كشف مصدر مطلع، عن أن الحكومة المغربية عرضت على الاتحاد العام لمقاولات المغرب (تجمع رجال الأعمال) زيادة الحد الدنى للأجور في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات من 2570 درهما (267 دولارا) إلى 2827 درهما (295 دولارا) شهريا، بزيادة تبلغ نسبتها 10 في المائة، وذلك رغم تحفظ الاتحاد على هذه الزيادة.
وأشار المصدر في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن زيادة الأجور موزعة على مرحلتين، وفق العرض الحكومي، موضحا أنه سيجري رفع الحد الأدنى بنسبة 5 في المائة في يونيو/حزيران المقبل و5 في المائة بعد نحو عام، لينتقل من 13.46 درهما لساعة العمل الواحدة، إلى 14.80 درهما.
وينتظر التوقيع على اتفاق الزيادة مع الاتحاد العام للمقاولات، قبل حلول مايو/أيار المقبل، وفق المصدر، مشيرا إلى أن هذه الزيادة موجهة للعمال الذي يشتغلون 191 ساعة قانونية في الشهر الواحد.
وكان رجال الأعمال، قد طالبوا بأن تتم زيادة الأجور عبر إعادة النظر في الضريبة على الدخل، وذلك عبر خفضها من أجل توفير موارد مالية تكمنهم من تطبيق هذه الزيادة، معتبرين في مناسبات عدة أن زيادة الأجور "ستنال من تنافسيتهم".
غير أن رضوان الطويل، الخبير الاقتصادي المغربي، قال لـ"العربي الجديد" إن "سعي الشركات للدفاع عن تنافسيتها عبر الأجور المنخفضة، لا يعدو أن يكون سلوكا للشركات الأقل إنتاجية للتغطية على ضعفها".
وترجع آخر زيادة في الحد الأدنى للأجر إلى عام 2014، إذ كانت الحكومة قد قررت، دون موافقة رجال الأعمال، رفع ذلك الأجر بنسبة 10 في المائة في مرحلتين في يوليو/تموز 2014 ونفس الشهر من العام 2015.
وتظهر البيانات الرسمية أن الحد الأدنى للأجور في الصناعة والتجارة في القطاع الخاص، دون مستوى الأجور في الوظائف الحكومية، التي وصلت إلى 310 دولارات في الشهر منذ 2014.
ويدفع القطاع الخاص بأن الحد الدنى للأجور مرتفع مقارنة بدول مثل مصر والجزائر وتونس، إلا أن مسؤولين في اتحادات عمالية يرون أن الحد الأدنى للأجور في المغرب لا يساعد على مواجهة الأعباء المعيشية المتزايدة.
ولن تقتصر الزيادة المرتقبة للحد الأدنى للأجور على العاملين في الصناعة والتجارة والخدمات، بل شملت الحد الأدنى للأجور في القطاع الزراعي، الذي يوفر 40 في المائة من فرص العمل بالمغرب.
غير أن الحد الأدنى للأجور في القطاع الزراعي، ما زال دون المستوى الذي بلغه في الأعوام الأخيرة في الصناعة والتجارة والخدمات، فالعامل الزراعي يتلقى حوالي 7.2 دولارات في اليوم، حيث يصل أجره الشهري إلى 187 دولارا، وينتظر أن يفوق 200 دولار بعد الزيادة المقترحة من قبل الحكومة.
وقال محمد الهاكش، الرئيس السابق للاتحاد الوطني الفلاحي، في تصريح لـ"العربي الجديد" إنه يفترض التوجه نحو توحيد الحد الأدنى للأجور في القطاع الفلاحي مع قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات.
وكانت الاتحادات العمالية قد اتفقت مع الحكومة في 26 إبريل/نيسان الماضي، على توحيد الحد الأدنى في القطاع الزراعي والصناعة والتجارة والخدمات، غير أن ذلك الاتفاق لم يترجم على أرض الواقع.
ويواجه توحيد الأدنى للأجور بمعارضة المستثمرين الزراعيين، الذين يعتبرون أنهم لم يستشاروا حين إبرام الاتفاق بين الحكومة والاتحادات العمالية، كما أنهم ينادون بمراعاة خصوصية القطاع الزراعي.
ويحاول المستثمرون الزراعيون تفادي توحيد الحد الأدنى للأجور، حيث يعولون على الحفاظ على تنافسيتهم في السوق، خاصة عند التصدير، عبر الأجور المنخفضة.
ويأتي العرض الحكومي بزيادة الأجور في الوقت الذي يظهر مسح رسمي تشاؤم الأسر بسبب تراجع قدراتها المالية وضعف ادخارها وتخوفها من توسع دائرة البطالة.
فقد أشارت 43.2 في المائة من الأسر المغربية، في بحث حول معنويات الأسر أصدرته المندوبية السامية للتخطيط، في وقت سابق من إبريل/نيسان الجاري، إلى أن مستوى المعيشة تراجع في الـ 12 شهراً الماضية، بينما تترقب 26.5 في المائة من الأسر أن يستمر تدهور وضعها المعيشي في الأشهر الاثني عشر المقبلة.
وصرحت 63.6 في المائة من الأسر بأن إيراداتها غطت مصاريفها خلال الربع الأول من العام الحالي، بينما 32.6 في المائة من الأسر استنزفت مدخراتها أو لجأت إلى الاقتراض، علما أن الأسر التي تمكنت من ادخار جزء من عائداتها لم تتجاوز 3.8 في المائة.
وتترقب 81.5 في المائة من الأسر تراجع قدرتها على الادخار في الاثني عشر شهراً المقبلة، بينما تتوقع 18.5 في المائة تحسنه.