لا يزال حجم التبادل التجاري بين سورية وإيران منخفضاً، لا يعكس حجم علاقات التحالف بين الطرفين، حيث كشف المدير العام للشؤون العربية والأفريقية في منظمة تنمية التجارة الإيرانية، فرزاد بيلتن، عن أن حجم التجارة الثنائية بين البلدين وصل خلال الأشهر السبعة الأخيرة إلى 83 مليون دولار.
وقال المسؤول الإيراني لوكالة فارس الإيرانية إن 73 مليون دولار من المبلغ، قيمة الصادرات الإيرانية إلى سورية، والـ 10 ملايين دولار الباقية هي قيمة الواردات الإيرانية من سورية. وكانت وكالة فارس قد أفادت قبل فترة في تقرير بأن الحكومة والقطاع الخاص في إيران "لا يبديان جدية" في المشاركة في إعادة إعمار سورية.
وتظهر البيانات الإيرانية تراجعا كبيراً بنسبة تفوق 600% في الصادرات الإيرانية إلى سورية، مقارنةً بما كان عليه قبل نشوء الأزمة السورية عام 2011، حيث كانت تصل قيمتها إلى 550 مليون دولار. علماً بأن المبادلات التجارية بين البدلين كانت تقدَّر بنحو مليار دولار قبل الأزمة.
ولا يقارن حجم العلاقات التجارية بين إيران والنظام السوري بعلاقات التحالف السياسي والعسكري، التي تجمع بين الطرفين، حيث إن المبادلات التجارية الثنائية لا تكاد تُذكر على الرغم من حجم الإنفاق الإيراني الكبير لدعم النظام السوري، الذي يُقدر بما يراوح بين 20 و30 مليار دولار، وفق ما كشف عن ذلك عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية البرلمانية في إيران، حشمت الله فلاحت بيشه، يوم 20 مايو/ أيار 2020 لموقع "اعتماد أونلاين" الإصلاحي الإيراني.
وتشير البيانات الاقتصادية الإيرانية إلى أن إيران ليست من ضمن الشركاء التجاريين الرئيسيين للنظام السوري، على الرغم من هذا الإنفاق الكبير، وهو ما تعترف به طهران، معتبرة أن العلاقات الاقتصادية هي "الحلقة المفقودة" في العلاقات الثنائية، بحسب ما نشرته صحيفة "شرق" الإصلاحية عن رئيس لجنة تنمية العلاقات الاقتصادية الإيرانية مع العراق وسورية، حسن دانائي فرد، يوم السادس من أكتوبر/ تشرين الأول 2019.
ووفقاً لتقرير لصحيفة "جوان" المحافظة والمقربة من "الحرس الثوري" الإيراني، نشرته يوم 22 يناير/ كانون الثاني 2019، تشكل إيران فقط 3% من حجم التجارة الخارجية للنظام السوري. وتابع "العربي الجديد" انتقادات بين أوساط إيرانية، خلال السنوات الأخيرة، بسبب عدم وجود مردود اقتصادي للنفوذ الإيراني في سورية.
وثمة عوامل ومشاكل أدت إلى تراجع التبادل التجاري بين طهران ودمشق،كذلك فإنها تحول دون تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الطرفين. وتتمثل أهم هذه العوامل، في "مشاكل النقل البري بين إيران والعراق وسورية، والمبادلات المصرفية، وعدم تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، وانعدام معلومات ميدانية كافية عن الظروف والأوضاع الاقتصادية والتجارية في سورية، وانعدام الأمن"، وفقاً لتصريحات رئيس الغرفة التجارية المشتركة، كيوان كاشفي، نشرتها وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية يوم 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019.
وأضافت صحيفة "دنياي اقتصاد" الإصلاحية الإيرانية، يوم 1 ديسمبر/ كانون الأول 2018، إلى تلك العوامل، أسباباً أخرى مثل "عدم إمكانية التحويلات المالية، والتكاليف الباهظة للنقل، وعدم وجود خط ائتماني مناسب".
يشار إلى أن التواصل المصرفي بين طهران ودمشق انقطع بعد اندلاع الأزمة السورية، كما يقول المدير التنفيذي لشركة "همراهان بيشرو تجارت" الإيرانية، لوكالة "إرنا"، يوم الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول 2018، معرباً عن أمله في أن يُفتح فرع لواحد من البنوك الإيرانية في دمشق. ويأتي التراجع المستمر في العلاقات التجارية بين طهران ودمشق في وقت تعتبر فيه الحكومة الإيرانية اليوم أن إعادة إعمار سورية "فرصة جيدة"، وفق قول رئيس لجنة تنمية العلاقات الاقتصادية الإيرانية مع العراق وسورية، حسن دانائي فر، لصحيفة "شرق" في التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي.
إلا أن ثمة مخاوف من أن تخرج أطراف أخرى إيران من هذا السوق الرابح، حيث أضاف دانائي فر، أن "المنافسين الروس والصينيين يمكن أن يأخذوا هذا السوق من إيران، لذلك يجب أن يكون هناك حذر كافٍ".