخمة لدى حساب سعر كلفة استخراج البرميل لديها والسعر الجاري حالياً.
ويعتقد محللون أن الشركات النفطية ربما تعود خلال العام الجاري لتحقيق ربحية في مستوى الربحية التي حققتها قبل جائحة كورونا. ويلاحظ أن عودة الدولار للارتفاع لم تؤثر حتى الآن على أسعار النفط، كما أن دورة انتعاش إنتاج النفط الصخري تتأخر خلافاً لما كان يحدث بدوات الانتعاش السابقة.
وفي ذات الصعيد، يرى مدير الخيارات المستقبلية بشركة "سمبلر تريدنغ" الأميركية، دانيال شايي، أن أسعار أسهم الشركات النفطية لن ترتفع فحسب، ولكنها ستكون الخيار الأفضل لدى المستثمرين للتحوط ضد التضخم.
على صعيد أسعار الغاز الطبيعي التي عادة ما ترتفع فوق معدلات ارتفاع أسعار النفط بسبب توجه حكومات الاقتصادات الكبرى نحو الطاقة النظيفة، لاحظت وكالة فيتش الأميركية للتصنيف الائتماني في تقرير يوم الأربعاء، ارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي المسال في آسيا في وقت تواجه فيه العديد من مشروعات الغاز المسال والناقلات صعوبات لوجستية.
كما لاحظت فيتش كذلك تراجع مخزونات الغاز الطبيعي في أوروبا إلى نسبة 34% مقارنة بمستوياتها البالغة 60% في بداية مارس/ آذار الجاري. وهو ما يعني أن مستوى السحب من مخزونات الغاز الطبيعي في أوروبا يتسارع.
من جانبها ترى نشرة " ناتشرال غاز إنتيليجنس" الأميركية، أن الطلب الآسيوي القوي على الغاز المسال يدعم ارتفاع الأسعار فوق مستوياتها الحالية، وفي ذات الصدد يقدر محلل الطاقة بشركة " أنيرجي أسبكت" الأميركية، جيمس واديل، تراجع مخزونات الغاز العالمية بنحو 24 مليار متر مكعب بنهاية شهر مارس/ آذار.
ويعتقد المحلل واديل، في تعليقات لنشرة ناتشرال غاز إنتيليجنس" أن جائحة كورونا رفعت مخزونات الدول خلال العام الماضي بسبب الإغلاق الاقتصادي الذي أدى إلى ضعف الاستخدام. وكانت أسعار الغاز الطبيعي قد ارتفعت إلى أكثر من 17 دولاراً لمليون وحدة طاقة حرارية بريطانية في شهر يناير/ كانون الثاني. ولكن عادة ما تشهد الأسعار تصحيحاً بسيطاً بعد نهاية فترة الشتاء.
من جهة السلعة الثالثة، وهي النحاس، يعتقد مدير الخيارات المستقبلية بشركة " سمبلر تريدنغ" الأميركية، دانيال شايي، أن أسعار النحاس ستحقق ارتفاعات كبرى في أعقاب فتح الاقتصادات بسبب النقص في المعروض من النحاس مقارنة بالطلب المرتفع.
وتضاعف سعر النحاس خلال الـ12 شهراً حتى منتصف الشهر الجاري ليبلغ 9 آلاف دولار، مقترباً بذلك من سعره في العام 2011. أما بالنسبة لمعدن الليثيوم الذي يستخدم بكثافة في البطاريات، فإن انتعاش سوق السيارات التي تستخدم الكهرباء في الطاقة سيكون السبب الرئيسي وراء انتعاشه وارتفاع أسعاره لمستويات قياسية.